إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٣١
أصل له في الشرع يشهد له بالاعتبار فيكون إثباتا للحكم بالتحكم ثم هو ثابت فيمن له دون هذا السن فإن المرأة تكون جدة لإحدى وعشرين انتهى قال المصنف رفع الله درجته ى ذهبت الإمامية إلى أنه إذا بلغت المرأة رشيدة دفع إليها مالها وإن لم يكن لها زوج وليس لزوجها لو كان معها اعتراض وقال أبو حنيفة إن لم يكن لها زوج لم يدفع إليها مالها وإن كان لها زوج دفع إليها لكن لا يجوز لها أن ينصرف فيما لا بإذن زوجها وقد خالف قوله تعالى فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم والعجب أنه أعطى السفيه ومنع الرشيدة انتهى قال الناصب خفضه الله أقول هذه المسألة ما رأينا في كتبهم وما لنا به علم ولعله من مفترياته وإن صح فلعله للأمر بطاعة المرأة للزوج في كل شئ انتهى وأقول لم يذكر في الوقاية والينابيع مذهب أبي حنيفة حكم المرأة الرشيدة أصلا وإنما الذي نسبه المص إليه قد نسب مثله في الينابيع إلى مالك وأحمد فقال ومذهبه لا يدفع إليها حتى تنكح ولداه في رواية حتى تلد أو تقيم سنة مع الزوج لنا عموم قوله فإن آنستم منهم الآية انتهى فالظاهر أن الناصب بدل مالكا بأبي حنيفية تطرقا إلى التشيع أو وقع التبديل سهوا من فلم الناسخ يدل على ذلك كلام المص قدس سره في التذكرة حيث قال وقال مالك لا يدفع إليها مالها حتى تتزوج ويدخل عليها زوجها فإذ أنكحت دفع إليها مالها بإذن الزوج ولا ينفذ تبرعها بما زاد على الثلث إلا بإذن الزوج ما لم تصر عجوز الآن كل حالة جاز للأب تزويجها فيها من غير إذنها لم ينفك عنه الحجر كالصغير فإذا كان للأب إجبارها على النكاح بل متى بلغت رشيدة كان أمرها في النكاح وغيرها إليها ما سيأتي إن شاء الله تعالى سلمنا لكن الفرق ظاهر فإن مصلحتها في النكاح لا تقدر على معرفتها إلا بمباشرة الأب أو بمباشرتها بعد وقوعه وبالجملة فإن للأب إجبارها على النكاح لأن اختيارها لا يمكن بالنكاح بخلاف المعاملات من البيع والشراء وغيرهم فإنه يمكن معرفته ومباشرته قبل النكاح وبعده انتهى والملخص إنه إن لم ير الناصب نسبة ذلك إلى أبي حنيفة فقد رآه منسوبا إلى مالك وأحمد وهم كالحلقة المفرغة كما اعترف به في خاعة كلامه للمباحث الكلامية فالإنكار بارد والتوجيه أبرد والموجه أبرد من الكل والكل ظاهر على أن عدم وجدان الناصب ذلك فيما وصل إليه من كتب الحنفية لا يدل على صدور ذلك القول منه كيف وقد وقع منهم الاعتراف بأن جميع الأقوال المختلفة المنتشرة في ساير المذاهب مجتمعة في مذهب أبي حنيفة فقد نقل صاحب طبقات الحنفية عند بيان حال أبي بكر بن مسعود بن أحمد الكاشاني إلى دمشق حضر إليه الفقهاء وطلبوا منه الكلام معهم في مسألة فقال لا أتكلم إلا في مسألة فيها خلاف أصحابنا فعينوا مسائل كثيرة فجعل كلما ذكروا مسألة يقول ذلك ذهب إليه من أصحابنا فلان وفلان لم يزل كك حتى لم يجدوا مسألة إلا وقد ذهب إليه واحد من أصحاب أبي حنيفة فانقض المجلس على ذلك انتهى وذكر في الفصل السادس عشر من الفضول العمادية في فقه الحنفية أنه نقل عن أبي يوسف إنه كان يقول كل قول قلناه بخلاف قول أبي حنيفة لم ننقله من عند أنفسنا إنما كان قولا قاله أولا ثم انتقل عنه ولم نفهمه انتهى قال المص رفع الله درجته يا ذهبت الإمامية إلى أن الصبي إذا بلغ رشيدا يدفع إليه ماله ثم إن بذر وضيع في المعاصي حجر عليه وقال أبو حنيفة لا يحجر عليه وتصرفه نافذ في ماله وهو خلاف