إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٠٢
إنهم لم يحكموا بالقضاء والكفارة وذلك كك فإنهم قالوا بلزوم القضاء في ذلك دون الكفارة كما يشعر به كلام الناصب ههنا وصرح به أصحابه في كتبهم قال المص رفع الله درجته ج ذهبت الإمامية إلى أنه إذا شك في الفجر فأكل وبقي على شك لم يلزمه القضاء وقال مالك يلزمه القضاء وقد خالف في ذلك قوله تعالى كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وهذا لم يتبين انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لو ظن أن الصبح لم يطلع أو أن الشمس قد غربت فأكل وبان الغلط وجب القضاء ولو شك في الصبح قال الشيخ أبو حامد الإسفرايني وصاحب التهذيب كره الأكل والشرب وقال المتولي حرم والظاهر الكراهة لعدم التبين وإن صح ما رواه عن مالك فللاحتياط انتهى وأقول تعليله لما ذهب إليه مالك من لزوم القضاء بالاحتياط دليل على ما أسبقناه من أنه خفضه الله لم يعرف معنى الاحتياط إذ الاحتياط لا يقتضي الحكم باللزوم كما لا يخفى وقد علل في هداية الحنفية وجوب القضاء بأنه حق مضمون بالمثل كما في المريض والمسافر انتهى وفيه ما فيه قال المص رفع الله درجته د ذهبت الإمامية إلى أن الكفارة لا تسقط القضاء وقال الشافعي تسقط والله تعالى قد أوجبه مع العذر المباح فكيف مع السبب الفاسد انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه يجب القضاء على الفور على المفطر متعديا وليس الكفارة عند الشافعي إلا في الجماع في صوم رمضان و هذا هو المفطر المتعدي فكيف ينسب إليه إن الكفارة يسقط القضاء ولكن لا بأس عليه من الافتراء والكذب انتهى وأقول كلام ابن قدامة الحنبلي في كتاب المغني صريح في موافقه ما نسبه المص إلى الشافعي حيث قال وقال الشافعي من لزمته الكفارة لا قضاء عليه لأن النبي ص كم يأمر الأعرابي بالقضاء ثم أجاب عنه بأن النبي ص قال للجامع وصم يوما مكانه رواه أبو داود بإسناده وابن ماجة والأثرم ولأنه أفسد يوما من رمضان فلزمه قضاءه كما لو أفسده بالأكل أو أفسد صومه الواجب بالجماع فلزمه قضائه كفير رمضان انتهى على أن ما ذكره الناصب بقوله وليس الكفارة عند الشافعي إلا في الجماع في صوم رمضان اه لا يدفع صحة ما نسبه المص إلى الشافعي من القول بسقوط القضاء لأن انحصار الكفارة عنده في صورة واحدة لا ينافي قوله فيها بإسقاط القضاء في تلك الصورة كما لا يخفى قال المص رفع الله درجته ه‍ ذهبت الإمامية إلى أن من أكل أو شرب ناسيا لم يفطر و قال مالك يفطر ويجب عليه القضاء وقد خالف في ذلك قوله ص رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وقوله ص من صام ثم نسي فأكل أو شرب فليتم صومه ولا قضاء عليه أطعمه الله وأسقاه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن من أكل أو شرب ناسيا لم يفطر للحديث والقياس أن يفطر وهو قول مالك لوجود ما يضلوا الصوم فضار كالكلام ناسيا في الصلاة ووجه الاستحسان قوله ع للذي أكل وشرب ناسيا تم على صومك فإنما أطعمك الله وأسقاك فعمل مالك بالقياس ولعله لعدم صحة الحديث انتهى وأقول كيف يصح عمل مالك ههنا بالقياس إلى الكلام ناسيا في الصلاة مع أن مذهبه المصرح به في كتب أصحابه هو أن