إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤١٤
إن فعل النبي ص برمي حصى الخذف قد سد باب جواز الرمي بغير نوعه وإرادة ما يماثل ذلك الحصى من جنس الأرض مط تمحل وتعسف ينادي على بطلانه تمام الحديث وهو على ما روى عن ابن عباس أنه قال لي رسول الله ص غداة العقبة وهو على راحلته هات التقط لي فلقطت له حصيات وهي حصى الحذف فلما وضعهن في يده قال بأمثال هؤلاء الحديث ولو جاز مثل التأويل الذي ذكره الناصب للفظ المثل والأمثال المذكور في الحديث مع إضافة الحصى فيه إلى الحذف وتعيينه بذلك لجاز أن يفهم من قولنا لغيرنا اشتر لي مثل هذا الياقوت أو العقيق إرادة اشتراء الفيروزج واللاجورد والكحل والزرنيخ والمدر ونحوها ولا يقول بذلك إلا أحمق مثل الناصب قال المص رفع الله درجته كما ذهبت الإمامية إلى استحباب أن يخطب الإمام يوم النجر بمنى بعد الظهر وقال أبو حنيفة لا يخطب وخالف في ذلك فعل النبي ص فإنه خطب فيه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ثبت عند أبي حنيفة إن النبي ص بعد رمي جمرة العقبة في يوم النحر أفاض إلى مكة الطواف الركن فأي وقت خطب وهذه الخطبة لم يروه أحد من أهل مذهب أبي حنيفة وثبت في الصحاح إن النبي ص خطب يوم النحر انتهى وأقول لا بد من بيان ما ثبت به عند أبي حنيفة أن النبي ص بعد رمي جمرة العقبة أفاض إلى مكة حتى ينظر في صحة ثبوته به وعدمه والدعوى المجردة غير نافعة ثم ما ذكره من أن هذه الخطبة لم يروه أحد من أهل مذهب أبي حنيفة فالظاهر منه إن كان يعينه من الحنفية في هذا تكلف الجواب عن إيرادات المص على هذه المسايل قد استعمل معه النفاق أو ذهل فلم يظهر عليه ما في الهداية من قوله والحاصل أن في الحج ثلاث خطب أولها ما ذكنا والثانية بعرفات يوم عرفة والثالثة بمنى في اليوم الحادي عشر الخ ثم في كلام الناصب خرازة لا يخفى على الناظر قال المص رفع الله درجته كب ذهبت الإمامية إلى جواز الاستيحار للحج وقال أبو حنيفة لا يجوز فإن فعل كانت باطلة ويقع الحج عن الأجير ويكون للمستأجر ثواب النفقة ويجب عليه رد ما فضل وقد خالف في ذلك المعقول والمنقول أما المعقول فإن الحج وجب عليه فلا يسقط بالموت كالدين وغيره وأما المنقول فما روى ابن عباس أن النبي ص رأى رجلا يقول لبيك عن شبرمة فقال ويحك من شبرمة قال أخ لي أو صديق فقال النبي ص حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة وسألت امرأة من خثعم رسول الله ص إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على راحلته فهل نرى أن أحج عنه فقال النبي ص نعم فقالت يا رسول الله ص هل ينفعه ذلك فقال نعم أما لو كان على أبيك دين فقضيته عنه نفعه فأجاز لها النيابة فبطل منع أبي حنيفة وحكم بأنه ينفعه وعنده منفعة ثواب النفقة وشبهة بالدين انتهى وقال الناصب خفضها الله أقول مذهب الشافعي أن المستطيع بالمال إذا لم يستطع بالنفس لكبر أو مرض أو غيرهما يلزمه الاستنابة والاستيجار سواء كان حجة الإسلام أو القضاء أو النذر للأحاديث الواردة في هذا الباب ومذهب أبي حنيفة أن بالحج عبادة مركبة من البدنية والمالية والنيابة تجري فيه عند العجز قال في الهداية ظاهر المذهب أن الحج يقع عن المحجوج عنه وبذلك يشهد الأخبار الواردة في الباب كحديث الخثعمية وهذا يدل على أنه جوز وقوع الحج عن المحجوج عنه والنص لا يفيد إلا هذا فلا مخالفة للنص وأقول ما ذكره في تقرير