إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٩٦
فلو كان في كل جزء منه يحرم عليه أن يبيع منه رأسا أو حبة فما فوقها لأن أهل الصدقات في ذلك الجزء شركاء ويحرم عليه أن يأكل منها شيئا لما ذكرنا و هذا باطل بلا خلاف وللزمه أيضا أن لا يخرج الشاة إلا بقيمة مصححة مما بقي كما يفعل في المشتركات ولا بد وإن كانت الزكاة في شئ منه بغير عنه فهذا بط وكان يلزم أيضا مثل ذلك سواء بسواء لأنه كان لا يدري لعله يبيع أو يأكل الذي هو حق أهل الصدقة انتهى وقد يستدل على كون الزكاة في الذمة بانتفاء بتعيه النماء لها لعدم استقرار ملك المساكين ولهذا كان للمالك العدول من مستحق إلى آخر وقد يستدل على تعلقها بالعين بالإجماع على جواز تتبع الساعي العين لو باعها المكلف قبل أداء حق الزكاة فلو تمحض التعلق بالذمة امتنع وقيل يحتمل أن يفرد تعلق الزكاة في نصب الإبل الخمسة بالذمة لأن الواجب شاة ليست من جنس المال ويجاب بأن الواجب في عين المال قيمة الشاة وللأصحاب ههنا تتمة تحقيق وتدقيق مذكورة في كتبهم فليطالع ثمة قال المص رفع الله درجته وذهبت الإمامية إلى أن من غير ماله أو بعضه نقصه حتى لا يؤخذ منه الزكاة أخذت منه الصدقة لا غير وقال مالك وأحمد يؤخذ منه الزكاة ويؤخذ نصف ماله وقد خالفا في ذلك قول النبي ص ليس في المال حق سوى الزكاة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول أخذ نصف المال بناء على تجويز التعزير بالمال حيث احتال في دفع الزكاة عن ماله والحديث إشارة إلى بيان حق الزكاة في المال فلا مخالفة انتهى وأقول نقل شمس الدين القهستاني في شرح مختصر الوقاية في أن التغرير بالمال صار منسوخا حيث قال وعن أبي يوسف أنه يجوز التغرير بأخذ المال إلا أنه يرد إلى الصاحب إذا تاب وإلا يصرف إلى ما يرى الإمام وفي مشكل الآثار إن أخذ المال صار منسوخا انتهى ثم الظ أن من يفعل هذا التغيير إنما يفعله قبل حلول الحول ولو بأيام معدودة فكان تصرفا في خالص ماله فلا يستحق التعزير فبناء كلام مالك وأحمد ههنا على تجويز ذلك كالبناء على الهواء أو الرقم على الماء قال المص رفع الله درجته ز ذهبت الإمامية إلى أن الزكاة لا يجب على الطفل والمجنون وقال الشافعي يجب وقد خالف في ذلك قول النبي ص رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن النايم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه يجب الزكاة في مال الصبي والمجنون ويجب على الولي الاخراج فإن لم يخرج وجب عليهما الاخراج بعد البلوغ والإفاقة والدليل ما روى الترمذي عن أبيه عن جده عن النبي ص من ولي يتيما له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة وهذا يدل على وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون ناقص بالعرض فإذا وجب في النقصان الذاتي فلأن يجب في النقصان العرضي يكون من باب الأولى ولأن الزكاة غرامة مالية فيعتبر بساير المؤن كنفقة الزوجات وصار كالعشر والخراج هذا دليل المسألة وأما الاستدلال بالحديث فلا يتم حجة عليه لأنا لا نطالب الطفل بالأداء ولا المجنون فالقلم مرفوع عنهما انتهى وأقول لو سلم صحة ما استدل به من رواية الترمذي فالمراد من الصدقة المذكورة فيها النفقة الواجبة إيصالها إلى الصبي قال الراغب الصدقة في الأصل يقال للمتطوع والزكاة الواجب ويسمى الواجب صدقة إذا تحرى صاحبه