إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٠٧
إلى الشافعي قولين فقال قال الشافعي في أحد قوليه كذا وقال في الآخر لا يتعين المسجد الأقصى لأن النبي ص قال صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام رواه مسلم وهذا يدل على التسوية فيما عدا هذين المسجدين لأن المسجد الأقصى لو فضلت الصلاة فيه على غيره للزم أحد أمرين أما خروجه عن عموم الحديث وأما كون فضيلته بألف مختصا بالمسجد الأقصى ثم أجاب بأن لنا أنه من المساجد التي تشد الرحال إليها لقوله ص لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا متفق عليه فتعين بالتعيين في النذر كمسجد النبي ص وما ذكروه لا يلزم فإنه إذا فضل الفاضل بألف لنسبة فقد فضل المفضول بها انتهى ولو سلم عدم إمكان ذلك فلا مخالفة في المعنى بين ما ذكره المص وبين ما ذكره الناصب كما لا يخفى على المتأمل وبالجملة العبارة التي نقلها الناصب لا يسلم أيضا عن شناعة مخالفة ما تواتر من وجوب الوفاء بالنذر في الطاعة فلا يسمن ولا يغني من جوع ثم الظاهر أن الشافعي نظر في الفتوى المذكورة إلى رعاية الأفضل من الأمكنة ثم الأفضل كما هو صريح فتوى أبي يوسف في هذه المسألة حيث قال وقد روى عن أبي يوسف أنه إن نذر صلاة في موضع فصلى في أفضل منه أجزأه ولا يخفى أنه يلزمهما أن من نذر صوم يوم فجاهد الكفار فإنه يجزيه من الصوم لأنه فعل خيراهما نذر وأن من نذر أن يتصدق بدرهم فتصدق بثوب أنه يجزيه وهذا خطأ لأنه لم يف بنذره شرعا كما أشار إليه المص قدس سره قال المص رفع الله درجته يح ذهبت الإمامية إلى أن المعتكف إذا ارتد بطل اعتكافه وقال الشافعي لا يبطل وقد خالف القرآن العزيز وهو قوله تعالى لئن أشركت ليحبطن عملك انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه إذا طرء في الاعتكاف الحيض أو الجنون أو السكر أو الردة انقطع ولا يحسب ذلك الزمان من الاعتكاف هذا هو المذهب فقد علم أنه نقل خلاف المذهب انتهى وأقول إن أراد بقوله انقطع أنه لا يبطل فهو عين ما نقله المص من مذهب الشافعي في المعنى لا خلافه وإن أراد به معنى آخر فلا بد من تصويره لنتكلم عليه ولو سلم وجود معنى آخر له فنقول قد اصطلحوا على أن يعبروا عما تقرر عند مقلدة مذهب من المذاهب الأربعة بقولهم هذا هو المذهب أو المذهب كذا فإن أراد الناصب بقوله هذا هو المذهب ما اصطلحوا عليه فلا يدفع هذا مخالفة الشافعي للقرآن وإن أراد أنه عين ما أفتى به الشافعي نفسه فهو كذب صريح لأنه قد ذكر في الينابيع أن الشافعي نص على أن الردة لا تبطل الاعتكاف تدبر قال المص رفع الله درجته الفصل الخامس في الحج وفيه مسايل الأولى ذهبت الإمامية إلى أن الإسلام ليس شرطا في وجوب الحج وقال أبو حنيفة إنه شرط وقد خالف عموم قوله تعالى ولله على الناس حج البيت وأتموا الحج والعمرة لله انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن شرط وقوع الحج للشخص الإسلام فلا يصح من الكافر ولا من المسلم للكافر لأن الحج من العبادات ولا يصح العبادة من الكافر وأما الوجوب ففرع عن الخلاف في أن الكافر مكلف بالفروع أولا وقد ذكرنا في قسم علم الأصول تحقيق هذه المسألة وعلى تقدير القول بأنه مكلف بالفروع فالمراد منه أنه يعاقب على ترك الفروع كما يعاقب على ترك ص الأصول لا أنه يؤمر بالفروع كالصلاة والحج وعلى تقدير