إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٢٥
الحايض باطلة وعن الثاني إنه ممتنع بهذا المنع وإنما المحال منع الممتنع بغير هذا المنع كالحاصل يمتنع تحصيله إذا كان بغير هذا التحصيل انتهى فأحسن تأمله و ثالثا إن قياس ما نحن فيه بالبيع وقت النداء قياس مع الفارق لأن جهالة الثمن المقتضي لفساد البيع ليس مجاور البيع بل هو وصف بما ناعت لما دخل في مفهومه وهو ظاهر وتوجيه صاحب الكفاية ههنا لا يرجع إلى كفاية ورابعا إن قوله إنما لا يثبت الملك قبل القبض كيلا يؤدي إلى تقرير الفساد المجاور آه رد على الشافعي حيث قال إن النهي نسخ للمشروعية للتضاد ولهذا إلا يفيده قبل القبض وصار كما إذا باع بالميتة أو باع الخمر بالدراهم ونحن معاشر الإمامية لم نحتج في إبطال قول أبي حنيفة إلى هذه المقدمة التي ذكرها الشافعي فلا يلزمنا الجواب عنها وإنما اللازم ذلك للناصب الذي قلد الشافعي ودان بإمامته ثم لا يخفى أن ابن حزم نسب مثل فتوى أبي حنيفة في ذلك إلى مالك حيث قال قال أبو حنيفة من باع بيعا فاسدا فقبضه المشتري فقد ملكه ملكا فاسدا وأجاز عتقه فيه وقال مالك إن من البيوع الفاسدة بيوعا يفسخ إلا أن يطول الأمر أو يتغير الأسواق فتصح ح ثم قال وهذان قولان لا خفاء بفسادهما على من تصح نفسه أما قول أبي حنيفة فقد ملكه ملكا فاسدا فكلام في غاية الفاسدة وما علم أحد قط في دين الله تعالى ملكا فاسدا إنما هو ملك فهو صحيح أولا ملك فليس صحيحا وما عدا هذا فلا يعقل وإذا أقروا إن الملك فاسد فقد قال الله تعالى والله لا يحب الفساد فلا يحل لأحد أن يحكم بإنفاذ ما لا يحب الله عز وجل وقال الله تعالى إن الله لا يحب عمل المفسدين فمن أجاز شيئا نص الله تعالى على أنه لا يصلحه فقد عارض الله تعالى في حكمه وهذا عظيم جدا واحتج بعضهم بأن البايع سلطه عليه ويرد بأنه ليس لأحد أن يسلط غيره على شئ من ماله ما لم يأذن الله تعالى فيه فليجيزوا على هذا أن يسلطه على وطي أم ولده وأمته وهذه ملاعب وضلال لا خفاء به وأما قول مالك فأول ما يق لمن قلده حدوا لنا المدة التي إذا مضت صح البيع الفاسد عندكم بمضيها وإلا فقد ضللتم وأضللتم وحدوا لنا تغيروا الأسواق الذي أبحتم به المحرمات فإن زيادة نصف درهم وحبة ونقصان ذلك تغير أسواق بلا شك فإن أجازوا صحة الفاسد بهذا المقدار فقد صح كل بيع فاسد لأنه لا بد من تقلب القيم بمثل هذا وشبهه في كل يوم ثم نسئلهم الدليل على ما قالوه من ذلك ولا سبيل إليه لا من قرآن ولا سنة ولا رواية سقيمة ولا قول أحد يعرف قبله ولا قياس ولا رأي له وجه بل هو إباحة كل المال بالباطل فإن قالوا حكمنا بذلك حيث ظننا أنه مباح ولم نقطع بذلك قلنا قد حرم الله ورسوله ص هذا عليكم قال تعالى إن تتبعون إلا الظن أن الظن لا يغني من الحق شيئا وذم قوما حكموا فيما ظنوه ولم يستيقنوه وقال رسول الله ص إياكم والظن فإن الظن لكذب الحديث والفرض على من ظن ولم يستيقن أن يمسك فلا يحكم ولا يشرع فيما لا يقين عنده فيه وليقل كما قالت الملائكة لا علم لنا إلا ما علمتنا وما عدا هذا فضلال نعوذ بالله قال تعالى فماذا بعد الحق إلا الضلال هذا ومن العجب أن الحنفية استدلوا على مطلوبهم الفاسد بالآية التي استدل بها المص على خلافه فقالوا إن الله تعالى أباح الأكل بعد التراضي وإن هذا دليل على صحة الملك بالعقد وأجاب عنه ابن حزم بأن الذي أتانا بهذه