ذلك قول رسول الله ص هاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهما انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن نصاب الفضة مايتا درهم وزنا وفيه خمسة دراهم وما زاد فبحسابهما قل أو كثر ومذهب أبي حنيفة أن لا شئ في الزيادة حتى يبلغ أربعين درهما فيكون فيها درهم ثم في كل أربعين درهما درهم والعجب أنه موافق لمذهب أبي حنيفة ثم يعترض عليه وأما دليل الشافعي فلقوله ص في حديث علي ع وما زاد على المأتين فبحسابه و لأن الزكاة وجبت شكر النعمة المال واشتراط النصاب في الابتداء ليتحقق الغنى وبعد النصاب في السوايم تحرزا عن التشقيص انتهى وأقول المذهب الذي نسبه المص إلى أبي حنيفة ثم اعترض عليه لا يوافق مذهب المص كما لا يخفى وإنما يوافق المذهب الذي افترى الناصب في نسبة إليه فلا عجب بل العجب أن الناصب الشقي يزعم كل ما رآه في شئ من كتب الحنفية إنه فتوى أبي حنيفة ولم يعلم أن أكثر ما ذكر فيها هو المفتى به بين المتأخرين من أصحابه وأما ما ذكره من دليل الشافعي ففيه أولا إن الحديث الموضوع على علي ع قد اختصره الناصب عن أصل ما رووه في كتبهم وهو أنه روى في جامع الأصول عن علي عن النبي ص أنه قال هاتوا ربع العشر من كل أربعين درهما درهم وليس عليكم شئ حتى يتم مأتين وإذا كانت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم فما زاد بحساب ذلك ولا دلالة فيه على ما قصدوه لأن ما زاد على المأتين بحساب المأتين في كل أربعين درهم وليس في الناقص عنها شئ إذ لا يسمى أربعين فهو حجة لنا وثانيا إن ما ذكره من الوجه الاستحساني معارض مدفوع بأن للشارع العفو في الابتداء فكان له عفو بعد النصاب والله الموفق للصواب قال المص رفع الله درجته يا ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجب الزكاة في الخيل وقال أبو حنيفة يجب وقد خالف في ذلك قول رسول الله ص عفوت عن الخيل والرقيق انتهى وقال الناصب خفضها الله أقول مذهب الشافعي أنه لا يجب الزكاة في الخيل والرقيق وغيرهما إلا إذا أخذ للتجارة بشروطها ودليله ما روى النسائي في صحيحه عن علي ع أنه قال قال رسول الله ص قد عفوت عن الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهم ومذهب أبي حنيفة إن الخيل إذا كانت ساعة ذكورا وإناثا فصاحبها بالخيار إن شاء أعطى عن كل فرس دينارا وإن شاء قومها وأعطى من كل مأتي درهم خمسة دراهم وذهب أبو يوسف ومحمد إلى أن لا زكاة في الخيل ودليلهما ما ورد في الحديث أنه قال ص ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ودليل أبي حنيفة قوله ع في كل فرس سائمة دينارا وعشرة دراهم وتأويل ما روياه فرس الغازي وهو المنقول عن زيد بن ثابت والتخيير بين الدينار والتقويم مأثور عن عمر فلا مخالفة للنص حيث عمل بالحديث انتهى وأقول ما ذكره الناصب دليلا لأبي حنيفة ليس بحديث ولا أثر ولم نره في شئ من الكتب المعتبرة المتداولة بين الجمهور وإنما هو كلام مشتمل على مذهب أبي حنيفة جعله الناصب دليلا عليه وفساده أظهر من أن يخفى و لعله جمع فيما ذكر مبين حديث النبي ص وما روي من فعل عمر بأن جعل مضمونهما حديثا واحدا كما يشعر به آخر كلامه لرغمه استواء كلام عمر مع كلام النبي ص في الحجية وتوضيح ذلك أن ما روي في هذا المعنى