إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٢٠
الليل لعدم الفارق والنبي ص قال المؤمنون عند شروطهم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب أبي حنيفة إن الليل تابع للنهار بدون العكس مثلا إذا قال ما رأيتك أياما فيدخل الليالي فيها بخلاف العكس فإن صح ما رواه فلعله لهذا المعنى لأنه إذا تبايعا في الليل وشرطا الخيار إلى النهار فيدخل النهار الذي بعد الليل فيه لأنه هو الأصل فيعتبر إلى غروب الشمس فلا مخالفة للحديث انتهى وأقول ما نسبه إلى أبي حنيفة من أنه ذهب إلى أن الليل تابع للنهار اه لا يصلح لإقبال العقل إليه ولا لتنزيل النقل عليه والعرف لا يساعد ذلك أيضا خصوصا إذا ذكر في متن العقد الانتهاء إلى الميل كما هو المسألة وبالجملة الغاية جعلت فاصلة بين ما قبلها وما بعدها تحقيقا للغاية فلو دخل ما بعدها في حكم ما قبلها لم يكن غاية وأما ما ذكره من قولهم ما رأيتك أياما وأنه يدخل فيه الليالي فلو سلم دخول الليالي فيه فإنما هو بخصوصية جمع الأيام إذ لو قال ما رأيتك اليوم لم يفهم إلا عدم رؤيته في ذلك اليوم من غير انضمام الليل إليه وهو ظاهر جدا قال المص رفع الله درجته ز ذهبت الإمامية إلى أنه إذا شرط الخيار لأجنبي صح وقال أبو حنيفة يكون الخيار مشتركا بينه وبين الأجنبي وقد خالف في ذلك العقل فإن الشرط إنما يتناول الأجنبي فإثبات حق للمشترط لا وجه له ولا دليل عليه البتة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول الخيار إذا كان للأجنبي فلا يكون له أصالة لأن الأجنبي لا يختار إلا لمصلحة المشترط فيكون الخيار في الحقيقة للمشترط ولهذا حكم باشتراكه فيه انتهى وأقول إن أراد بنفي أصالة الخيار عن الأجنبي عدم استقلاله في الاختيار الذي فوضه المشترط إليه فهو ظاهر البطلان لمخالفته مقتضى الشرط كما لو شرطاه لأحدهما لم يكن للآخر شئ وإن أراد به أنه لولا المشترط واشتراطه لما كان للأجنبي مدخل في ذلك فلا يلزم من عدم أصالته بهذا المعنى مشاركة المشترط معه فإن الأجنبي ح في حكم من جعل حاكما بين المترافعين فربما يختار للمشترط ما لا يرضى به ويحكم بما لا يوافق هواه وقد ظهر بهذا أن قوله إن الأجنبي لا يختار إلا لمصلحة المشترط في محل المنع إذ ربما اختار ما يختار يوافق العدل من غير ترجيح لمصلحة أحد الطرفين تأمل قال المص رفع الله درجته ح ذهبت الإمامية إلى أن الغبن بما لا تجري العادة بالتغابن بمثله يثبت الخيار للمغبون وقال أبو حنيفة والشافعي لا يثبت وقد خالفا في ذلك قول النبي ص حيث نهى عن تلقي الركبان فمن تلقاها فصاحبها بالخيار إذا دخل السوق وإنما يكون له الخيار مع الغبن انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن مجرد الغبن لا يثبت الخيار وإن تفاحش فلو اشترى زجاجة مثقوبة توها جوهرة بثمن بالغ فلا خيار وبشرط الجوهرية يثبت الخيار للخلف ولو لم يكن لها قيمة بان فساد العقد والدليل أن المبيع قد استجمع شرايط الصحة فاحتمال الغبن لم يحصل من البيع ليثبت له الخيار ولا من البايع لخلو الغبن عن الغرور بل حصل من تقصير المشتري وتقصيره لا يوجب الخيار وأما حديث تلقي الركبان فالخيار فيه لاشتماله على الغرر انتهى وأقول ما ذهب إليه الشافعي باطل ودليله عن حلية الصواب عاطل إذ مقدماته الثلاثة كلها مدخولة ممنوعة فإن حصول الغبن عن كل من البايع والمبيع محتمل كيف وما مثل به الناصب من الزجاجة المثقوبة