قرده أبو موسى وقد عرفت فساده قال المص رفع الله درجته ج ذهبت الإمامية إلى أن الرهن غير مضمون في يد المرتهن وقال أبو حنيفة إنه مضمون وقد خالف قول النبي ص لا يغلق الراهن الرهن لصاحبه له غنمه وعليه غرمه ومعنى لا يغلق أي لا يملكه المرتهن وقال ص الخراج بالضمان وخراجه للراهن إجماعا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن يد المرتهن يد أمانة فلا تضمين بلا تقصير ولا يسقط بتلفه شئ من الدين ولو بعد الانفكاك إلا إذا امتنع من الرد بعد المطالبة وعند أبي حنيفة أن يده يد العارية فوجب الضمان والحديث لا يكون حجة عليه لأنه يمنع الراهن من التصرف فلا يكون العزم عليه وكذا الضمان لأنه عنده مم من الخراج كما سبق انتهى وأقول الذي استدل به أبو حنيفة على ما ذهب إليه في هذه المسألة إنما هو حديث مذكور في كتب أصحابه يدل على خلاف مدعاه كما ذكره ابن حزم أيضا ولا مستند له غير ذلك وهو ما رواه عطا عن عمر بن الخطاب إن رجلا رهز فرسا فتلف عن المرتهن فجاء إلى النبي ص فأخبره بذلك فقال ذهب حقك وأجاب عنه المص في التذكرة بأنه مرسل قال الدارقطني يرويه إسماعيل بن أمية وكان كذابا وقيل يرويه مصعب بن ثابت وكان ضعيفا ويحتمل أنه أراد ذهب حقك من الوثيقة بدليل أنه لم يسئل عن قدر الدين وقيمة الفرس انتهى وأما ما اخترعه الناصب له واستدل به من قبله فهو مما لا يرضى به أبو حنيفة وأصحابه فإن المنسوب إليهم في الوقاية ومختصره ومروحهما اتفاقهم على أنه لا يضمن العارية بلا تعد من المستعير إن هلكت العارية ولو بشرط الضمان على أن ما ذكره رد صريح على الحديث الصحيح الذي ذكره المص فإن الحديث صريح في أن الغنم والغرم على الراهن وهذا الناصب استدل على خلافه بأن المرتهن يمنع الراهن عن التصرف فلا يكون العزم على الراهن ثم الحديث الآخر مع الاجماع صريحان في أن خراج الأرض المرهونة على الراهن والناصب يرده بأن الراهن عند أبي حنيفة ممنوع من الخراج وإذا آل الحال إلى المجاهرة بأمثال هذا المقال فجوابه الشتم واللعن والنكال وجزائه السلاسل والأغلال وقد ظهر بما ذكرنا أن ما أشار إليه سابقا من أن العارية مضمونة عند أبي حنيفة وما ذكره آخرا من أن الراهن مم من الخراج عنده من جملة عندياته المعدودة في الهزليات فإنا لانم أن العارية مضمونه مط وإنما تكون مضمونة إن تلفت بتعدي المستعبر كما مر قال المص رفع الله درجته د ذهبت الإمامية إلى أن منتفعة الرهن للراهن مثل سكنى الدار وخدمة العبد وركوب الدابة وزراعة الأرض والثمرة والصوف والولد واللبن وقال أبو حنيفة منفعة الرهن المتصل لا يحصل للراهن ولا للمرتهن والنماء المنفصل يدخل في الرهن وقال مالك يدخل الولد ولا يدخل المثر لأن الولد يشبه الأصل بخلاف الثمرة وقد خالفا في ذلك العقل والنقل أما العقل فإنه يمنع من تعطيل المنافع المباحة وأما النقل فقوله ع الرهن محلوب ومركوب فأثبت الراهن منفعة الحلب والركوب وقوله ع له غنمه وعليه غرمه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن المنافع المتصلة والمنفصلة ملك الراهن وأما ما نسب إلى أبي حنيفة من مخالفة المعقول فلا يلزمه لأن النماء المتصل لا ينفك والنماء المنفصل في حكم الأصل ويتعدى إليه الرهن وكذا لا يلزم مخالفة الحديث لما ذكرنا قبل