إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٠٦
ذكر في كتاب الاستيعاب وكتاب الاضاوته؟ كتاب أسد الغاية في معرفة الصحابة في عداد أكابر الصحابة ولم نسمع في الصحابة والتابعين وعبد الله بن بديل سواء ولهذا لا ينصرف ذهن من له اطلاع على أحوال السلف عند سماع ذلك إلا إليه قال صاحب الاستيعاب قد أسلم عبد الله مع أبيه بديل قبل فتح مكة وكان سيد خزاعة وهم عيبة رسول ص وصاحب سره وقد شهد عبد الله مع النبي ص غزاة حنين وطايف وتبوك وكان له قدر وسيادة تامة ثم استشهد في حرب صفين مع أخيه عبد الرحمن وكان في ذلك اليوم أميرا على رجالة عسكر أمير المؤمنين ع وكان من أكابر أصحابه وروى عن الشعبي أنه كان على عبد الله في حرب صفين درعان وسيفان يضرب أهل الشام بالسيف ويقول شعر لم يبق إلا النصر والتوكل ثم التمشي في الرعيل الأول مشي إجمال في حياض المنهل والله يقضي ما شاء ويفعل وهكذا كان يستحق من قتل الأعداء ويشق الصفوف حتى وصل إلى معاوية وحمل عليه وأبعده عن موضعه وفرق أصحابه الذين كانوا حوله فهجموا على دفعه بالسيف والنصل والحجارة حتى صار شهيدا ولما نظر معاوية إلى شمايله اللاتجه؟ منها آثار السيادة والنجابة قال كان هذا فحل القوم اللهم اظفرني على اشتروا شعب بن قيس فإنه ليس في عسكر على مثل هذا الرجل غيرهما وروى عن زيد بن وهب الجهني أن عبد الله بن بديل قام يوما بصفين في أصحابه فخطب محمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ص ثم قال ألا إن معاوية ادعى ما ليس له ونازع الأمر أهله ومن ليس مثله وجلال بالباطل ليدحض به الحق وصال عليكم بالأغراب والأحزاب وزين لهم الضلالة وزرع في قلوب هم حب الفتنة ولبس عليهم الأمر وأنتم والله على الحق على نور من ربكم وبرهان مبين فقاتلوا الطغاة قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين قاتلوا الفئة الباغية الذين نازعوا الأمر أهله وقد قاتلتموهم مع رسول الله ص فوالله ما هم في هذه بأزكى ولا أتقى ولا أبر قوموا إلى عدو الله وعدوكم يرحمكم الله انتهى وأقول ولم يزن هذا ضيع القوم في أنهم إذا وجدوا في سند حديث رواه شيوخهم أحدا من سبيعة على ع جهلوه أو نسبوه إلى الكذب ولو كان من أكابر أصحاب النبي ص وأما من نسب إلى النصب كعبد الله بن عمرو العاصي وأبيه وغيرهما من العصاة البغاة فهو عندهم من أوثق الناس وأصدقهم فالله المستعان من شدة تحاملهم وانحرافهم ونصبهم قال المص رفع الله درجته به ذهبت الإمامية إلى أنه إذا أذن لزوجته أو أمته في نذر الاعتكاف فنذرتا انعقد ولم يجز له منعهما وقال أبو حنيفة له منع الأمة دون الزوجة وقال الشافعي له منعهما وقد خالفا في ذلك العقل والنقل أما العقل فلأنه دال على تحريم المنع من الاتيان بالواجب وأما النقل فالنصوص دالة على وجوب الايفاء بالنذر الصحيح وقد انعقد نذرهما بإذنه إجماعا انتهى وقال الناصب أخفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لا يجوز لامرأة أن تصوم تطوعا بمحضر الزوج إلا بإذنه ولا يجوز لها الاعتكاف إلا بإذنه والشروع في النافلة لا يوجب الاتمام فللزوج أن يرجع عن الإذن إذا لم يكن منذورا وإذا كان منذورا فليس له الرجوع فلا مخالفة للعقل والنقل انتهى وأقول إن المص فرض المسألة في الاعتكاف المنذور دون المندوب فلا طايل في نقل فتوى الشافعي في المندوب وما ذكره من أن الشافعي لا يقول في المندوب بجواز الرجوع والمنع مم كما يرشد إليه النظر في كتاب تتمه الإنابة للمتولي الشافعي النيشابوري حيث قال قبل الفصل الرابع في الاعتكاف المنذور فرعان إحداهما إذا أذن لعبدة أو زوجته في الاعتكاف وشرع في الاعتكاف وكان الاعتكاف متطوعا به أو كان مندوبا ولم يشترط فيه المتتابع فلأن يرجع ويمنعهما من المضي في الاعتكاف ويكره له ذلك فأما إذا كانا قد شرطا التتابع في النذر لم يكن له إخراجهما لأن الزمان قد يعين له بالشروع فيه وصار كما لو أذن له في صوم النذر ليس له أن يكلفه الفطر فإن أخرجهما عن المعتكف فالحكم في بطلان تتابعهما كالحكم في المعتكف إذا أكره على الخروج عن المسجد وسيذكر وقال أبو حنيفة له أن يمنع العبد من كمال الاعتكاف وليس له منع الزوجة وفرق بأن المرأة تملك بالتمليك فيصير كأنه ملكهما منافعهما بالإذن والعبد لا يملك بالتمليك فيكون السيد بالإذن كالمعير نفسه منه وقال مالك ليس له منعهما وشنبه؟ مما لو أذن لهما في صلاة الجمعة وشرعا فيه ولم يكن لإخراجهما منها ودليلنا أن السيد متبرع والتبرع لا يلزم قبل تمامه ويفارق الجمعة لأنهما بالجمعة يؤديان فرضا وههنا لا وجوب انتهى ولا يخفى أن الدليل عليل من وجوه منها مخالفة مدلوله لعمومه قوله تعالى لا تبطلوا أعمالكم وأما قوله وههنا لا وجوب فهو ظاهر البطلان لأن الكلام في الاعتكاف المنذور والإتيان بالنذر لا يصح واجب كما مر ثم إن الناصب المدبر قطع الله دابره قد ولى الدبر عن تدبير ما وقع عن أبو حنيفة فهو لم يقطع دابر إلا يراد كما لا يخفى قال المص رفع الله درجته يو ذهبت الإمامية إلى أنه إذا نذر أن يعتكف شهر رمضان ففاته قضاه فإن أخره إلى رمضان آخر فاعتكف فيه أجزأه وقال أبو حنيفة يجب عليه قضاءه ولا يجوز في الرمضان الثاني وهو خلاف المعقول التساوي الشهرين وباقي الشهور للشهور أيضا مع أن مذهبه القياس ووجوب العمل به وأي تماثل أشد من التماثل هنا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه إذا نذر اعتكاف مدة مقدرة كشهر مثلا وجب الوفاء به وإن عين المدة المقدرة كهذه الأسبوع أو هذه العشرة أو عشرة من الآن أو شهر رمضان أو هذا الشهر لزم الوفاء متتابعا ولو فرق أو أخر عصى وبنى ولا يجب الاستيناف ولا التتابع في القضاء ومذهب أبي حنيفة إن من أوجب على نفسه اعتكاف أيام لزمه اعتكافها بلياليها فإن فاته قضاء وأما ما ذكر أن الاعتكاف في رمضان آخر يجزيه فهذا يصح إذا نذر أن يصوم في رمضان مط ولا يخصصه بهذا الرمضان فإذا خصصه بهذا الرمضان لم يجزء الرمضان الثاني عنه لأنه لم يصدق على الرمضان الثاني أنه هذا الرمضان فلا يصح القياس مثلا إذا نذر صوم يوم الاثنين من ذي الحجة الحاضرة فظاهر أنه لم يجزء عنه صوم يوم الاثنين من ذي الحجة الآتية انتهى وأقول مراد المص قدس سره كما ينادى عليه سياق كلامه أنه إذا أتى المكلف بقضاء الاعتكاف الذي فاته في رمضان في رمضان آخر بعده أجزأه ذلك القضاء لا أنه أجزأه على وجه الأداء وبالجملة ضمير فإن أخره في قوله فإن أخره إلى رمضان آخر رجع إلى القضاء كما هو الظاهر لا إلى أصل الاعتكاف المنذور الفائت كما توهمه الناصب لأن الغرض أنه قد فات ولا معنى للقول بناء خير ما فات وكذا الضمير في لا يجوز في قول أبي حنيفة ولا يجوز في الرمضان الثاني راجع إلى القضاء وعلى هذا تشنيع المص على أبي حنيفة متوجه والناصب لم يحصل معنى كلام المص مع غاية وضوحه فأتى بما يشهد على اعوجاج فهمه وقلة تحصيل والحمد لله على السلامة من مثله قال المص رفع الله درجته يز ذهبت الإمامية إلى أنه إذا نذر أن يعتكف في أحد المساجد الأربعة وجب عليه الاتيان والوفاء به وقال الشافعي إن كان في المسجد الحرام فكذلك وإلا جاز أن يعتكف حيث شاء وقد خالف المتواتر في وجوب الوفاء بالنذر في الطاعة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لو نذر أن يعتكف في المسجد الحرام أو الأقصى أو مسجد المدنية تعين ويقوم الأول مقامهما وإلا خبر مقام الثاني لا عكسهما لو عين مسجدا غير الثلاثة لم يتعين فظهر أنه نقل مذهب الشافعي على خلاف ما هو عليه انتهى وأقول قد ذكر صاحب الينابيع المسألة على وجه ذكرها الناصب لكن
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 ... » »»