عن النبي ص هو ما رواه ابن قدامة الحنبلي في كتاب المغني عن جابر أنه قال قال ع في الخيل السائمة في كل فرس دينار انتهى وليس فيه ذكر عشرة دراهم والذي فيه ذكر هذا إنما هو حديث عمر كما ذكره ابن قدامة أيضا حيث قال وروى عن عمر إنه كان يأخذ من الرأس عشرة ومن الفرس عشرة ومن البرذون خمسة ثم أجاب عن الأول بأنه يرويه عوذك السعدي وهو ضعيف وعن الثاني بأن عمر إنما أخذ منهم شيئا تبرعوا به وسألوه أخذه وعوضهم عنه برزق عبيدهم يروي أحمد بإسناده عن عايشة حازنه قال جاء ناس من أهل الشام إلى عمر رض عنه فقالوا إنا أصبنا مالا وخيلا ورقيقا يجب أن يكون لنا فيها زكاة وطهور قال ما فعل صاحباي من قبل فافعله فاستشار أصحاب النبي ص وفيهم علي فقال علي هو حسن إن لم يكن جزية يؤخذون بها من بعدك قال أحمد فكان عمر يأخذها منهم ثم يرزق عبيدهم فصار حديث عمر حجة عليهم من وجوه أحدها قوله ما فعله صاحباي من قبل يعني النبي ص وأبا بكر ولو كان واجبا لما تركا فعله الثاني إن عمر امتنع من أخذها ولا يجوز له أن يمتنع من الواجب الثالث قول علي هو حسن إن لم يكن جزية يأخذون بها من بعدك فسماه جزية إن أخذوا بها وجعل حسنه مشروطا بعدم أخذهم فدل على أن أخذهم بذلك غير جايز الرابع استشارة عمر أصحابه في أخذه ولو كان واجبا لما احتاج إلى الاستشارة الخامس أنه لم يشر عليه بأخذه سوى علي رض عنه بهذا الشرط الذي ذكر ولو كان واجبا لأشاروا به السادس أن عمر عوضهم عنه ورزق عبيدهم والزكاة لا يؤخذ عنها عوض ولا يصح قياسها على النعم لأنها يكمل نماءها وينتفع بدرها وحمها ويضحى بجنسها ويكون هديا وفدية عن محظورات الاحرام ويجب الزكاة في عينها ويعتبر كمال نصابها ولا يعتبر قيمتها والخيل بخلاف ذلك انتهى وقال ابن حزم قد يستدل على ما ذهب إليه أبو حنيفة بقول الله تعالى خذ من أموالهم صدقة والخيل أموال وبما رواه أبو هريرة عن النبي ص من أن الخيل لرجل آخر ولرجل ستر فذكر الحديث وفيه ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله في رقابها فهي له ستر ثم قال ابن حزم في ردهما أن هذا ماموه به الحنفيون من الاحتجاج بالقرآن والسنة وفعل الصحابة وهم مخالفون لكل ذلك أما الآية فليس فيها إن في كل صنف من أصناف الأموال صدقة وإنما فيها خذ من أموالهم صدقة فلو لم يرد إلا هذا النص وحده لكفى في الدلالة على نفي الأخذ من الجميع ثم لو كان في الآية إن في كل صنف من أصناف الأموال صدقة وليس ذلك فيها لا بنص ولا دليل لما كانت لهم فيها حجة لأنه ليس فيها مقدار المال المأخوذ ولا مقدار المال المأخوذ منه ولأمتي تؤخذ تلك الصدقة ومثل هذا لا يجوز العمل فيه بقول أحد دون رسول الله ص المأمور بالبيان قال تعالى ليبين للناس ما نزل إليهم وأما الحديث فليس فيه إلا أن لله تعالى حقا في رقابها وظهورها غير معين ولا مبين المقدار ولا مدخل للزكوة في ظهور الخيل بإجماع منا ومنهم فصح إن هذا الحق إنما هو على ظاهر الحديث وهو حمل ما طابت نفسه منها في سبيل الله تعالى وعارية ظهورها للمضطروا ما فعل عمرو عثمان فقد خالفهما وذلك أن قول أبي حنيفة إنه لا زكاة في الخيل الذكور وإن كثرت وبلغت ألف فرس فإن كانت إناثا أو إناثا وذكورا سائمة غير معلوفة مح يجب فيها الزكاة وصفة تلك الزكاة إن
(٣٩٧)