إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٠٤
العيد لإمكان ظهور الهلال في الأفق بعد طلوع النهار فلا يكون كل النهار عيدا بخلاف ما رأى في المغرب فإنه يجزم الحكم معه على أن الغد منه عيد والنص يدل على الافطار عند رؤيته أعم من أن يكون في ذلك اليوم أو في غده والمراد من الروية رؤية يوجب تحقق العبد معه وههنا ليس كذلك انتهى وأقول دليله غير صحيح بمقدماته لأن المقدمة المأخوذة فيه القايلة بأنه إذا رأى الهلال بالنهار يوم الثلاثين فهو لليلة المستقبلة اه غير مسلمة لا بد لبيانه من دليل وأنى له ذلك مع ما ذكره ابن قدامة من اختلاف أهل نحلته فيه فذهب أبو يوسف والثوري وأحمد في رواية إلى أنه إن رأى قبل الزوال فهو لليلة الماضية وإن رأى بعده فهو لليلة المستقبلة ولأن ما قبل الزوال أقرب إلى الماضية وذهب أحمد في رواية أخرى إلى أنه لليلة الماضية مط وأنه يلزم قضاء ذلك اليوم وإمساك بقية احتياطا وأما ما استدل به عليها من أن النهار بالنسبة إلى الصوم والفطر لا يتجزى ففيه أن المص لم يفرض المسألة فيما إذا رأى الهلال في نهار الثلاثين بعد الافطار حتى يلزم تجزيه ولو سلم أن المسألة ما يعم ذلك فنقول إن أراد أنه لا يتجزى اختيارا فهو مسلم ولكن لا اختيار فيما نحن فيه وإن أراد أنه لا يتجزى مط فهو غير مسلم بل يتجزى اضطرارا فيلزم قضاء ذلك اليوم وإمساك بقية احتياطا كما مر ويتوجه على ما ذكره من الجواب أن المص قد فرض المسألة فيما إذا علم أن ما رأى من الهلال هلال شوال بأن رأى في يوم الثلاثين تاما قبل الزوال فإن ما قبله أقرب إلى الليلة الماضية فما ذكره الناصب من أنه لا يلزم أن يكون يوم العيد اه ساقط وما فرعه عليه بقوله فلا يكون كل النهار عيدا أشد سقوطا وأسقط من الكل قوله والنص يدل على الافطار عند رؤيته أعم من أن يكون في ذلك اليوم أو في غده كيف ولو دل قوله ص صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته على ما ذكره الناصب من العموم لدل قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس على نحوه من العموم وخلافه ظاهر عرفا وشرعا قال المص رفع الله درجته ى ذهبت الإمامية إلى أنه إذا وطي في نهار شاهد هلال رمضان في ليلته وحده وجبت عليه الكفارة وقال أبو حنيفة لا يجب وقد خالف في ذلك النصوص الدالة على إيجاب الكفارة بإفطار رمضان وهذا رمضان عنده بالضرورة ويلزمه ما لزم مالكا وأحمد في الصورة الأولى من ترجيح حكم الفاسق بشهادة فاسقين على الاحساس وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لو رأى الفاسق هلال رمضان لزمه الصوم شهدا ولم يشهد لأنه صادق عليه أنه رأى الهلال فيجب عليه الصوم فإن جامع فعليه الكفارة لأنه أفطر في رمضان حقيقة لتيقنه وحكما لوجوب الصوم عليه ومذهب أبي حنيفة إن من رأى هلال رمضان وحده صام وإن لم يقبل الإمام شهادته لقوله ع صوموا لرؤيته وقد رأى ظاهر أو أن أفطر فعليه القضاء دون الكفارة ودليله أن القاضي رد شهادته بدليل شرعي وهو تهمة الغلط فأورث شبهة وهذه الكفارة تندرئ بالشبهات ولو أفطر قبل أن يرد الإمام شهادته اختلف المشايخ فيه ولو أكمل هذا الرجل ثلثين يوما لا يفطر إلا مع الإمام لأن الوجوب عليه للاحتياط والاحتياط بعد ذلك في