إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤١٠
ابن حزم في هذا المقام تحقيقا للمرام وتأكيدا للإلزام قال بعد ذكر الحديث الذي ذكره المص ونظيره من الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الباب من طريق عايشة وجابر وأنس وغيرهم من الصحابة فقد روى أمر رسول الله ص لمن لا هدي معه بأن يفسخ حجه بعمرة ويحل بأوكد أمر جابر بن عبد الله وعايشة أم المؤمنين وحفصة أم المؤمنين واسما بنت أبي بكر الصديق وأبو موسى الأشعري وأبو سعيد الخدري وأنس وابن عباس وابن عمر وسبرة بن معبد والبراء بن عازب وسراقة بن مالك ومعقل بن يسار من الصحابة ورواه عن هؤلاء ينف وعشرون من التابعين ورواه عن هؤلاء من لا يحصيه إلا الله تعالى فلم؟ يسع أحد الخروج عن هذا واحتج من خالف كل هذا بأخبار لا حجة لهم في شئ منها منها أنهم ذكروا خبرا رويناه من طريق مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة عن عايشة قالت خرجنا مع رسول الله ص عام مع حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل لحج وعمرة ومنا من أهل بالحج وأهل رسول الله ص بالحج فأما من أهل بعمرة فحل وأما من أهل بحج أو جمع بين الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر الحديث ومنها إلى آخره ثم قدح على سند هذه الأخبار ثم قال واحتجوا أيضا بنهي عمر وعثمان عن ذلك وهذا حجة عليهم لأنهم لأنه إن كان فيهما حجة فقد صح عنهما النهي عن متعة الحج وهم يخالفونهما في ذلك ثنا أحمد بن محمد الطلميكى ثنا ابن مفرح ثنا إبراهيم بن أحمد بن فراس ثنا محمد بن علي بن زيد الصانع ثنا سعيد بن منصور ثنا هشيم وحماد بن زيد قال بنا هشيم ثنا خالد وهو الحذاء وقال حماد عن أيوب السجستاني ثم اتفق أيوب وخالد كلاهما عن أبي قلابة قال قال عمر بن الخطاب متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهي عنهما وأضرب عليهما هذا لفظ أيوب وفي رواية خالد أنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحج وبه إلى سعيد بن منصور ثنا عبد الله بن وهب أخبرنا عمر بن الحرث عن عبد العزيز بن ثلاثة ثنية ح عن أبيه أن عثمان بن عفان سمع رجلا يهل لعمرة وحج فقال علي بالمهل فضربه و حلقه والحال أنهم يخالفونهما ويجيزون المتعة حتى أنها عند أبي حنيفة والشافعي أفضل من الإفراد فسبحان من جعل نهي عمر وعثمان عن فسخ الحج عمرة حجة ولم يجعل نهيهما عن متعة الحج حجة وضربهما عليه حجة إن هذا العجب فإن قالوا قد أباحها سعد بن أبي وقاص وغيره قلنا وقد أوجب فسخ الحج ابن عباس وغيره ولا فرق واحتجوا بما روينا من طريق البزار ثنا عمر بن الخطاب السختياني ثنا الفارياني ثنا أبان بن أبي حازم حدثني أبو بكر بن أبي حفص عن ابن عمر عن عمر قال يا أيها الناس إن رسول الله ص أحل لنا المتعة ثم حرمها علينا ومن طريق أبي ذر كانت المتعة في الحج رخصة لنا أصحاب محمد ص وهذا مما خالفه الحنفيون والمالكيون والشافعيون لأنهم متفقون على إباحة متعة الحج وأما حديث عمر فإنما هو متعة النساء بلا شك لأنه قد صح عنه الرجوع إلى القول بها في الحج انتهى وأما ما ذكره الناصب من أن قول النبي ص يحمل على الاحرام ويحض به ففيه ما ذكره ابن حزم من أنه لا يجوز أن يق في سنة ثابتة إنه محمول على كذا ومختصة بكذا أو خاصة بقوم دون قوم إلا بنص قرآن أو سنة صحيحه لأن أوامر النبي ص على عموم الإنس والجن الطاعة