إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٩٨
صاحب الخيل مخير إن شاء أعطى عن كل فرس منها دينار أو عشرة دراهم وإن شاء قومها فأعطى من كل مائتي درهم عشرة دراهم وهذا خلاف فعل عمر وأيضا فقد خالفوا عمر في أخذ الزكاة من الرقيق عشرة دراهم من كل رأس فكيف يجوز لذي عقل ودين أن يجعل بعض فعل عمر حجة وبعضه ليس بحجة انتهى قال المص رفع الله درجته ذهبت الإمامية إلى أنه لا يضم الذهب إلى الفضة ولو نقص كل منهما عن النصاب وقال أبو حنيفة ومالك يضم وقد خالفا في ذلك قول رسول الله ص ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة وليس فيما دون عشرين مثقالا من الذهب صدقة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه لا يكمل الورق بالذهب وبالعكس لأن صدقة كل نوع فرضت على حدة فلا يكمل الناقص من النوعين بالآخر ومذهب أبي حنيفة إنه ليس في الفضية فيما دون مائتي درهم صدقة لقوله ع ليس فيما دون خمس أواق صدقة والأوقية أربعون درهما وكذا في الذهب ليس فيما دون عشرين مثقالا من ذهب صدقة فإذا كانت عشرين ففيها نصف مثقال للحديث وما ذكره عن أبي حنيفة ومالك ما رأينا في كتبهم انتهى وأقول نسبة القول المذكور إلى أبي حنيفة ومالك قد وقع عن ابن حزم أيضا في كتابه المحلى غاية الأمر أنه قال إنه قول أبي حنيفة الأول ثم رجع ولنذكر عبارته في تقرير مذهبهما مع ما أورده عليهما وننبه أولياء الناصب بأن أسلافهم قد خربوا بيوتهم بأيديهم فإنه أقوى في إلزامهم وأشد في إرغامهم قال ابن حزم وأما الجمع بين الفضة والذهب فإن مالكا وأبا يوسف ومحمد بن الحسن قالوا من كان معه من الدنانير و الدراهم ما إذا حسبها على أن كل دينار بإزاء عشرة دراهم فاجتمع من ذلك عشرون دينارا أو مايتا درهم زكى الجميع زكاة واحدة مثل أن يكون له دينار ومائة وتسعون درهما أو عشرة دراهم وتسعة عشر دينارا أو عشرة دنانيرا والدراهم أو رخصها وهو قول أبي حنيفة الأول ثم رجع فقال يجمع بينهما بالقيمة فإذا بلغ قيمة ما عنده منهما جميعا عشرين دينارا أو مأتي درهم فعليه فيه الزكاة وإلا فلا فيرى على من له دينار واحد يساري لغلاء الذهب مائتي درهم غير درهم وعنده درهم واحد أن الزكاة واجبة عليه ولم ير على من عنده تسعة عشر دينارا أو مايتا درهم غير درهم لا يساوي لرخصها وغلاء الذهب دينارا زكاة وقال ابن أبي ليلى وشريك والحسن بن حي والشافعي وأبو سليمان لا يضم ذهب إلى ورق أصلا لا بقيمة ولا على الأجزاء الكامل ص فمن عنده مايتا درهم غير حبة وعشرون دينارا غير حبة فلا زكاة عليه فيهما فإن كمل أحدهما فضابا زكاه ولم يزك الآخر واحتج من رأى الجمع بينهما بأنهما أثمان الأشياء فيق في جوابه إن الفلوس قد يكون أثمانا أيضا فزكها على هذا الرأي الفاسد والأشياء كلها قد تباع بعضها ببعض فتكون أثمانا فزك العروض لهذه العلة وأيضا قولكم بأنهما لما كانا أثمانا للأشياء وجب ضمها في بعض الزكاة فهذه علة لم يصححها قرآن ولا سنة ولا رواية فاسدة ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس بعقل ولا رأي سديد وإنما هي دعوى في غاية الفساد وأيضا فإذا صححوها فاجمعوا بين الإبل والبقر في الزكاة لأنهما يوكلان ويشرب ألبانهما ويجزي كل منهما عن