أن يؤمر بالفروع فأي فرق بين الصلاة والحج وأما الاستدلال في وجوبه على الكفار بالآية لشمول الناس الكافر والمؤمن فمن غرايب الاستدلالات لأن من المعلوم أن الناس ههنا مخصوص بالمسلمين ولا يلزم أن يراد بالناس العموم كما في قوله تعالى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فإن المراد بالناس الأول نعيم بن مسعود وبالناس الثاني القريش ثم إن قوله تعالى إنما المشركون نجس فلا تقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا يدل على عدم جواز حج ظ المشرك البتة فكيف عليه يجب ما لا يكون واجبا وهذا من الغرايب في الإسلام وتجويز حج الكافر خرق للإجماع ومخالفة للنصوص ثم أعجب من هذا تشنيعه على أبي حنيفة بمخالفة النص بئس الرجل وبئس المذهب انتهى وأقول كلام المص في التكليف بالحج ووجوبه عليه لا في وقوعه والنزاع من الإمامية والشافعية مع الحنفية في ذلك مشهور وكلام المص صريح فيما ذكرنا لا خفاء فيه أصلا كما لا خفاء في الفرق بين وجوب الحج ووقوعه وقد مر أن التكليف بالحج ونحوه من الفروع لا يتوقف على اتصاف المكلف حين التكليف بالإسلام كما في تكليف المحدث بالصلاة قبل رفع الحدث بالوضوء أو الغسل وبهذا ظهر إنا لا نفرق في الوجوب بين الصلاة والحج وساير الواجبات وليس في كلام المص ما يوهم الفرق لأن تخصيص الحكم ههنا بالحج لخصوصية المقام كما لا يخفى فلا وجه لقوله فأي فرق بين الصلاة والحج ثم قوله لا يلزم أن يراد بالناس العموم اه مدخول بأن الأصل في العام بقاءه على عمومه إلى أن يقوم دليل على إرادة خلافه كما في الآية التي استند بها الناصب في منعه المردود فإن تخصيص لفظي الناس فيها إنما وقع بقرنية المقابلة والناس في الآية التي استدل بها المص لا دليل على إرادة الخصوص منه فوجب إبقاءه على عمومه كما تقرر في الأصول ثم المراد من النهي عن قرب المشركين للمسجد الحرام نهيهم عن قربه حين الشرك والاتصاف بالنجاسة فلا غرابة في الإسلام وإنما الغرابة في دين الناصب الملحد واعوجاج فهمه أف لذلك الدين والفهم التابع للوهم والتخمين قال المص رفع الله درجته ب ذهبت الإمامية إلى أن القادر على المشي إذا لم يجد الزاد والراحلة لا يجب عليه الحج وقال مالك يجب ويكفي في القدرة على الزاد مسألة الناس وقد خالف في ذلك القرآن العزيز قال الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا وروى أمير المؤمنين ع وابن عمرو ابن عباس وابن مسعود و عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وجابر بن عبد الله وعايشة وأنس بن مالك عن النبي ص أنه قال الاستطاعة الزاد والراحلة لما سئل عنها انتهى قال الناصب خفضه الله أقول إن صح ما رواه عن مالك فإنه يجعل المسألة في حكم الزاد فكأنه مستطيع بالزاد والراحلة لإمكان السؤال وتحصيلهما به لا أنه يوجب الحج بلا زاد وراحلة حتى يلزم مخالفته للحديث انتهى وأقول قد صح ما رواه المص عن مالك رغما لأنف الناصب الهالك إذ رواه صاحب الينابيع عنه أيضا فقال ومذهبه أي مذهب مالك يجب عليهما أي على القادر على المشي والكاسب مط والقادر على السؤال انتهى ثم إن الكلام في سخافة جعل التجدي والسؤال عن الناس في حكم الزاد إذ لا يخفى ما في السؤال عن الناس من إهانة المؤمن وذله المنهى عنه بقوله ص ليس للمؤمن أن
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»