ربما عمل فيها البايع ما يشتبه حالها على أكثر الحذاق المعروفين بمعرفة الجواهر كما رأينا في الهند من اشتباه كثير من ذلك على الحذاق وأهل الخبرة ويجلب في زماننا زجاجة اخضر من بعض بلدان ساحل البحر المالح لا يميز بينها وبين الجوهر المستمى بالزمرد إلا الماهر في معرفة جوهر والحاصل أن العقل والنقل يدلان على ثبوت الخيار في ذلك القيام العلة الموجبة وهي الخسارة الحاصلة من الانخداع والغرور فالفرق بين هذه الصورة وبين الغبن الحاصل في الشراء عند تلقي الركبان باشتمال الثاني على الغرور دون الأول غير متجه كما لا يخفى وقد يستدل على عدم ثبوت الخيار للمغبون بأن النبي ص لم يثبت لحنان بن منقذ الخيار بالغبن لكن أرشده إلى شرط الخيار ليتدارك عند الحاجة ولأن نقص قيمة السلعة مع سلامتها لا يمنع لزوم العقد كالغبن اليسير كذا نقل المص في التذكرة ثم أجاب عنه بأن إرشاده ع إلى اشتراط الخيار لا ينافي ثبوت طريق آخر له لأن إثبات الخيار أنفع لأن له الفسخ مع الغبن القليل والكثير والعيب وعدمه بخلاف الغبن فلما كان أعم نفعا أرشده ع إليه والغبن اليسير لا يعده الناس غبنا فلا عبرة به انتهى قال المص رفع الله درجته ط ذهبت الإمامية إلى أن الأثمان تتعين فإذا باع بدراهم وشرط تعيينها تعنيت وقال أبو حنيفة لا يتعين وله أن يدفع غيرها وقد خالف في ذلك العقل والنقل أما العقل فلأن البيع إنما وقع على عين شخصيته فالانتقال إلى غيرها يكون تعديا ومبادلة بغير رضى المالك وإنه عين الغصب والعدوان وأي فرق بين الثمن وغيره ولو عارضه على ثوب معين فدفع مساويه لم يكن له الالزام بالقبول وأيضا يلزمه كون الثمن هو المثمن بعينه لأنه إذا اشترى دراهم بدراهم كان للمشتري أن يدفع عين الدراهم التي دفعها البايع إليه ثمنا عنها وهو محال وأما النقل فقوله تعالى فلا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم والتراضي إنما وقع على هذه العين فعوضها يكون أكلا بالباطل انتهى وقال النصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه إذا قال بعتك بألف ولم يعين وفي البلد فقدان أو أكثر ولا غلبة لبعضها بالتقابل بطل ولو كان في البلد فقد واحدا ونقود وغلب واحد انصرف العقد إليه وإن عين نقدا تعين واستبداله بالنقد الآخر لا يجوز إلا بالتراضي ومذهب أبي حنيفة إنه من أطلق الثمن في البيع كان على غالب نقد البلد لأنه المتعارف وفيه التحري للجواز فيصرف إليه فإن كانت النقود مختلفة فالبيع فاسد إلا أن ببين أحدها وهذا إذا كان الكل في الرواج سواء لأن الجهالة مفضية إلى المنازعة إلا أن يرتفع الجهالة بالبيان أو يكون أحدهما أغلب وأروج فحينئذ يصرف إليه تحريا للجواز و هذا إذا كانت مختلفة في المالية فإن كانت سواء كالثنائي والثلاثي جاز البيع إذا أطلق اسم الدراهم وينصرف إلى ما قدر به إلى أي نوع كان لأنه لا منازعة ولا اختلاف في المالية والذي ذكره من مذهب أبي حنيفة محمول على ما إذا لم يختلف بالمالية فله الانتقال من المعين إلى غيره لعدم الاختلاف والمنازعة وليس في التعيين غرض فلا يكون التجارة في مثل هذا البيع أكلا بالباطل انتهى وأقول العرف والعادة قاضيان بأن اشتراط تعيين الأثمان إنما يكون عند اختلاف الأثمان ورجحان بعضها على بعض بحسب الغلبة والرواج أو كمال العيار والمالية ونحوها فحمل قول أبي حنيفة إنه إذا شرط دراهم
(٤٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»