سبعة في الهدى نعم وأجمعوا بينهما وبين الغنم في الزكاة لأنها كلها يجوز في الأضاحي ويجب فيها الزكاة فإن قبل النص فرق بينهما قلنا والنص فرق بين الفضة والذهب في الزكاة ولا يخلو الفضة والذهب من أن يكونا جنسا واحد أو جنسين فإن كانا جنسا واحدا فحرموا بيع أحدهما بالآخر متفاضلا وإن كانا جنسين فالجمع بين الجنسين لا يجوز إلا بنص وارد في ذلك ويلزمهم الجمع بين التمر والزبيب في الزكاة وهم لا يقولون به مع أنهما قوتان خلوان فظهر فساد هذا القول بيقين وأيضا فيلزم من رأى الجمع بينهما بالقيمة أن يزكي في بعض الأوقات دينارا ودرهما فقد شاهدنا الدينار يبلغ بالأندلس أزيد من مأتي درهم وهذا باطل شنيع جدا ويلزم من رأى الجمع بينهما بتكامل الأجزاء أنه إذا كان الذهب رخيصا أو غاليا فإنه يخرج الذهب عن الذهب والفضة بالقيمة أو يخرج الفضة عن الذهب والفضة بالقيمة هذا ضد ما جمع به بينهما فهرة راعى القيمة لا الأجزاء ومرة راعى الأجزاء لا القيمة في زكاة واحد وهذا خطأ بيقين ولا فرق بين هذا القول وبين من قال بل أجمع الذهب مع الفضة بالقيمة وأخرج عنهما أحدهما بمراعاة الأجزاء وكلاهما يحكم بالباطل فيلزمه إذا اجتمع له ذهب وفضة يجب فيهما عنده الزكاة وكان الدينار قيمته أكثر من عشرة دراهم فإنه إن أخرج ذهبا عن كليهما فإنه يخرج ربع دينار وأقل عن زكاة عشرين دينارا وهذا باطل عندهم وإن أخرج دراهم عن كليهما وكان الدينار لا يساوي إلا أقل من عشرة دراهم وجب أن يخرج أكثر من عشرة دراهم عن مأتي درهم وهذا باطل بإجماع فإن قالوا إنكم تجمعون بين الضان والماعز في الزكاة وهما نوعان مختلفان قلنا نعم لأن الزكاة فيهما جاءت باسم يجمعهما وهو لفظ الغنم والشاة ولم يأت الزكاة في الذهب والفضة بلفظ يجمعهما ولو لم يأت الزكاة في الضان إلا باسم الصان ولا في الماعز إلا باسم الماعز لما جمعنا بينهما هم مجمعون على أن الذهب غير الفضة وأنه يجوز بيع درهم من أحدهما بمائة من الآخر وإن أحدهما حلال للنساء والرجال والآخر حلال للنساء حرام على الرجال وهم مقرون إن الزكاة لا يجب في أقل من مأتي درهم ولا في أقل من عشرين دينارا ثم يوجبون في عشرة دنانير ومائة دراهم وهذا تناقض لا خفاء به هذا وحجتنا في أنه لا يحل الجمع بينهما في الزكاة هو قول روسل الله ص ليس فيما دون خمس أواقي من الورق صدقة فكان من جمع بين الذهب والفضة قد أوجب الزكاة في أقل من خمس أواقي وهذا خلاف مجرد لأمر رسول الله ص وشرع لم يأذن الله تعالى به وهم يصححون الجز في إسقاط الزكاة في أقل من عشرين دينارا ثم يوجبونها في أقل وهذا عظيم جدا وقد صح عن علي وعمرو بن عمر إسقاط الزكاة في أقل من مايتي درهم ولا مخالف لهم من الصحابة رص وأما إخراج الذهب عن الورق والورق عن الذهب مان مالكا وأبا حنيفة أجازاه ومنع منه الشافعي وأبو سليمان وبه نأخذ لأن رسول الله ص قال في الرقة ربع العشر وفي مايتي درهم خمسة دراهم فمن أخرج غير ما أمر رسول الله ص بإخراجه فقد تعدى حدود الله ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ولم يأت بما أمر فلم يزد وأما الذهب فالأمة كلها مجمعة على أنه إن أخرج في زكاة الذهب فقد أدى
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»