إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٠٣
عليه كفارتين كفر بينهما أو لم يكفر واختلف قوله فيمن أفطر يومين فصاعدا من رمضان واحد وكفر في خلال ذلك فمرة قال عليه كفارة أخرى ومرة قال ليس عليه إلا الكفارة التي كفر بعد وهذا مما تناقض فيه أبو حنيفة وخالف فيه جمهور العلماء وبرهان صحة قولنا أمر رسول الله ص الذي وطي امرأته في رمضان بالكفارة فصح إن لذلك اليوم الكفارة المأمور بها وكل يوم فلا فرق بينه وبين ذلك اليوم لأن الخطاب بالكفارة واقع عليه كما وقع عليه في اليوم الأول ولا فرق انتهى ما رأينا نقله من كلامه وله ههنا زيادة نقض وابراهم طويناها على عزها لضيق المقام قال المص رفع الله درجته ز ذهبت الإمامية إلى أن الأكل والشرب في نهار رمضان لمن وجب عليه الصوم عامدا عالما يوجب القضاء والكفارة وقال الشافعي لا يوجب الكفارة وقد خالف في ذلك العقل والنقل أما العقل فلأن أداء الصوم مع الجماع أشق من أدائه مع الأكل والشرب والتنعم والتلذذ فكان إيجاب الكفارة بهما أولى ولأن الكل مفطر وهاتك للصوم ومناف له فأي فرق بينهما وأما النقل فأمره ع لمن أفطر في رمضان بالعتق أو الصوم والإطعام مع عدم السؤال عن التفصيل انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه يجب الكفارة على ذكر بالغ أفسد صوم يوم من رمضان بجماع وأتم به للصوم فقوله أفسد بجماع أفاد أن لا كفارة على المفطر بالأكل والشرب أو الاستمناء والمباشرة المفضية إلى الانزال والدليل ما روى البخاري ومسلم والنسائي والترمذي عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي ص قال هلكت قال ما شأنك قال وقعت على امرأتي في نهار رمضان قال فاعتق رقبة قال ليس عندي قال فصم شهرين متتابعين قال لا أستطيع قال فاطعم ستين مسكينا قال لا أجد قال اجلس فجلس فأتى النبي ص بعرق فيه تمروا العرق المكتل الضخم قال خذها فتصدق به قال أعلى أفقر منا فضحك النبي ص حتى بدت نواجذه وقال أطعمه عيالك وفي رواية يجزيك ولا يجزي أحدا بعدك وهذا يدل بصريحه على ورود الكفارة في إفساد الصوم وهذا بخلاف القياس لارتفاع الذنب بالتوبة فلا يقاس عليه غيره على ما ثبت في الأصول أن الأمر الوارد على خلاف القياس يكتفي فيه على مورد النص وأما ما ذكر أنه مخالف للعقل لأن أداء الصوم مع الجماع أشق من أداءه مع الأكل والشرب فالجواب إن وروده في الجماع خلاف القياس لأن القياس أن يكفي فيه القضاء والتوبة فهذا يرجع إلى التعبد لا إلى سهولة الأداء وعدمه والعقل لو كان حاكما لكان يحكم على ترك الصوم رأسا لأنه كلفة ومشقة وأي نسبة للعقل في يقين الشرايع وأحكامها وأقول قد بينا سابقا في قسم الأصول إن القياس باطل وعلى تقدير كونه حقا فتخصيص النص به أو التزام رعاية موافقة النص له باطل وأيضا قد نقل ابن حجر المتأخر في رسالته المسماة بخيرات الحسان إن مذهب أبي حنيفة أن ضعيف الحديث عنده أولى من القياس وإذا كان هذا حال أبي حنيفة مع اشتهاره بأنه من أهل الحديث الرأي والقياس فكيف يليق من الشافعي أن يجعل القياس حاكما على الحديث مع اشتهاره على المشارع بأنه من أهل الحديث وأما ما ذكره في جواب ما ألزمه المص من مخالفة العقل فمردود بأن المص لم يستدل بالحسن