قوله تعالى فإن كان الذي عليه الحق سفيها أمي مبذرا أو ضعيفا أي صغيرا أو كبيرا أو لا يستطيع أن يمل هوى مغلوبا على عقله وقوله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم وقال الله تعالى إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ذم المبذرين فوجب المنع منه وإنما يمنع بالمنع من التصرف وقال ع اقبضوا على أيدي سفهاءكم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن موجب الحجر في السفيه إلقاء المال في الضياعات واحتمال الغبن الفاحش في المعاملات وبذل المال في المحرمات فإذا بلغ رشيدا بمعنى أنه صاحب صلاح الدين والدنيا انفك عنه الحجر ويدفع إليه أمواله فإذا ظهر بعد انفكاك الحجر عنه شئ من الأول والثاني فيعاد عليه الحجر وإن ظهر الأمر الثالث وهو الفسق لا يعاد عليه الحجر لعدم الجزم بالسفه لأن الباعث على صرف المال في المحرمات قد يكون داعية الشهوة واللذة لا لسفه فلا يعاد عليه الحجر ومذهب أبي حنيفة أنه لا حجر على أفعال الجوارح في السفيه بل الحجر عنده على مفتي ماجن وطبيب جاهل ومكاري مفلس والنصوص لا تدل على وجوب الحجر والمنع من التصرف بل تدل على وجوب المنع عن التبذير انتهى وأقول إذا اعترف الناصب بدلالة النصوص على وجوب المنع من التبذير تم كلام المص على أبي حنيفة لأن المنع عن التبذير إنما يؤثر بالمنع من التصرف كما ذكره المص سابقا فيلزم دلالة النصوص على وجوب منعه من التصرفات وأما الحديث فهو نص صريح في ذلك كما لا يخفى ففيما ذكره الناصب اغماض عن مقدمات المص وإعادة لأصل فتوى أبي حنيفة بلا طائل هذا وقد استدل المص في التذكرة على ما اختاره بإجماع الصحابة وقد وافق الشافعي في نقل هذا الاجماع أيضا وبان التبذير لو قارن البلوغ منع من دفع المال فإذا حدث أوجب انتزاع المال كالجنون وبان المقتضى للحجر عليه أولا حفظ المال لأن الصبي وإن لم يتلف المال فإنه غير مأمون عليه لإمكان صدور الاتلاف عنه فإذا كان الاتلاف صادرا عنه حقيقة كان الحجر عليه أولى ثم قال قال أبو حنيفة وزفر لا يحجر عليه وتصرفه نافذ لأنه حر مكلف فلا يحجر عليه كالرشيد ولأنه يصح طلاقه فيصح عقوده كالرشيد ثم أجاب بأن القياس باطل لأن الرشيد حافظ لما له فدفع إليه بخلاف السفيه والطلاق ليس إتلاف مال ولا يتضمنه فلم يمنع منه ولهذا يملكه العد دون التصرف في المال بغير إذن سيده انتهى قال المص رفع الله درجته يب ذهبت الإمامية إلى جواز الصلح على الاقرار والإنكار وقال الشافعي لا يجوز على الانكار وقد خالف قوله تعالى والصلح خير وقوله الصلح جايز بين المسلمين وهو عام فيهما انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه لا يجوز الصلح على الانكار لأن الصلح لرفع التنازع فما دام على الانكار لا يرتفع النزاع فالصلح على الانكار حقيقة ليس صلحا فلا يدخل في عموم قوله تعالى والصلح خير وكذا الصلح في الحديث انتهى وأقول ما ذكر الناصب من أنه ما دام على الانكار لا يرتفع النزاع غير مسلم فإن المدعي إذا كان كاذبا مثلا فصاحبه المنكر فرارا من توجه اليمين عليه يرتفع التنازع بينهما شرعا في الظاهر والإنكار والنزاع الباطني لا ينافي كون الصلح خير الظهور إن ما به يرتفع أحد قسم الانكار والنزاع خير من أن لا يرتفع شئ منهما به وتفصيل الكلام في هذا المقام أن ما ذكره الناصب في وجه ما ذهب إليه الشافعي في هذه المسألة
(٤٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 ... » »»