الصدق في فعله انتهى ولولا أن المراد في الحديث هذا المعنى لكان الظ أن يقال حتى يأكله الصدقة والنفقة لأن نسبة أكل المال وإفناءه إلى نفقة الصبي أولى وأظهر كما لا يخفى وأما ما ذكره من أن الزكاة غرامة مالية ففيه غرامة وملامة لا يخفى وكذا الكلام في قياسها بساير المؤن فتأمل وأما ما ذكره في دفع استدلال المص بالحديث بقوله لا نا لا نطالب الطفل بالأداء اه فأقول في جوابه أن التكليف لا يستلزم الطلب على وجه الخطاب الشفاهي كما يفهم من كلام الناصب حتى يرتفع التكليف بمجرد الطلب على هذا الوجه من الولي دون الصبي ولو صح ذلك لزم أن لا يكون الطلب من وكيل شخص طلبا من الموكل وبطلانه ظاهر وأجاب ابن حزم آخر وهو أنه ليس في سقوط القلم سقوط حقوق الأموال وإنما فيه سقوط الملامة وسقوط فرايض الأبدان انتهى فتأمل فيه قال المص رفع الله درجته ح ذهبت الإمامية إلى أن الفضة إنما يجب فيها الزكاة إذا بلغت صافية مأتي درهم وقال أبو حنيفة لو كانت مغشوشة بأقل من النصف وجبت ولو كان عليه دين مايتا درهم خالصة فأعطى مائتين من المغشوشة بأقل من النصف ولو بحبة برأت ذمته وقد خالف في ذلك النص وهو قوله ع على اليد ما أخذت حتى تؤدي وإنما أخذ دراهم خالصة فكيف يجزى عنها المغشوشة ما دون من النصف وقال ع ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة والمغشوش ليس ورقا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب أبي حنيفة أنه إذا كان الغالب على الورق الفضة فهو في حكم الفضة وإذا كان الغالب الغش فهو في حكم العروض يعتبر قيمته أن يبلغ نصابا لأن الدراهم لا يخ عن قليل غش لأنها لا ينطبع إلا به ويخلو عن الكثير فجعلنا الغلبة فاصلة وهو أن يزيد على النصف اعتبار اللحقيفة؟ فالذي عليه الفضة الخالصة إذا أدى عنها المغشوشة يصدق عليه أنه أدى الفضة ولا يكون الفضة إلا مغشوشة فالمغشوشة يؤدي بالمغشوشة فهو أدى ما عليه فلا مخالفة للنص انتهى وأقول ما لفقه الناصب من المقدمات الواهية أشبه بكلام الممرور المبهوت وأهون من نسج العنكبوت وهل هذا إلا مثل أن يق إذا كان الغالب في السفوف المتخذ من السكر والحشيش هو السكر فهو في حكم السكر وإن كان بالعكس فبالعكس والحل إن صدف الفضة على المغشوش الذي غلب عليه الفضة مم وكذا ما فرع عليه من صدق أداء الفضة على أداء ما فيه غش وكذا المقدمة القابلة الفضة لا يكون إلا مغشوشة وكذا دعوى امتناع خلو الفضة عن الغش وما فرعه عليها بقوله فالذي يجب عليه اه وكان هذه المقدمات مما نظمها عبيد الزاكاني لضحك الناس أو هزله مع القاتلين بالقياس قال المص رفع الله درجته ط ذهبت الإمامية إلى أن الزيوف لا يجزي عن الخالصة وقال أبو حنيفة يجزي وقد خالف قوله ع في الرقة ربع العشر انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد مر من مذهب أبي حنيفة إن الفضة عنده لا يخ عن الغش فالمزيف عنده في حكم الخالصة انتهى و أقول قد مر منا بيان أن مذهب أبي حنيفة في ذلك مزيف مغشوش فيجب العدول وعنه إلى الحق الخالص قال المص رفع الله درجته ى ذهبت الإمامية إلى أنه ليس في الزايد على المأتين شئ حتى يبلغ أربعين ففيها درهم وقال أبو حنيفة ما زاد عن المأتين فيه ربع العشر وإن قل وقد خالف في فهو في حكم النجاسة أو يق إن كان الغالب صح
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»