إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤١١
وقد خالف بذلك قول الله عز وجل وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين وقول النبي ص إنما إلا عمل بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن التمتع أن يحرم بالعمرة من الميقات ويأتي بأعمالها ثم ينشئ الحج من مكة ولا بد في كلا الاحرامين من النية ولا يلزم أن ينوي في الاحرام الأول الاحرام الثاني انتهى وأقول كلام الناصب ههنا سقيم غير مستقيم جدا وغاية ما احتج به الشافعي لذلك على ما في التذكرة صح إن الاحرام ينعقد بالتلبية من غير نية ويلزمه ما أتى به والآية حجة عليه كما لا يخفى وبالجملة تعيي الأعمال وتمييزها مطلوب للشارع فالواجب في نية الاحرام أن يقصد بقلبه إلى أمرو أربعة ما يحرم به من حج أو عمرة متقربا به إلى الله تعالى ويذكر ما يحرم له من تمتع أو قران أو إفراد ويذكر الوجوب والندب وما يحرم له من حجة الإسلام أو غيرها والتلبية لا يدل على شئ من ذلك قال المص رفع الله درجته ى ذهبت الإمامية إلى أن صوم السبعة إنما يجوز إذا رجع إلى أهله أو يصير بقدر مصير الناس إلى أهله ويمضي عليه شهر وقال أبو حنيفة لا يجب بل متى فرغ من أفعال الحج جاز له الصوم وقد خالف في ذلك قوله تعالى وسبعة إذا رجعتم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن السبعة يصومها بعد الرجوع إلى الأهل والوطن فإن توطن بمكة بعد فراغه صام بها وإن لم يتوطنها لم يجز صومه لها ولا في الطريق ومذهب أبي حنيفة أن السبعة يصومها إذا رجع إلى أهله وإن صامها بمكة بعد فراغه من الحج جاز ومعناه بعد ما مضى أيام التشريق لأن الصوم فيها منهي عنه وقال في الهداية وقال الشافعي لا يجوز لأنه معلق بالرجوع إلا أن ينوى المقام فح يجزيه لتعذر الرجوع ولنا أن معناه رجعتم عن الحج أن فرغتم إذ الفراغ سبب الرجوع إلى أهله فكان الأداء بعد السبب فيجوز فظهر أن أبا حنيفة يأول معنى الرجوع فلا مخالفة للنص انتهى وأقول تأويل النص بمثل ما ارتكبه أبو حنيفة ههنا من التأويل العليل لا يدفع مخالفته للنص فإن ذكر المسبب وإرادة السبب إنما يصح إذا كان السبب مختصا به وفيما نحن فيه ليس كك؟ لان الرجوع كما يجوز أن يكون مسببا عن الفراغ وإكمال أفعال الحج يجوز أن يكون مسببا عن الحصر والصد والمرض ونحو ذلك على أن المجاز إنما يجوز مع وجود القرنية الواضحة وليس ههنا قرنية كذلك فتأمل قال المص رفع الله درجته يا ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجوز الاحرام قبل الميقات وقال أبو حنيفة والشافعي الأفضل أن يحرم قبله وقد خالفا في ذلك فعل النبي ص فإنه أحرم من الميقات ولو كان الاحرام قبله أفضل لما عدل عنه وقال خذوا عني مناسككم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي جواز الاحرام قبل الميقات وأن يحرم من دويرة أهله ومذهب أبي حنيفة أن فايدة التوقيت المنع عن تأخير الاحرام عنها لأنه يجوز التقديم عليها بالاتفاق فإن قدم الاحرام على هذه المواقيت جاز لقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله وإتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك كذا قال علي وابن مسعود رض عنهما والأفضل التقديم عليهما لأن إتمام الحج مفسريه والمشقة فيه أكثر والتعظيم أوفر وعن أبي حنيفة إنما يكون أفضل إذا كان يملك نفسه أن لا يقع في محظور وأما الاستدلال بأنه لو كان الاحرام قبله أفضل لما عدل عنه رسول الله ص فالجواب أنه ربما كان للتشريع وبيان الجواز وبتيين؟ المواقيت للناس انتهى وأقول فيه أولا إن ما ذكره أولا من الاتفاق مم لمخالفة الإمامية بل لمخالفة أبي سليمان وأصحاب الحديث أيضا كما نقله ابن حزم في كتاب المحلى حيث قال أما أبو حنيفة وسفيان والحسن بن حي فاستحبوا تعجيل الاحرام من الميقات وأما مالك فكرهه والزمه إذا وقع وأما الشافعي فكرهه وأما أبو سليمان فلم يجزه وهو قول أصحابنا وأما أبو حنيفة فإنه ترك القياس إذا جاز الاحرام قبل الميقات ولم يجز صلاة من صلى وبينه وبين الإمام فهر ولا فرق بين الاحرام بالحج في غير موضع الاحرام وبين الصلاة في غير موضع الصلاة أما المالكيون فإن حملوا الآثار التي رويناها على ما حملها عليه الحنفيون فقد أعطوا القول على أصولهم أن كرهوا ما استحبه الصحابة وإن حملوه على ما حملناها عليه فكيف يجيزون خلاف ما حده رسول الله ص وهذا ما لا مخلص منه وبالله تعالى التوفيق انتهى على قوله انتهى مقدم على قوله وقال المص على قوله انتهى وقال المص في التذكرة أطبق الجمهور على جواز الاحرام قبل الميقات واختلفوا في الأفضل فقال مالك الأفضل الاحرام من الميقات ويكره قبله وبه قال عمرو عثمان والحسن وعطا ومالك وأحمد وإسحق وقال أبو حنيفة الأفضل الاحرام من يلده وعن الشافعي كما لمذهبين وكان علقمة والأسود وعبد الرحمن وأبو إسحق يحرمون من بيوتهم لنا ما رواه الجمهور أن النبي ص أحرم من الميقات ولا يفعل إلا الراجح وقال ع خذوا عني مناسككم فوجب اتباعه ومن طريق الخاصة قول الصادق ع من أحرم بالحج في غير أشهر الحج فلا حج له ومن أحرم دون الميقات لا إحرام له ولأنه أحرم قبل الميقات فكان حراما كالإحرام قبل أشهر الحج ولما فيه من التعزير بالإحرام والتعرض لفعل مخطوراته وفيه مشقة على النفس فيمنع كالوصال في الصوم احتجوا بما رواه العامة عن أم سلمة زوجة النبي ص إنما فها سمعت رسول الله ص يقول من أحرم بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وفي الطريق ضعف عند العامة انتهى وثانيا إن مر من ما ذكره من قول علي ع وعمر في تفسير الآية مدفوع بما ذكره ابن قدامة الحنبلي في كتاب المغني حيث أنكر قولهما ذلك وقال إنما قالا إتمام العمرة إن تشبهاء من بلدك ومعناه أن تنشئ لها سفرا من بلدك يقصد له ليس أن تحرم بها من أهلك قال أحمد كان سفيان يفسره بهذا وكذلك فسر به أحمد ولا يصح أن يفسر بنفس الاحرام لأن النبي ص وأصحابه ما أحرموا بها من بيوتهم وقد أمرهم الله تعالى بإتمام العمرة فلو حمل قولهم على ذلك لكان النبي ص وأصحابه ما أحرموا بها من بيوتهم وقد أمرهم الله تعالى بإتمام العمرة فلو حمل قولهم على ذلك وكان النبي ص وأصحابه تاركين لأمر الله تعالى ثم إن عمر وعليا رض ما كانا يحرمان إلا من الميقات افتريهما يربان إن ذلك ليس بإتمام لهما ويفعلانه هذا لا ينبغي أن يتوهمه أحد ولذلك أنكر عمر على أن إحرامه من مصره واشتد عليه وكره أن يتسامع الناس مخالفة أن يؤخذ به افتراه كره إتمام العمرة واشتد عليه أن يؤخذ الناس بالأفضل هذا لا يجوز فيتعين حمل قولهما في ذلك على ما حمله عليه الأئمة انتهى وثالثا إن ما ذكره ثانيا في الجواب عن استدلال المص مردود بأن احتمال إرادة التشريع وبيان الجواز إنما يعقل إذا فعل النبي ص أولا ولو مرة الاحرام قبل الميقات ثم فعله من الميقات والمفروض أنه ص لم يفعل ذلك قط إلا عن الميقات فلا معنى لبيان الجواز ههنا كما لا يخفى
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»