العقلي المتنازع فيه كما زعمه الناصب بل احتج إلزاما للشافعي القايل بحجية القياس لقياس لو كان القياس صحيحا لكان هذا أصح قياس في الدنيا لتضمنه الأولوية بالنسبة إلى المقيس عليه وإنما سماه دليلا عقليا لأن العلة فيه كما في أكثر أقسام القياس مستنبط بالعقل فتأمل هذا مع أن ما ذكره من ارتفاع الذنب بالتوبة في محل المنع لأن ارتفاع الذنب قد لا يحصل بمجرد التوبة بل يتوقف على شرط كأداء ما وجب عليه في الاخلال بالواجب وكالخروج عن حقوق الناس في الاخلال بحقهم على ما صرح به المحقق في التجريد وغيره في غيره قال المص رفع الله درجته ح ذهبت الإمامية إلى أنه إذا نذر صوم يوم بعينه وجب عليه ولم يجز له تقديمه وقال أبو حنيفة يجوز وقد خالف في ذلك العقل والنقل أما العقل فلأن ذمته مشغولة بما نذر فلا يخرج عن العهدة إلا به وأما النقل فالنصوص الدالة على وجوب الايفاء بالنذر ولا يصدق على من قدم الصوم إنه قد وفى ما نذر انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه لو نذر صوم يوم ولم يعين صام أي يوم شاء بما يقبل الصوم ولو نذر صوم يوم معين بما يقبل الصوم تعين وعند أبي حنيفة أن الأيام التي يجوز فيها الصوم متساوية ولا غرض شرعي تخصيص به اليوم المعين فيصوم متى شاء من الأيام ولا يلزم مخالفة العقل والنقل لأنهما يقتضيان الوفاء بالمنذور ومما يعد قربة والقرته لا يتصور في الفرق بين الأيام انتهى وأقول قد مر أن عند يأت أبي حنيفة وأمثاله ساقطة عن درجة الاعتبار وما استند به له من مساواة الأيام التي يجوز فيها الصوم غير مسلم كيف وللجمعة وليلتها وأيام البيض ونحوها رجحان ثابت من الشارع بالنسبة إلى باقي أيام الأسبوع والشهر كما لا يخفى قال المص رفع الله درجته ط ذهبت الإمامية إلى أنه إذا شاهد هلال شوال وجب عليه الافطار وقال مالك وأحمد لا يجوز له الافطار وقد خالف في ذلك النصوص الدالة على تحريم صوم يوم العيد وإنما يكون العيد عيدا بالهلال وقد ثبت عند مشاهدته وقال ع صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته ومن العجب إيجاب فطره عندهما لو ثبت عند حاكم فاسق بشهادة مستورين يعرف هو فسقهما وأنه يحرم ويحرم صومه ويحرم إفطاره ويجب صومه لو شاهده عيانا وعلم الهلال بالضرورة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه إذا رأى الهلال بالنهار يوم الثلاثين فهو لليلة المستقبلة رأى قبل الزوال وبعده فإن كان لرمضان لم يلزم الامساك وإن كان لشوال لم يجز الافطار للآثار الواردة في ذلك وعمل الصحابة وأما إنه لليلة المستقبلة فلأن النهار بالنسبة إلى الفطر والصوم لا يجزي حتى يجوز في بعضه الفطر وفي بعضه الصوم فالذي رأى الهلال في النهار وقد أصبح مفطرا أو صائما لم يتحقق في حقه أن هذا الهلال بدأ في الأفق بعد طلوع النهارا وقبله لأنه لو بدأ بعد طلوع النهار كان السابق في حكم الشهر السابق فالأصل الاستعحاب؟ والعمل بما هو مقتضى الشهر السابق من الصوم والإفطار والهلال الليلة المستقبلة هو هذا الدليل وهو صحيح بمقدماته وما ذكر أنه يوم العيد والنصوص دالة على تحريم الصوم يوم العيد فالجواب إنه لم يلزم أن يكون يوم
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»