من بقرة أو بدنة أو غنم وليس الكلام في الهدي مط بل في خصوص الغنم وقد صح عن أبي حنيفة إنكاره لاستحباب تقليد الغنم مطلقا وإنما الذي ذهب إليه استحباب تقليد البدنة مط كما ذكر في الوقاية وشرحه مخالفا للتفصيل الذي نقله الناصب عن الهداية زاعما أنه بيان لمذهب أبي حنيفة و يرشد أيضا إلى صحة ما نسبه المص إلى أبي حنيفة ما ذكره ابن حزم في كتاب المحلى حيث قال قال أبو حنيفة ومالك لا يقلد الغنم ورأى مالك إشعار البقر إن كان لها اسنتمه وقال أبو حنيفة لا يقلد إلا هدي المتعة والقران وهذا خطأ مقلوب بل الإبل يقلد ويشعر والبقر لا يقلد ولا يشعر والغنم يقلد ولا يشعر وقال مالك والشافعي يقلد كل هدي ويشعر وهذا هو الصواب لعموم فعل النبي ص ثم قال وقال بعض من أعماه الهوى وأصمه إنما معنى ما روي عن عايشة من هدي الغنم مقلدة إنما من أنها فتلت قلايد الهدي من الغنم أي من صوف الغنم وهذا استهال للكذب وخلاف لما رواه الناس عنها من إهدائه ع الغنم مقلدة ونعوذ بالله من الخذلان انتهى هذا وما ذكر موافقا لما في الهداية من أنه لا يقلد الشاة عادة غير مسلم وما ذكره من أنه لا يسن تقليدها عند أبي حنيفة لا يصلح حجة عند الخصم وما ذكره من عدم فايدة تقليد الشاة وإن سنة التقليد إنما ورد عنده في البدن كلها عند يأت ودعا ومجردة مخالفة للسنة لا يلتفت إليها إلا من اعتاد أن يصدق بغير دليل فانسلخ عن الفطرة الإنسانية قال المص رفع الله درجته لد ذهبت الإمامية إلى أنه إذا رمى المحل صيدا قوائمه في الحل و رأسه في الحرم من الحل فأصاب رأسه فعليه الجزاء وقال أبو حنيفة لا جزاء عليه وهو مخالف لعموم الأمر بالجزاء فيما يهلكه في الحرم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ذهاب أبي حنيفة إلى عدم الجزاء ههنا لأنه يصدق عليه أنه في الحل لأن العمدة في الوقوف هي القوايم لا الرأس فلم يقتل صيد الحرم وإن أصاب رأسه لأن العمدة في الحل وهي القوايم انتهى وأقول لا يخفى أن المص قدس سره لم يقيد الصيد في المسألة بالواقف فيشمل الطير المتحرك في هواء الكعبة الذي سبق رأسه رجلاه والحيوان المفترس على الحرم الخارج قوائمه منه والقاعد على دبره في الحرم الخارج قوائمه منه فلا يتجه الجواب بأن العمدة في الوقوف هي القوايم على أنه لو تم ما ذكره لزم أن لا يكون قتل الصيد المفترس في الحرم حال كون قوائمه خارجة عنه موجبا للجزاء مع أنه يصدق عليه أنه في الحرم ولا أقل من أن يصدق عليه أن عمدته فيه وبطلانه ظاهر ولو سلم أن العمدة في الوقوف هي القوايم دون المقاعد فذلك إنما يفيد في إثبات صدق دخول الصيد المفروض في الحل دون الحرم وليس بناء الحكم الشرعي ههنا عليه كما توهمه بل على تحقق صدق هلاكه في الحرم كما أشار إليه المص في تقرير الدليل ولا ريب أن العمدة في الهلال فيما نحن فيه هو الرأس الذي يكون من الأعضاء الرئيسة ويهلك الحيوان بهلاكه فإذا هلك الحيوان بهلاك رأسه وكان رأسه في الحرم صدقان الهلاك كان في الحرم والأشبه أن يقال إن الأمر بجزاء الصيد الذي أصيب في الحرم إنما وقع عقوبة لما تضمنه ذلك الرمي من هتك حرمة الحرم وهذا حاصل عند تجاوز النصل من الحل إلى الحرم وإصابته لعضو من أعضاء الصيد فعند إصابته للرأس الذي هو من الأعضاء الرئيسة أولى والحق أن الضابط ههنا على ما يدل عليه العقل والنقل