وكذا مالك لأنه ليس في قوله تعطيل المنافع ولا مخالفة للنص كما بينا انتهى وأقول ما ذكره من قبل أبي حنيفة أولا وهو أن النماء المتصل لا ينفك مردود بأن عدم الانفكاك لا يستلزم كون النفع لغير الراهن وهو ظاهر وكذا قوله والنماء المنفصل في حكم الأصل فيتعدى إليه الرهن مردود بأنه لو سلم كونه في حكم الأصل و تعدى الرهن إليه فلا يلزم من ذلك أيضا أن يكون ذلك لغير الراهن وأعجب من هذا ما نقله ابن حزم حيث قال إن أبا حنيفة وأصحابه منعوا من مواجرة الرهن ومن أن ينتفع به الراهن والمرتهن ثم تناقضوا من قريب فأباحوا للراهن أن يستعير من المرتهن وأن يعيره إياه المرتهن ولم يروه بذلك خارجا من الرهن ثم قال وهذا قول في غاية الفساد وبتعرية من البرهان ولأننا لا نعلم أحدا قال به قبله انتهى وأما إنكار الناصب لاشتمال قول الرجلين على تعطيل المنافع فمكابرة صريحة لا يخفى على من تأمل في كلامهما أدنى تأمل هذا واعترض بعضهم بأنه إذا كانت المنافع للراهن كما كانت فأي فايدة للرهن و أجيب بأن الفايدة عظيمة أما في الآخرة فأجر العمل بما أمر الله تعالى به وأما في الدنيا فلأن الراهن إن مطل بالأنصاف بيع الرهن ويعجل المرتهن الأنصاف من حقه فأي فايدة تريدون أكثر من هذه الفائدة قال المص رفع الله درجته ه ذهبت الإمامية إلى سماع البينة في الأعشار وقال مالك لا يجوز وإن كان الشهود من أهل الخبرة وقد خالف مقتضى قوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وإنما يحكم بالإعسار بالشهادة كغيره من الحقوق انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي جواز سماع البينة على الاعسار وإن صح ذهاب مالك إلى عدم جواز الشهادة فلأنه لم يمكن الاطلاع عليه عنده فلا يسمع الشهادة عليه والاستدلال بالآية لا مناسبة له بالمدعي فإن الكلام في ثبوت الاعسار ويمكن ثبوته بإقرار المدعي انتهى وأقول إن ما افتراه الناصب على مالك من أنه نفي إمكان الاطلاع على الاعسار أبلغ في المكابرة من أصل فتوى المالك كما لا يخفى على من له صدق تأمل ثم مناسبة الآية التي استدل بها المص ظاهرة لأنها مقدمة لبيان اعتبار دعوى الاعسار شرعا وعليه يتفرع ما ذكره المص من أن الاعسار يثبت بالشهادة و إنما الذي لا يناسب استدلال الناصب على عدم مناسبة الآية لمدعي المص بقوله فإن الكلام في ثبوت الاعسار آه نعم ما ذكره يمكن أن يورد مناقشة على الحصر المفهوم من كلام المص حيث قال وإنما يحكم بالإعسار بالشهادة ودفعها ظاهر لأن الحصر في كلام المص متعلق بالإعسار الذي لا يقر المدعى به كما هو مقتضى فرض المسألة فلا يبقى هناك احتمال ثبوت الاعسار بالإقرار حتى يختل الحصر والانحصار قال المص رفع الله درجته وذهبت الإمامية إلى أنه إذا ثبت بالبينة إعساره حكم به الحاكم في الحال وأطلقه وقال أبو حنيفة يحبس شهرين وقد خالف قوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظره إلى ميسرة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول حبس الشهرين لزيادة التثبت ولأن الناس يعلمون أنه مفلس ويشتهر بينهم بالإفلاس لئلا يعاملوه والآية تدل على عدم المطالبة لا على عدم التشهير فلا يكون حجة عليه انتهى وأقول الأصل عدم زيادة التكليف على ما حكم الله تعالى وبه ما استحسنه رأي
(٤٢٩)