إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٢٨
في سعر الأقوات بيعها بأقل من المتعارف في السوق فليس بمضر بل نافع كما مروان أراد أنه مظنة الاختلاف ببيعها بالأكثر فعلى تقدير تسليم فساده قد جوزه مالك كما مر فثبت عليه وعلى الناصب مخالفته للعقل والنقل كما أفاده المص قدس سره هذا وأعجب مما ذكره المص ههنا من فتوى مالك ما نقله ابن حزم عن أصحاب مالك وهو أن من اتباع سلعة في السوق يجبر على أن يشركوه فيها أهل تلك السوق قال وما نعلم أحد أقاله غيرهم وهو ظلم ظاهر ويبطله قوله تعالى إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم فلم يتراض البايع إلا مع هذا المبتاع لا مع غيره فالحكم به لغيره أكل مال بالباطل بلا دليل أصلا انتهى وأقول لكن مالك معذور في هذا الفتوى لأنه قلد فيها فعل عمر بن الخطاب كما رواه ابن حزم أيضا وصاحب الحاوي الكبير من الشافعية من أن عمر مر بحاطب بن بلتعة وهو يبيع زبيبا بالسوق فقال له أما أن تزيد في السعر وأما أن ترفع عن سوقنا انتهى فتأمل جدا قال المص رفع الله درجته الفصل السابع في الرهن وتوابعه وفيه مسايل الاوي ذهبت الإمامية إلى أن استدامة القبض ليست شرطا في الرهن وقال أبو حنيفة إنها شرط وقد خالف في ذلك قوله ص الرهن محلوب ومركوب وليس ذلك للمرتهن إجماعا فيكون للراهن انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه إذ ألزم الرهن بالقبض فالراهن ممنوع عن كل تصرف يزيل الملك إلى الغير كالبيع والهبة و للراهن استيفاء المنافع التي لا يضر المرتهن كسكنى الدار وركوب الدابة وإن أحوج الانتفاع إلى الاخراج من يده كالركوب واللبس ولم يشق المرتهن بالتسليم لأنه لم يكن موثقا به أشهد الراهن عدلين أنه يأخذه للانتفاع وإن كان موثوقا به مشهور العدالة لم يكلف بالإشهاد في كل واحدة ومذهب أبي حنيفة أنه لا يجوز له الانتفاع باستخدام ولا سكنى ولا لبس ولا إجارة وهو متعد لو فعل ولا يبطل الرهن به ودليله أن القبض شرط في لزوم الرهن فإذا زال القبض زال لزوم الرهن واستدل بالنص في قوله تعالى فرهان مقبوضة والحديث لا يدل بصريحه على جواز التصرف مطلقا حمله على الجلب والركوب بإذن المرتهن ما لم يخرج من يده انتهى وأقول إن الآية لو دلت إنما تدل على اشتراط القبض في الجملة لا على الاستدامة نعم قد استدر بالآية على اشتراط أصل القبض بأنها تدل من حيث الخطاب أي المفهوم الوصفي وهو ليس بحجة عند أكثر المحققين على أنه لو كان شرطا كالإيجاب والقبول لكان قوله تعالى مقبوضة بعد قوله رهان تكرارا لا فايدة فيه وكما لا يحسن أن يق مقبوضة وأيضا الآية مسوقة لبيان الارشاد إلى حفظ المال وذلك لا يتم إلا بالإقباض والقبض كما لا يتم إلا بالرهن وكما أن الرهن ليس شرطا في الدين ينبغي أن لا يكون القبض شرطا في الرهن وبعبارة أخرى أن القبض في الآية للإرشاد كما يرشد إليه اشتراطه بالسفر وعدم الكاتب والإجماع على أن استدامة القبض ليست شرطا بل لو وكل المرتهن الراهن في القبض كفى عند القايل به فلا يتحقق الغاية المطلوبة منه ويبقى مع نافي الاشتراط أصالة العدم حيث لا دليل صالحا عليه فإن قلت فإذا لم يشترط القبض فعلى ماذا يحل قوله مقبوضة قلت على اشتراط كون الرهن مما يقبض ليتحرز بذلك عن المنافع فإنهما ليست مما