الآية هو الذي من عنده ندري ما هي التجارة المباحة لنا وما هو التراضي الناقل للملك ولولاه لم نعرف شيئا من ذلك وهو الذي أخبرنا أن العقد ليس بيعا ولا هو تجارة ولا هو تراضيا ولا ينفك ينقل ملك إلا حتى يستضيف إليه التفرق عن موضعها أو التخير فهذا هو البيع والتجارة والتراضي لا ما ظنه أهل الجهل بآرائهم بالدعوى الفاسدة بلا برهان قال واحتجوا بقال الله تعالى أوفوا بالعقود وهذا حق إلا أن الذي أمرنا بهذا على لسان نبيه هو عز وجل الأمر لرسوله أن يخبرنا أنه لا يصح هذا العقد ولا يتم ولا يكون عقدا إلا بالتفرق من موضعها أو بأن يخير أحدهما بعد 7 الآخر بعد التعاقد وإلا فلا يلزم الوفاء بذلك العقد وهم مجمعون معنا على أنه لا يلزم أحد الوفاء بكل عقد بل أكثر العقود حرام الوفاء بها كمن عقد على نفسه أن يزني أو يشرب الحمز نعم وأكثر العقود لا يلزم الوفاء بها عندهم وعندنا كمن عقد أن يشتري أو أن يبيع أو أن يغني أو أن يزفن أو أن ينشد شعرا فصح يقينا أنه لا يلزم الوفاء بعقد أصلا لا عقد أتى النص بالوفاء به باسمه وعينه وهم يقولون يعني الحنفيين أن من بايع شيئا آخر غايبا وتعاقدا إسقاط خيار للرؤية أنه عقد لا يلزم والمالكيون يقولون من اتباع ثمرة واشترط أن لا يقوم بجايحة وعقد ذلك على نفسه فإنه عقد لا يلزمه فأين احتجاجهم بقوله تعالى أوفوا بالعقود ولعمري إن الحياء قليل في وجه من احتج بهذه الآية ثم قال بعد ذكر شطر آخر من شبهات الحنفية ولولا أن القوم مستكثرون من الباطل والخديعة في الإسلام لمن اغتر بهم لم يخف عليهم التطويل في ذلك بلا طائل انتهى والسلام على من اتبع الهدى قال المص رفع الله درجته يط ذهبت الإمامية إلى جواز بيع دود القز والنحل المعلوم بالمشاهدة إذا حبس بعد مشاهدته بحيث لا يمكنه الطيران وقال أبو حنيفة لا يجوز بيعهما وقد خالف العقل والنقل أما العقل فلأنها ما ينتفع به معلوم مقدور على تسليمه فصحت المعارضة عليه كغيره وأما النقل فقوله تعالى وأحل الله البيع انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه يجوز بيع الفيلج وهو القز وفي باطنه الدود الحي أو الميت ولا يجوز بيع بزر القز لأنه بخس غير منتفع به ومذهب أبي حنيفة أنه لا يجوز بيع النحل وقال محمد يجوز إذا كان محرزا وهو قول الشافعي لأنه حيوان منتفع به حقيقة وشرعا فيجوز بيعه وإن كان لا يؤكل كالبغل والحمار ودليل أبي حنيفة أنه من الهوام فلا يجوز بيعه كالزنابير والانتفاع بما يخرج منه لا بعينه فلا يكون منتفعا به قبل الخروج حتى لو باع كوارة فيها عسل بما فيها من النحل يجوز تبعا له وعند أبي حنيفة أنه لا يجوز بيع دود القز لأنه من الهوام وعند أبي يوسف يجوز إذا ظهر فيه القز تبعا له وعند محمد يجوز كيف ما كان لكونه منتفعا به فظهر أن أبا حنيفة يمنع بيعه لكونه من الهوام فلا يدخل في البيع الحلال انتهى وأقول الجواب المنع من عدم الانتفاع في كلا لآمرين أما النحل فلأنها يخرج من بطونها شراب فيه منافع للناس فصارت كبهيمة الأنعام وأما دود القز فلأن النفع بها ظاهر وهو ما يخرج منها كالبهايم التي لا ينتفع بها بشئ غير النتاج بخلاف الحشرات التي لا نفع منها البتة فإن هذه يخرج منها الحرير وهو أفخر الملابس وكذا الكلام في بزره وبالجملة لا دليل على حرمة بيع الهوام مط وقياسه على
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»