فلا يجزيهم غيره ولما رواه العامة عن ابن عباس وجابر وأبي موسى وعايشة أن النبي ص أمر أصحابه لما طافوا بالبيت أن يحلوا ويجعلوها عمرة فنقلهم من الإفراد والقران إلى المتعة ولا ينقلهم إلا إلى الأفضل ولم يختلف عندهم الرواية عن النبي ص أنه لما قدم مكة أمر أصحابه أن يحلوا إلا من ساق هديا وثبت على إحرامه و قال لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة وقال جابر حججنا مع النبي ص يوم ساق البدن معه وقد أهلوا بالحج مفردا فقال لهم حلوا من إحرامكم بطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم أقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا الذي قدمتم بها متعة فقالوا كيف نجعلها متعة وقد تمتعنا الحج فقالوا افعلوا ما أمرتكم به فلولا إن سقت الهدى لفعلت مثل الذي أمرتكم به وفي لفظ فقام رسول الله ص فقال قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم ولولا هديي تحللت كما تحلون ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت فحللنا وسمعنا وأطعنا ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية بن عمار عن الصادق ع عن آبائه ع قال لما فرغ رسول الله ص من سعيه بين الصفا والمروة أتاه جبرئيل ع عند فراغه من السعي وهو على المروة فقال إن الله يأمرك أن تأمر الناس أن يحلوا إلا من ساق الهدي فأقبل رسول الله ص على الناس بوجهه فقال يا أيها الناس هذا جبرئيل وأشار بيده إلى خلفه يأمرني عن الله أن أمر الناس أن يحلوا إلا من ساق الهدي فأمرهم بما أمر الله فقام إليه رجل فقال يا رسول الله ص نخرج إلى منى ورؤوسنا تقطر من النساء وقال آخرون يأمرنا بشئ ويصنع هو غيره فقال أيها الناس لو استقبلت من أمري ما استدبرت صنعت كما صنع الناس ولكني سقت الهدي فلا يحل من ساق الهدي حتى يبلغ الهدي محله فقصر الناس وأحلوا وجعلوها عمرة فقام إليه سراقة بن مالك بن جثعم المذلحي فقال يا رسول الله هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد فقال لا للأبد صح إلى يوم القيمة وشبك أصابعه وأنزل الله في ذلك قوانا فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي وفي الصحيح عن إلى أيوب إبراهيم بن عيسى عن الصادق ع قال سألته أي الأنواع أفضل فقال المتعة وكيف يكون شئ أفضل منها ورسول الله ص يقول لو استقبلت من أمري ما استدبرت من فعلت كما فعل الناس ولأن التمتع منصوص عليه في كتاب الله تعالى لقوله فمن تمتع بالعمرة إلى الحج دون ساير الأنساك ولأن المتمتع يجتمع له الحج والعمرة في أشهر الحج مع كالهما وكمال أفعالهما على وجه اليسر والسهولة وذهب الثوري وأصحاب الرأي إلى أن القران أفضل لما رواه أنس قال سمعت رسول الله ص أهل بهما جميعا يصرخ لهما صراخا يقول لبيك عمرة وحجا لبيك عمرة وحجا وقال أحمد إن ساق الهدي فالقران أفضل و إن لم يسقه فالتمتع أفضل لأن النبي ص قرن حين ساق الهدي ومنع كل من ساق الهدي من الحل حتى ينحر هديه وذهب مالك وأبو ثورا إلى اختيار الإفراد وهو ظ مذهب الشافعي وروى ذلك عن عمرو عثمن وابن عمرو جابر وعايشة أن النبي ص أفرد بالحج ونمنع كون النبي ص أفرد فإنه قد روى ابن عمرو جابر وعايشة من طرق صحاح عندهم أن النبي ص تمتع بالعمرة إلى الحج ولأن روايتهم اختلفت فرووا مرة أنه أفرد ومرة أنه تمتع ومرة أنه قرن ومع وحدة القضية لا يمكن الجمع بينها فيجب إطراحها كلها مع أن عمر قال إني لأنهاكم