يستوثق بها وعن الدين وعن ملك الغير مع عدم الإجازة وعن الطير في الهواء والسمك في الماء وعما لا يملكه المسلم إن كان أحدهما مسلما إلى غير ذلك هذا وأما الحديث فهو بضم ما ذكره المص من الاجماع صريح في مدعاه فلا مجال للحمل على ما ذكر الناصب كما لا يخفى قال المص رفع الله درجته ب ذهبت الإمامية إلى أنه إذا جعل الرهن على يد عدل لم يكن له بيعه إلا بثمن المثل حالا ويكون من نقد البلد إذا أطلق له الإذن وقال أبو حنيفة يجوز له بيعه بأقل من ثمن مثله وبالنسية حتى قال لو وكله في بيع ضيعة تساوي مائة ألف دينار فباعها بدرهم نسية إلى ثلثين سنة كان جايز أو هو خلاف المعقول والمنقول لأن العقل دل على قبح إضرار الغير والنقل دل عليه وهو قوله ع لا ضرر ولا ضرار في الإسلام انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن المرهون يبيعه الراهن أو وكيله بإذن المرتهن فإن لم يأذن قال له القاضي إئذن له في بيعه أو أبرأه والوكيل لا بد له أن يراعي غبطة المرتهن فلا يبيعه إلا بأقصى القيمة حالا لا أجلا كما ثبت في الوكالة ومذهب أبي حنيفة أنه صح بيع الوكيل بما قل أو كثر والقرض والنسبة وعند أبي يوسف ومحمد لا يصح إلا بما يتغابن الناس فيه ولا يصح إلا بالدراهم والدنانير لا المطلق ينصرف إلى المتعارف والمراد بالنسية البيع بالثمن المؤجل وعندهما يتقيد بأجل متعارف ودليل أبي حنيفة أن الوكيل مالك للعقد ومباشر له فله البيع بما شاء ولو كان الموكل لم يره أهلا لمباشرة العقد لم يوكله فله البيع بما شاء ولا ضرر هنا لأن الموكل سلطه انتهى وأقول يتوجه عليه أو لأن الناصب لم يذكر دليل جواز بيع الراهن ذلك بأقل من ثمن مثله و بالنسية مع أن هذا هو الذي عنون المص المسألة به وثانيا إن ما ذكره من الدليل على جواز مثل ذلك البيع للوكيل عليل لأنه لا معنى لقوله الوكيل مالك للعقد سوى قصد التلبيس وإيهام أن الوكيل مالك للثمن وبطلانه ظاهر ولأنا لا نسلم أن مباشر البيع مط له البيع بما شاء وإنما نسلم كلية المشية إذا لم يكن وكيلا أو صبيا أو سفيها محجورا عليه لا بد لإثبات ذلك من دليل وثالثا إن قوله الموكل لو لم يره أهلا لمباشرة العقد لم يوكله مدخول بأن الخطأ في ظن الأهلية جايز بل قد وقع ذلك عن موسى بنى الله ع في اختياره الرجال السبعين فظهر أنه لم يكن فيهم رجل رشيد كما نطق به القرآن واختار نبينا ص بعض المنافقين لكتابة الوحي فهرب إلى الكفار واختار مولانا أمير المؤمنين ع أبو موسى الأشعري ليحكم بينه وبين معاوية بمقتضى الكتاب والسنة فانخدع لحماقته ونفاقه عن عمرو بن العاص وحكم برأي زينه له حماقته ونفاقه والحاصل أنه ع واختاره ليحكم له فحكم عليه وتوضيح المرام أن المالك إنما وكله فيما نحن فيه لظنه فيه أنه يراعي في ذلك البيع ما يراعيه أهل الخبرة بالأمور ويحافظ على غبطته في ذلك فإذا ظهر من الوكيل بيع ذلك على الوجه المخالف لرأي أهل الخبرة والبصيرة وأوجب ضرر الموكل كان ذلك البيع فاسدا بالضرورة والإطلاق أيضا يقتضي ذلك لأن الاطلاق محمول على المتعارف بين الناس كما أفاده المص في التذكرة والظاهر أن الناصب أخذ هذا الدليل من الخوارج في قضية الحكمين حيث توهموا أيضا لزوم ذلك الحكم على الوجه الذي
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»