إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٠٥
لنفس حرمة الصوم وهل هذا إلا مثل أن يق إن المنع من نكاح الأمهات والأخوات والبنات مثلا إنما هو لاستلزامه ما كرهه الله تعالى من خلط النسب فيما إذا اجتمع إخوان على أم واحدا وعلى أخت واحد لا لأجل حرمة نفس النكاح والوطي وهل هذا إلا هذرا وتلاعبا بالدين والدخول في زمرة الملحدين قال المص رفع الله درجته يب ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجوز لفاقد الهدي صيام أيام التشريق تويمنى؟ وقال الشافعي يجوز وبه قال مالك وقد خالفا في ذلك النهي عن النبي بأنه نهى رسول الله ص عن صيام ستة أيام يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه وروى أنس أن النبي ص نهى عن صيام خمسة أيام في السنة يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه لا يصح صوم يومي العيد وأيام التشريق لا للمتمتع والعادم للهدي ولا لغيره للنهي الوارد عن صوم هذه الأيام فما أكذب هذا الرجل في نقل المذهب انتهى وأقول نسبة المص إلى الكذب إنما نشأ من جهله بمذهب إمامه فإن ما نقله المص عن الشافعي ههنا هو قوله القديم كما صرح به النووي في الروضة في فصل شروط الصوم حيث قال الشرط الرابع الوقت القابل للصوم وأيام السنة كلها غير يومي العيدين وأيام التشريق ويوم الشك قابلة للصوم مط وأما يوما العيد فلا يقبلانه وأما أيام التشريق فلا يقبله في الجديد وقال في القديم يجوز للمتمتع العادم للهدي صومها عن الثلاثة الواجبة في الحج انتهى قال المص رفع الله درجته يج ذهبت الإمامية إلى أن المجنون إذا أفاق بعد فوات شئ من أيام رمضان لم يجب عليه قضاؤه وقال أبو حنيفة إذا بقي من الشهر جزء واحد وأفاق فيه وجب عليه قضاء جميع الشهر وقد خالف في ذلك العقل والنقل أما العقل فإن التكليف منوط بالعقل وهو غير ثابت والقضاء تابع لوجوب الأداء وأما النقل فقوله ص رفع القلم عن ثلاث عن المجنون حتى يفيق انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي وجوب قضاء كان يوم استمر جنونه فيه لا قضاء كل الشهر لأنه لم يجب عليه الأداء لانعدام الأهلية والقضاء مرتب عليه فصار كالمستوعب ومذهب أبي حنيفة إنه من جن في رمضان كله لم يقضه وإن أفاق المجنون في بعضه قضى ما مضى والدليل عليه أن السبب قد وجد وهو الشهر والأهلية بالذمة لأن الأهلية معنى يصير الشخص بها أهلا للوجوب له وعليه وبه فارق البهايم وهو قايم بعد الجنون ألا ترى أنه يلزمه ضمان الاتلاف وصدقة الفطرة ونفقة المحارم ويحل هذه الحقوق الذمة فإن قيل فعلى هذا السبب والأهلية قد وجدا في المستوعب مع أنه لم يؤمر بقضائه فأي فايدة في تخصيصه قال صاحب الهداية الجواب إن في الوجوب فايدة وهي صيرورة الصوم مطلوبا على وجه لا يخرج في أدائه بخلاف المستوعب لأنه يحرج في الأداء فظهر من هذا أن أبا حنيفة لم يحكم بجنون من لم يستوعب الشهر بالنسبة إلى صوم ذلك الشهر فلا مخالفة للحديث انتهى وأقول الجنون فنون ومنها تكلف إصلاح كلام أبي حنيفة المشتمل على فنون من الجنون ولنعم ما قال ابن خرم من أن قول أبي حنيفة هذا في غاية الفساد لأنه دعوى بلا برهان ولم يتبع نصا ولا قياسا لأنه رأى على من أفاق في شئ من رمضان من جنونه قضاء الشهر كله و هو لا يراه على من بلغ أو أسلم حينئذ وقال بعض المالكيين المجنون بمنزلة الحايض وهذا كلام يغني ذكره عن تكلف إبطاله وما ندري فيما يشبه المجنون والحايض انتهى وأما ما ذكره الناصب من الدليل فيتوجه عليه السؤال الذي ذكره ولا يندفع بالجواب المذكور في الهداية لأن الفرق بين قضاء كل الشهر وبعضه بلزوم الخرج في الأول دون الثاني إنما يتم إذا كان ذلك البعض الذي وقع فيه الجنون والإفاقة مثل يوم أو يومين وأما إذا كان أكثر الشهر كتسعة وعشرين يوما منه مثلا فالفرق بين الكل وهذا البعض في ذلك تكلف بل تحكم كما لا يخفى قال المص رفع الله درجته يد ذهبت الإمامية إلى أنه لا يصح الاعتكاف إلا بصوم وقال الشافعي يصح بدونه وقد خالف في ذلك قوله ص لا اعتكاف إلا بصوم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن الصوم ليس شرطا للاعتكاف فإن اعتكف ولبث في المسجد قدرا يسمى عكوفا صح وإن لم يكن صائما والدليل على صحة الاعتكاف بدون الصوم ما روى البخاري ومسلم والنسائي والترمذي في صحاحهم عن عمر بن الخطاب أنه سأل رسول الله ص قال كنت نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام قال فأوف بنذرك وهذا يدل على صحة الاعتكاف بالليل ولا يكون الصوم بالليل وما رواه من الحديث فهو من كلام عايشة وهو موقوف ولا يعارض المتصل انتهى وأقول يجوز أن يكون المراد من الاعتكاف بالليل في حديث البخاري وأقرانه اعتكافها بتعاللنها؟ ولأن الليلة قد يطلق مع إرادة النهار معها كما يق أقمنا ليلتين أو ثلاثا ويراد الليل والنهار ويكون وجه تخصيص الليل بالذكر كركون العبادة فيها أبعد عن الريا وأجمع للخاطر عن الوساوس إلى غير ذلك وأما ما ذكره من أن ما رواه المص من حديث عايشة موقوف فهو دليل على عدم وقوفه فإن ابن قدامة رواها متصلا إلى النبي ص وابن حزم رواها متصلا إلى عايشة وروى من طريق عبد الرزاق عن سفين الثوري عن حبيب ابن أبي ثابت عن عطا عن عايشة قالت من اعتكف فعليه الصوم وكذا روى بإسناده إلى عطا عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا جميعا لا اعتكاف إلا بصوم الحديث ثم أقول يدل على فساد رواية البخاري اشتمالها على صحة نذر الكافر وعلى اضطرابها واختلافها ومخالفتها لعدة أحاديث مروية في جامع الأصول معناها إن عمر نذر في الجاهلية اعتكاف يوم في المسجد الحرام ولما رواه ابن حزم في معناه عن ابن عمر هيث قال روينا من طريق أبي داود نا أحمد بن إبراهيم نا أبو داود الطيالسي نا عبد الله بن بديل عن صح عمرو بن دينار عن ابن عمر قال إن عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية ليلة أو يوما عند الكعبة فسأل النبي ص فقال النبي ص اعتكف فصم انتهى فإن في هذه الرواية قد وقع الترديد بين اليوم والليلة كما لا يخفى نعم قال ابن حزم بعد نقله ذلك أن هذا خبر لا يصح لأن عبد الله بن بديل مجهول انتهى وأقول حكمه بعدم صحة الخبر سقيم وتعليله لذلك بجهالة عبد الله بن بديل تجاهل ظاهر وتحامل ونصب باهر وإنما دعاه إلى ذلك كون عبد الله من خلص أصحاب مولانا أمير المؤمنين ع والذين جاهدوا معه في حرب معاوية الباغي إمام ابن حرم وإلا فظاهر أن المراد عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي الذي
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»