تأخير الافطار ولو أفطر لا كفارة عليه اعتبارا للحقيقة التي عنده هذا مذهب أبي حنيفة ودليله انتهى وأقول الشرع والعقل بريان من مثل هذا الدليل العليل الذي تكلفه لأبي حنيفة لأن الرد والتهمة إنما يصير حجة في حق غير المتفرد بهلال رمضان لا في حق نفسه وكيف يورث شبهة واشتباها في حق نفسه مع كونه جاز ما برؤية الهلال نظير ذلك ما قال الناصب سابقا من أن ما تفرد أبو بكر بروايته من حديث نحن معاشر الأنبياء لا نورث إنما يكون خبرا واحدا ظنيا في حق غيره وأما في حق نفسه فلا لأنه سمعه مشافهة عن رسول الله ص فافهم وأيضا المأثور بين الفقهاء أن الحدود تندر عمى بالشبهات لا أن الكفارات تندرى؟ بالشبهات صح وأغرب من ذلك ما وقع في بعض حواشي الهداية للحنفية من تعليل تهمة الغلط في خبره بأنه تفرد بدعوى الرؤية من بين ساير الناس مع استوائهم في حاسة البصر والنظر إلى مطلع القمر انتهى وفيه أنه إن أراد استوائهم في أصل آلة الحس فمسلم ولكن لا يلزم منه الاستواء في الكيفية أيضا لظهور اختلاف الناس في حدة النظر وضعفها وإن أراد الاستواء في الكيفية أيضا فتوجه المنع عليه أظهر من أن يخفى قال المص رفع الله درجته يا ذهبت الإمامية إلى أنه لو نذر صوم يومي العيدين لم ينعقد نذره ولا يجب قضاءه قال أبو حنيفة ينعقد فإن صامه أجزأ وإلا قضاه وقد خالف في ذلك العقل والنقل أما العقل فإن صومهما محرم بإجماع أهل الإسلام والمحرم لا تصح قربة إلى الله تعالى ولا ينعقد النذر إلا في طاعته لأن المطلوب منه التقرب إليه فكيف يعقل التقرب إليه بما يكرهه ويحرمه وأما النقل فلأن النبي ص نهى عن صوم هذين اليومين انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لو نذر صوم سنة معينة كهذه السنة أو سنة من الآن أو الغد أو من شهر كذا صامها متتابعا لحق الوقت ويقع رمضان عن فرضه ويفطر العيدين وأيام التشريف بلا قضاء لأن العيدين وأيام التشريق حرم فيها الصوم فلا يتعلق بالنذر لأن النذر يكون في القربات فكيف يقع في الحرام هذا مذهب الشافعي ودليله ومذهب أبي حنيفة أنه إذا قال لله على صوم يوم النحر أفطر وقضى فهذا القدر صحيح عنده والدليل عليه أنه نذر لصوم مشروع والنهي لغيره وهو ترك إجابة دعوة الله فيصح نذره ولكنه يفطر احترازا عن المعصية المجاورة ثم يقضي إسقاطا للواجب وإن صام فيه يخرج عن العهدة لأنه أداة كما التزمه هذا مذهب أبي حنيفة ودليله وما ذكر أنه خالف العقل والنقل فهو غير وارد عليه لأنه لم يقل بعدم حرمة الصوم فيه بل هو قايل بها لكنه يقول بإلزامه ويؤاخذه به ويلزمه القضاء عملا بالوفاء بالنذر وورود الخبر في نهى الصوم فيه لا ينافيه لأنه لم يقل بعد حرمة الصوم فيه حتى لا يكون عاملا بالنهي انتهى وأقول إنما أمر الله تعالى بالوفاء بالنذر إذا كان طاعة لا إذا كان معصية وإذ صح نهي النبي ص عن صوم يومي العيدين وأي يوم نهى عنه فصوم ذلك اليوم معصية ولم يأمر الله تعالى قط بالوفاء بنذر معصية فكيف يقول عاقل إن هذا النذر صحيح وكيف يقال إنه نذر لصوم مشروع ومن أين علم أبو حنيفة وأولياءه إن النهي عن نذر ذلك لأجل ترك إجابة دعوة الله تعالى بالأكل والإفطار اللازم للصوم لا
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»