مذهب أبي حنيفة من أن الحج عبادة مركبة اه كلام الهداية ولا دلالة لذلك على أنه مذهب أبي حنيفة لأنه كثيرا ما يذكر المفتى به في مذهبهم ويسكت عن ذكر مذهب أبي حنيفة ولو سلم فقد روى في الهداية عن محمد أن الحج يقع عن الحاج وللآمر ثواب النفقة بعين ما نقله المص عن أبي حنيفة فعلى تقدير صحة عدم اشتراك أبي حنيفة في هذا الحكم مع محمد يتوجه الاعتراض على خصوص محمد وهذا يكفي في المقص كما لا يخفى قال المص رفع الله درجته كج ذهبت الإمامية إلى تحريم لحم الصيد على المحرم مط وقال الشافعي إذا لم يكن له فيه أثر من مشاركة أو دلالة أو إعطاء سلاح القتل أو صيد لأجله فحلال وقال أبو حنيفة يحرم ما صادا وما له أثر لا يستغنى عنه دون غيره كدلالة يستغنى عنها وما صيد لأجله وقد خالفا في ذلك قوله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وأجمع المفسرون على إرادة الصيد انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي تحريم الصيد على المحرم وإذا اصطاد الحلال لا لأجله ولا دلالة من المحرم إليه حل ولا جزاء والدليل عليه ما روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن إلى قتادة أنه خرج النبي ص فتخلف مع بعض أصحابه وهو محرمون وهو غير محرم فرأوا حمارا وحشيا قبل أن يراه فلما رأوه تركوه حتى رآه أبو قتادة فركب فرسا له فسألهم أن يناولوه سوطا فأبوا فتناوله فحمل فعقر ثم أكل وأكلوا فندموا فلما أدركوا رسول الله ص سألوه قال هل معكم منه شئ قال معنا رجله فأخذها النبي ص فأكلها وفي رواية فلما أتوا رسول الله ص قال هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها قالوا لا قال فكلوا ما بقي من لحمها وعن جابر أن رسول الله ص قال لحم الصيد لكم في الاحرام حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم فهذا دليل الشافعي وأبي حنيفة لأن الدلالة المستغنى عنها في حكم عدم الدلالة وأما نص الكتاب فهو يدل على تحريم عمل الصيد لا أكل الصيد إذا لم يصد وقد بين السنة معنى الكتاب انتهى وأقول الأحاديث في هذا الباب متعارضة لما قال ابن حزم من أنه روى عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة الليثي لأنه أهدى لرسول الله ص حمار وحش فرده عليه وقال أنا حرم لا نأكل الصيد قال ابن حرم وروى هذا الحديث أيضا بلفظ أنه أهدى لرسول الله ص حمار وحش فرده عليه وقال لولا إنا محرمون لقبلناه منك ثم قال ابن حزم وروينا اللفظ الأول من طريق حماد بن زيد عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبه عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة واللفظ الثاني من طريق الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أهدى الصعب بن جثامة ومن طريق مسلم حدثني زهير بن حرب عن يحيى بن سعيد القطان عن ابن جريح أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس أن زيد بن أرقم أخبره أن رسول الله ص أهدى له لحم صيد فرده وقال إنا لا نأكله إنا حرم وهذان خبران رويناهما من طرق كلها صحاح وهذا قول روى عن علي ومعاذ وابن عمرو به يقول أبو بكر بن دود انتهى كلامه والرجحان معنا لأن هذه الأحاديث موافقة لظاهر نص الكتاب بخلاف الأحاديث التي ذكرها الناصب فإن ظاهر الصيد في قوله تعالى حرم عليكم صيد البر أن يكون اسما بمعنى المصيد أي الحيوان الممتنع
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»