لها والعمل بها فإن قيل هذا لايق بالرأي قلنا فيجب على هذا متى وجد أحد من الصحابة يقول في آية إنها مخصوصة أو منسوخة أن يق بقوله وأقرب غرب ظ ذلك قولهم في المتعة إنها خاصة فقد خالفوا ذلك واحتجوا من طريق ربيعة الرأي عن الحرث بن بلال عن أبيه قلت يا رسول الله أفسخ الحج لنا أو لمن بعد نا قال لكم خاصة الحديث والحرث بن بلال مجهول ولم يخرج أحد هذا الخبر في صحيح الحديث وقد صح خلافه بيقين كما أوردنا من طريق جابر بن عبد الله أن سراقة بن مالك قال لرسول الله إذا أمرهم بفسخ الحج في عمرة يا رسول الله ص ألعامنا هذا أم لا بد فقال رسول الله ص بل لا بد لا بد ومن طريق البخاري حدثنا أبو النعمان هو محمد بن الفضل عازم حدثنا حماد بن زيد عن عبد الملك بن جريح عن عطا عن جابر بن عبد الله وعن طاوس عن ابن عباس قالا جميعا قدم رسول الله ص صبح رابعة من ذي الحجة يهلون بالحج خالصا لا يخالطه شئ فلما قدمنا مكة أمرنا فجعلناها عمرة وإن نحل إلى نساءنا فعيب في ذلك العابة فبلغ ذلك النبي ص فقال بلغني ص أن قوما يقولون كذا وكذا والله أنا لأبر وأتقى لله منهم ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ولولا أن معي الهدي لأحللت فقام سراقة بن مالك بن جثعم فقال يا رسول الله ص هي لنا أو للأبد قال بل للأبد وهكذا رواه مجاهد عن ابن عباس ومحمد بن علي بن الحسين عن جابر فبطل التخصيص والنسخ وصح أمر ذلك أبدا ووالله إن من سمع هذا الخبر ثم عارض أمر رسول الله ص بكلام حد كأينا من كان لها لك فكيف بالكذوبات كنسج العنكبوت وأما ما ذكره الناصب بقوله لا أن المراد منه التحلل من إحرام الحج في شهره اه ففيه ما ذكره ابن حزم أيضا من أنه ليس لأحد أن يقتصر بقوله ع دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيمة على أنه أراد جوازها في أشهر الحج دون ما بينه جابر وابن عباس من إنكاره ع أن يكون الفسخ خاصة لهم أو لعامهم دون ذلك ومن فعل ذلك فقد كذب على رسول الله ص جهارا انتهى ولابن قدامة الحنبلي أيضا قدم صدق في هذا المقام فارجع إلى كتابه المسمى بالمغني فإنه يسمن ويغني من جوع انتهى قال المص رفع الله درجته ح ذهبت الإمامية ال يان المتمتع إذا أحزم بالحج رجب عليه الدم واستقر وقال مالك لا يجب حتى يرمي جمرة العقبة وقد خالف في ذلك قول الله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي وقول رسول الله ص من كان معه هدي فإذا أهل بالحج فليهد ومن لم يكن معه هدي فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول إن صح ما روي عن مالك فإنه مبني على أن استقرار الدم إنما يكون بعد الفراغ من الحج وهو بعد رمي جمرة العقبة ولا مخالفة للحديث لأنه لبيان الهدي وكذا الكتاب وهذا ليس دم الهدي انتهى وأقول ما ذكره من مبنى مذهب مالك بناء على غير أساس والمراد من الهدي في الآية والحديث إراقة دمه لا مجرد سوقه إلى مكة وتربيته وعلفه فالأمر بالهدي مستلزم للأمر بإراقة دمه والحديث صريح فيما ذكرناه لظهور أن المراد من قوله ص فليهد بعد قوله من كان معه هدي فليذبح الهدي ذلك فافهم والحديث مما رواه العامة عن ابن عمر كما ذكره المص قدس سره في التذكرة ولهذا سلمه الناصب كما ترى قال المص رفع الله درجته ط ذهبت الإمامية إلى أن نية التمتع شرط فيه وقال الشافعي ليست شرطا
(٤١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 ... » »»