التكلم ناسيا لا يبطل الصلاة فما ذكره الناصب غلط أو مغالطة نعم قد قيس ذلك كما ذكره صاحب الينابيع على ترك النية وهو كما ذكره أيضا قياس مع الفارق لأن النية من المأمورات والآكل من المنهيات كالكلام في الصلاة ثم في قوله ووجه الاستحسان قوله ع للذي أكل اه قباحة ظاهرة لظهور أن نص الحديث بانفراده دليل شرعي فوق القياس والاستحسان فلا يحسن أن يجعل ذلك وجها للاستحسان على إنا قد أشبعنا القول في إبطال القياس وتقبيح الاستحسان في قسم الأصول من هذا الكتاب فلا علينا إن لوينا عنان البيان هنا وإنكار ثبوت حديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان مكابرة على المشهورات والمتواترات كما لا يخفى قال المص رفع الله درجته وذهبت الإمامية إلى أنه إذا وطي في كل يوم من رمضان فجب عليه عن كل يوم كفارة سواء كفر عن اليوم السابق أم لا وقال أبو حنيفة لا يجب إلا كفارة واحدة ولو جامع الشهر كله وقد خالف في ذلك العقل والنقل أما العقل فلأن اليوم السابق واللاحق متساويان في وجوب صومهما وتحريم الجماع والاحترام عن كل الوجوه فأي فارق بينهما في إيجاب الكفارة وأي مدخل للسبق في عدم إيجاب الكفارة بل قد كان الأولى زيادة التنكيل والعقوبة بالمعاودة إلى العقوبة وهتك الصوم وأما النقل فعموم قوله من جامع في نهار رمضان فعليه الكفارة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لو جامع في يومين أو رمضانين فعليه كفارتان لأن كل يوم مستقل في حكمه في الصوم وما نقل عن مذهب أبي حنيفة فلم نطلع عليه وغبارة الهداية يدل على خلافه حيث أطلق قوله ومن جامع عمدا في أحد السببين فعليه القضاء استدراكا للمصلحة الفاتية والكفارة لتكامل الجناية وهذا يدل على أن الجناية عنده هو الافطار ففي كل يوم أفطر وجامع فعليه القضاء والكفارة فما نقله عن أبي حنيفة لم يثبت انتهى وأقول لا دلالة لما نقله من كلام الهداية على أن ما ذكره مذهب أبي حنيفة لما مؤمن إنهم ربما يسكتون عما هو مذهب أبي حنيفة ويذكرون المفتى به من مذهب أصحابه والدليل على صحة ما نسبه المص إلى أبي حنيفة كلام صاحب الينابيع حيث قال وإذ أفسد أياما به فلكل كفارة خلافا له أي لأبي حنيفة لنا إن كل يوم عبادة فلا تداخل كالحج انتهى وكذا يدل عليه كلام ابن حزم في تقرير هذه المسألة والتشنيع فيها على أبي حنيفة أيضا حيث قال ومن وطي مرارا في اليوم فكفارة واحدة فقط ومن وطي في يومين عامدا فصاعدا فعليه لكل يوم كفارة سواء كفر قبل أن يطأ الثانية أو لم يكفر وقال أبو حنيفة عليه لكل ذلك كفارة ولو أنه أفطر في كل يوم من رمضان عامدا فعلية كفارة واحدة فقط إلا أن يكون قد كفر ثم أفطر نهارا آخر فعليه كفارة أخرى وقد روى عنه أنه سواء كفرا ولم يكفر ليس عليه إلا كفارة واحدة إذا كانت الأيام من شهر واحد فإن كان اليومان اللذان أفطر فيهما من شهري رمضان اثنين فلكل يوم منهما كفارة غير كفارة إلا ليوم الآخر فلم يختلف قوله فيمن تعمد الفطر أيام رمضان كلها أو بعضها أو يوما واحدا منها في أنه ليس عليه إلا كفارة واحدة فقط إذا لم يكفر في خلال ذلك ولم يختلف قوله فيمن أفطر في يومين من رمضانين إن
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»