إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٠٨
يذل نفسه إلى غير ذلك من الأخبار والآثار وأيضا الجمع بين السفر ماشيا والسؤال عن الناس مشقة عظيمة وضرر منفى في دين الإسلام ولو كان عاذه فلا يكون استطاعة والاعتبار بعموم الأحوال دون خصوصها كما أن رخص السفر يعم من يشق عليه ومن لا يشق عليه فتدبر قال المص رفع الله درجته ج ذهبت الإمامية إلى أن الأعمى إذا وجد الزاد والراحلة لنفسه ولمن يقوده وجب عليه الحج وقال أبو حنيفة لا يجب وقد خالف قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن الأعمى إذا وجد مع الزاد والراحلة وقوة الاستمساك قايدا يركبه وينزله ويعينه في المناسك لزمه بنفسه والقايد في حقه كالمحرم في حقها ومذهب أبي حنيفة أن الأعمى إذا وجد من يكفيه مؤنة سفره ووجد زادا وراحلة لا يجب عليه الحج لأنه عنده غيره مستطيع بنفسه وشرط الوجوب الاستطاعة بنفسه فلا مخالفة للنص لأن الكلام في حصول الاستطاعة في حق الأعمى وعدم حصوله وهذا لا يخالف أن المستطيع يجب عليه الحج انتهى وأقول الاستطاعة قد يكون بالنفس وقد يكون بالإعوان والإتيان إلا يرى أنه يصدق ممن لا يحسن البناء بنفسه أن يقول إني أستطيع لبناء وأراد التمكن منه بالاستيناف والإعوان وبالجملة لا دليل على وجوب الاستطاعة بنفسه فهو مطالب في هذا بالبيان مع أنه مناقض لما ذكر في الهداية من الوجوب على المقعد عند أبي حنيفة نعم قد استدل له على ذلك بقياسه على الجهاد وفرق بأنه ليس أهلا للقتال تأمل قال المص رفع الله درجته د ذهبت الإمامية إلى وجوب قضاء الحج عن الميت إذا استقر عليه وترك ما لا وكذا الزكاة والكفارة وجزاء الصيد وقال أبو حنيفة يسقط الجميع وقد خالف في ذلك المعقول والمنقول ما المعقول فهو أن ذمته مشغولة بالحج والدين الذي هو الزكاة والكفارة والجزاء فيجب أن يقضى عنه كالدين وأما المنقول فخبر الخثعمية وهو متواتر انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه إذا تخلف المستطيع ومات قبل الحج استقر الوجوب ولزم القضاء من التركة وإن لم يوص بها لأنها دين تعلق بها ومذهب أبي حنيفة أن النيابة يجزي في الحج ولكن بالوصية والتبرع في الحج التبرعية جايز كما في حديث الخثعمية فإنه ع قال حجي عن أبيك واعتمري فهذا وارد في التبرع ولا يدل على وجوب إخراج نفقة الحج من ماله فلا مخالفة للنص انتهى وأقول قوله ص في حديث الخثعمية حجي بصيغة الأمر وما ذكر فيه من سؤال المرأة عن حكم أبيها مات ولم يحج صريح في الوجوب فدعوى وروده في التبرع تبرع لأبي حنيفة بالكذب مع أن ههنا أحاديث أخرى صحيحة صريحة في الوجوب صححها ابن حزم في كتابه فليطالع ثمة قال المص رفع الله درجته هي ذهبت الإمامية إلى وجوب العمرة وقال مالك وأبو حنيفة إنها مستحبة وقد خالفا في ذلك القرآن والسنة قال الله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله وقال النبي ص الحج والعمرة فريضتان لا يضرك بأيهما بدأت وقالت عايشة يا رسول الله ص على النساء جهاد قال نعم جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة فأخبر أن عليهن جهادا وفسره بالحج والعمرة فثبت أنها واجبة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لا يجب الحج في العمر إلا مرة وإذا وجب الحج وجب العمرة وعند أبي حنيفة أن العمرة سنة ودليله قوله ع الحج فريضة والعمرة تطوع ولأنها غير مؤقتة بوقت ويتأدى نبية؟ غيرها كما في فائت الحج وهذا أمارة النفلية فلا مخالفة للنص حيث استدل بالحديث انتهى وأقول ما ذكره الناصب من الحديث وجميع ما في معناه قد طعن فيها ابن حزم فإنه بعد ذكر جميع الأحاديث المروية في عدم وجوب العمرة قال الأحاديث مكذوبة كلها أما أحاديث جابر فالحجاج بن أرطاة ساقط لا يحتج به والطريق الآخر أسقط وأوهن لأنها من طريق يحيى بن أيوب وهو ضعيف عن العمري الصغير وهو ضعيف وأما حديث أبي صالح اه وأما ما استدل به من أنها غير موقتة بوقت فكلام سخيف لم يأت به قرآن ولا سنة صحيحة ولا إجماع مع أنه قايل بأن الصلاة على رسول الله ص فرض ولو مرة في الدهر وليست موقتة بوقت وإن قضاء رمضان فرض وليس مرتبطا بوقت والإحرام للحج فرض عندهم وليس عندهم مرتبطا بوقت فظهر أن ما ذهب إليه أبو حنيفة باطل وما استدل به عليه ترويج للباطل بما هو أشد منه بطلانا تدبر قال المص رفع الله درجته ق ذهبت الإمامية إلى أن التمتع أفضل من القران والإفراد وقال مالك الإفراد أفضل وقال أبو حنيفة القران أفضل وقد خالفا قول النبي ص لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدى وجعلتها عمرة فتأسفه على فوات العمرة تدل على الأفضلية انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن الإفراد أفضل من التمتع والقران ثم التمتع أفضل من القران لأن الإفراد ينغمر أداء كل واحد من النسكين على حده وهذا أفضل والتمتع أن يحرم بالعمرة من الميقات ويأتي بأعمالها ثم ينشأ الحج من مكة وهذا أقرب بالإفراد من القران ولهذا كان ظ أفضل والقران الجمع بين النسكين وما أتى به من الحديث لا يدل على أفضلية التمتع لأنه تأسف على فوات العمرة لا على العمرة في شهر الحج ولأن مقصوده من هذا الكلام نفي قول أهل الجاهلية أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور فقال ص لو علمت أن هذا الكلام مقرر بعد نبيهم لجعلتها عمرة دفعا لهذا الظن وإبطالا له انتهى وأقول ما ذكره الناصب ووجه أفضلية الإفراد معارض بما ذكره المص في كتاب التذكرة من أن التمتع يجتمع له الحج والعمرة في أشهر الحج مع كما لهما وكمال أفعالهما على وجه اليسر والسهولة والترجيح معنا لأن التمتع منصوص عليه في كتاب الله تعالى بقوله فمن تمتع بالعمرة إلى الحج دون ساير الأنساك ولما ذكره المص من الحديث فإنه ص بعد ما أمر أصحابه بالانتقال إلى المتعة عن الإفراد والقران أكد ذلك بتأسفه على فوات ذلك في حقه وأنه لا يقدر على انتقاله وجله لسيافه الهدى ومن البين أنه ص لا يأمرهم إلا بالانتقال إلى الأفضل وأما ما ذكره الناصب في تأويل الحديث من التعسف الظاهر فمدفوع بما فصله المص في تحقيق هذا الحديث من كتاب التذكرة ولنذكر ما ذكره المص في هذا المقام على وجه التمام ليحيط الناظر بأطراف المرام فنقول قال قدس سره قال علمائنا التمتع أفضل الأنواع وبه قال الحسن وابن عمرو ابن عباس وابن الزبير وعطا وطاووس ومجاهد وجابر بن زيد والقاسم وسالم وعكرمة وهو أحد قولي الشافعية وإحدى الروايتين عن أحمد وهو قول أصحاب الحديث لقوله تعالى ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وهو يدل على أنه فرضهم
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»