عن المتعة وإنها لفي كتاب الله ولقد صنعها رسول الله ص ولأن النبي مر أصحابه بالانتقال إلى المتعة عن الإفراد والقران ولا يأمرهم إلا بالانتقال إلى الأفضل ويستحيل أن ينقلهم من الأفضل إلى الأدنى وهو الداعي إلى الخير الدال عليه ثم أكد ذلك بتأسفه على فوات ذلك في حقه وأنه لا يقدر على انتقاله وحله لسياق الهدي لايق قد نهى عنها عمرو عثمن ومعاوية لأنا نقول قد أنكر عليهم علماء الصحابة نهيهم عنها وخالفوهم في فعلها قالت الحنابلة والحق مع المنكرين عليهم دونهم لما رواه العامة إن عليا ع اختلف هو وعثمان في المتعة بعسفان فقال علي ع ما تزيد إلى أمر فعله رسول الله ص انتهى عنه وقال علي ع لعثمان ألم تسمع أن رسول الله ص تمتع قال بلى وعن ابن عمر قال تمتع رسول الله ص في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وقال سعد صنعها رسول الله ص وصنعناها معه فلا نقبل نهى عمر عنها خصوصا مع قول عمرو الله إني لأنهاكم عنها وإنها لفي كتاب الله وقد صنعها رسول الله ص فهل يحل تقليد من يخالف رسول الله ص في ضد ما فعله رسول الله ص قال صاحب المغني من الحنابلة قيل لابن عباس أن فلانا ينهى عن المتعة قال انظروا في كتاب الله فإن وجدتموها فقد كذب على الله وعلى رسوله وإن لم تجدوها فقد صدق فأي الفريقة أحق بالاتباع وأولى بالصواب الذين معهم كتاب الله وسنة رسوله أم الذين خالفوهما ثم قد ثبت عن النبي ص الذي قوله حجة على الخلق أجمعين فكيف يعارض بقول غيره قال قال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال تمتع النبي ص فقال عروة نهى أبو بكر وعمر عن المتعة فقال ابن عباس أراهم سيهلكون أقول قال النبي ص ويقولون نهى عنها أبو بكر وعمر قال وسئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها فقيل له إنك تخالف أباك فقال عمر لم يقل الذي يقولون فلما أكثروا عليه قال أفكتاب الله أحق أن تتبعوا أم عمر انتهى وهو كاف في إيضاح المرام إن شاء الله تعالى قال المص رفع الله درجته ز ذهبت الإمامية إلى أن المفرد إذا دخل مكة جاز له أن يفسخ حجه ويجعله عمرة ويتمتع بها وخالف فيه الفقهاء الأربعة وقد خالفوا في ذلك قول النبي ص من لم يسق هديا فليحل وليجعلها عمرة ولا ينسخ قول النبي ص بقول عمر انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه ينعقد الاحرام معينا بأن ينوي الحج أو العمرة أو كليهما ومط بأن لا يزيد على نفس الاحرام والأول أفضل وإذا أطلق فإن كان في أشهر الحج أصرفه بالنية إلى ما يشاء من النسكين أو كليهما وإن كان في غيرها انعقد عمرة وليس له الصرف إلى الحج في أدائه وقول النبي ص يحمل على الاحرام المطلق فأمرهم بإتمام أعمال العمرة والتحلل منها لا أن المراد منه التحلل من إحرام الحج في شهره فإن هذا لا يجوز بلا عذر كالشارع في الصلاة المفروضة فإنه لا يجوز له الخروج عمدا انتهى وأقول عمدة ما تمسك به القوم في هذه المسألة ليس إلا ما أشار إليه المص قدس سره من منع عمر عن ذلك وما ذكره الناصب في توجيه كلامهم تمحل لا طايل تحته سوى إرادة الفرار عما يتوجه إليهم من شناعة مخالفة أمر النبي ص بمتابعة نهي عمرو لهذا ترى الناصب طوى الكشح عن التعرض لذلك واكتفى بذكر تفصيل رآه في مذهب الشافعي من غير أن يذكر دليلا عليه وقد نقلنا في المسألة السابقة من كلام المص في التذكرة ما يرشدك إلى فساد قولهم في هذه أيضا ولنذكر ههنا خلاصة ما ذكره
(٤٠٩)