أن المقتول في الحرم مضمون مط والمقتول في الحل مضمون إن كان السبب صادرا من المحرم ولا يدفع الضمان كون كله أو بعضه في الحرم تدبر قال المص رفع الله درجته الفصل السادس في البيع وفيه مسائل الأولى ذهبت الإمامية إلى أنه يجب ذكر الجنس في الغايب فلو قال بعتك ما في كفي أو الصندوق أو الذي في الصرة من غير ذكر الجنس لم يصح وقال أبو حنيفة يصح ذلك كله وقد خالف في ذلك نهي النبي ص عن الغرر انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن شرط المبيع في صحة البيع أن يكون معلوم العين فلو قال بعتك عبدا من العبيد أو شاة من القطيع لا يصح ويشترط أيضا أن يكون معلوم القدر فلو قال بعتك نصيبا من هذه الدار لم يصح للجهالة وإمكان التنازع ومذهب أبي حنيفة إن الأعراض المشار إليها لا يحتاج إلى معرفة مقدارها في جواز البيع لأن في الإشارة كفاية في التعريف وجهالة الوصف فيه لا يفضي إلى المنازعة فهو ينفي الغرر المنهى عنه في الصور انتهى وأقول وبالله التوفيق إن ما ذكره الناصب الذي باع آخرته بدنياه واتبع هواه من أن الإشارة كافية في الأعراض المشار إليها وإن الوصف فيه لا يفضي إلى المنازعة دعويان مخالفان لما جرت به عادة الناس لا دليل عليهما من الكتاب ولا السنة ولا الاجماع ولا القياس بل الإشارة في الأمثلة المذكورة إلا إلى الكم والصندوق والصرة دون ما فيها فيحتمل أن يكون حجرا أو مدرا فيحصل الغرر كما لا يخفى قال ابن حزم والبرهان على بطلان بيع ما لم يعرف برؤية ولا صفة صحة نهي رسول الله ص عن بيع الغرر وهذا عين الغرر لأنه لا يدري إما اشترى أو باع وقول الله تعالى إلا أن يكون تجارة عن تراض ولا يمكن أصلا وقوع التراضي على ما لا يدري قدره ولا صفاته قال واحتج الحنفيون لقولهم بالخبر الثابت عن رسول الله ص أنه نهى عن بيع الحب قبل أن يشتد قالوا ففي هذا إباحة بيعه بعد اشتداده وهو في أكمامه بعد لم يره أحد ولا يدري صفته والجواب أن هذا تمويه لا حجة لهم فيه لأنه ليس في هذا الخبر إلا النهي عن بيعه قبل اشتداده فقط وليس فيه إباحة بيعه بعد اشتداده ولا المنع من ذلك فأعجبوا لجرأة هؤلاء القوم على الله تعالى بالباطل إذ احتجوا بهذا الخبر فيما ليس فيه منه شئ وخالفوه فيما جاء فيه نصا فهم يجيزون بيع الحب بعد أن يشتد ثم لم يقنعوا بهذه الطامة حتى أوجبا بهذا الخبر ما ليس فيه له ذكر ولا إشارة إليه بوجه من الوجوه من بيع الغايبات التي لا يعرف صفاتها ولا عرفها البايع ولا المشتري ولا وصفها لهما أحد ثم لم يلبثوا أن نقضوا ذلك ككرة الطرف فحرموا بيع لحم الكبش قبل ذبحه وبيع الزيت في الزيتون قبل عصره وبيع الألبان في الضروع واحتجوا في ذلك بأنه كله مجهول لا يدري صفته وهذا تلاعب بالدين نعوذ بالله من مثله هذا ونحن نجيز بيع الحب بعد اشتداده كما هو في أكمامه وبيع الكبش حيا ومذبوحا كله لحمه مع جلده وبيع الشاة بما في ضرعها مع اللبن وبيع النوا مع التمر لأنه كله مرئي ظاهر ولا يحل بيعه دون إكماله لأنه مجهول لا يدري أحد صفته ولا بيع اللحم دون الجلد ولا النوى مع دون التمر ولا اللبن دون الشاة انتهى كلامه فتأمل قال المص رفع الله درجته ب ذهبت الإمامية إلى أن المشتري إذا رأى الموصوف على الوصف المشترط لم يكن له الخيار وقال الشافعي له الخيار وقد خالف مقتضى العقل فإن البيع
(٤١٨)