إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٠٠
أيضا ينفق عليها أجر الراعي وهذه كلها أهواس وتحكم في الدين بالضلال انتهى كلامه وقد علم منه أيضا ضعف ما استدل به الناصب لأبي حنيفة وأما ما ذكره بقوله وكأنه لم يصح عنده الحديث فقد مر ما فيه مرارا فتذكر قال المص رفع الله درجته يه ذهبت الإمامية إلى وجوب الزكاة على المديون وقال أبو حنيفة لا يجب وقد خالف عموم القرآن قال الله تعالى خذ من أموالهم صدقة وعموم قوله ع في خمس من الإبل شاة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن الدين لا يمنع وجوب الزكاة لأنها متعلقه بالعين الموجود أو بالذمة فإن تعلق بالعين فظاهر وإن تعلق بالذمة فالذمة لا يشغل تدبر آخر وعموم حكما الزكاة يشمل المديون وغيره ومذهب أبي حنيفة إنه من كان عليه دين يحيط بما له فلا زكاة عليه لأنه مشغول بحاجته الأصلية فاعتبر معدوما كالماء المستحق بالعطش وثياب البذلة والمهنة وإن كان ماله أكثر من دينه زكى الفاضل إذا بلغ نصابا لفراغه عن الحاجة والمراد دين له مطالب من جهة العباد حتى لا يمنع دين النذر والكفارة هذا دليل أبي حنيفة ولا مخالفة للنص حيث إن المديون المستغرق ماله في الدين لا مال له فلا يدخل في عموم قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة انتهى وأقول لا نسلم إن المستغرق ماله في الدين لا مال له بل ما أخذه قرضا مال له شرعا وله التصرف فيه كساير ملكه ولهذا لو سرقه المقرض أو غيره قطعت يده لأنه في ملكه ثم الظاهر أن الناصب خلط ما ذكروه دليلا لنفي الزكاة عن المقرض بما ذكروه دليلا لنفي الزكاة عن المديون الذي أخذ القرض فإنه عللوا الأول بأنه إذا خرج الدين عن مالكه الذي استقرضه غيره فهو معدوم عنده فلا يكون مالا له فلا زكاة عليه تأمل وأيضا المذكور في الينابيع قياس نفي الزكاة عن المشغول بحاجة أصليته على الحج وفرق بأن وجوب الحج غير داير مع المال لوجوبه على الفقير بمكة وعدم وجوبه على الصبي بخلاف الزكاة فلما رأى الناصب ضعف هذا القياس عدل إلى قياسه على الماء المستحق للعطش ونحوه ولم يتفطن من قلة الادراك إنه أضعف من ذاك فإن فرض المسألة إن في يد المديون مال يزيد عن قدر ضرورة نفسه في الحال بخلاف الماء المستحق للعطش وبخلاف ثياب البذلة والمهنة التي لا تزيد عن قدر ضرورة ستر العورة ودفع الحر والبرد وبالجملة عموم الآية والحديث المذكورين محقق في الدنيا والآخرة لأنه لم يأت بتخصيص شئ منهما قرآن ولا سنة فمن ادعى في ذلك تخصيصا فقد قال على الله تعالى ما لم يعلم وأما نحن فقد قلنا ما نعلم لأن الله تعالى لو أراد تخصيص شئ من ذلك لما أهمله ليضلنا ولبينه رسول الله المأمور ببيان أن ما أنزل إلينا فإذ لم يخبر الله تعالى ورسوله ص بتخصيص شئ من ذلك فنحن على يقين قاطع على عموم كل ما اقتضاه كل منهما والحمد لله تعالى قال المص رفع الله درجته يو ذهبت الأمامية إلى أنه يكره للإنسان أن يملك ما تصدق به اختيار أو يصح البيع لو وقع وقال مالك لا يصح وخالف في ذلك عموم قوله تعالى وأحل الله البيع انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد ورد في بعض الأحاديث النهي وحمله مالك على عدم صحة البيع فلا يصح كساير البيوع المنهية عنها فلا مخالفة للنص انتهى وأقول لو سلم ورود بعض أحاديث النهي وصحته فالتحقيق عند محققي علماء الأصول النهي في المعاملات سيما إذا كان النهي عن الشئ لو صفه لا يدل على الفساد فيكون الحمل على عدم صحة البيع فيما نحن فيه فاسدا قال المص رفع الله درجته يز ذهبت الإمامية إلى وجوب الخمس في كل ما يغنم بالحرب وغيره به وقال الفقهاء الأربعة لا يجب إلا في غنايم دار الحرب وخالفوا في ذلك قوله تعالى واعلموا إنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي وجوب إخراج الخمس من مال الفئ والخراج وعشور تجارات أهل الذمة للنصوص الواردة في هذا وأما الاستدلال بالآية فمن عجايب الاستدلالات فإن الآية دليل إخراج الخمس من الغنيمة فكيف يجعل حجة على المخالف انتهى وأقول حاصل تعجب الناصب أن معنى الغنيمة عند الفقهاء الأربعة هو ما يغنم في دار الحرب بالقتال فقط ويفرقون بين الغنيمة والفئ الحاصل صلحا بغير قتال فلا يدل الآية عندهم على الأعم والجواب إن الحق الظاهر هو التعميم لأن ظاهر الآية قدر عليه كما ينبئ عنه الموصول وبيانه بقوله من شئ ويؤيده روايات العامة والخاصة المصرحة بذلك ويدفع ما ذهب إليه الفقهاء من الاصطلاح إن الغنيمة موضوعة لغة للفايدة المكتسبة ولو برأس مال وشبهه والأصل عدم النقل فظهر أن الحجة ناهضة على المخالف والحمد لله تعالى قال المص رفع الله درجته يح ذهبت الإمامية إلى أنه إذا كان العبد بين شريكين وجب عليهما فطرته بالحصص ولو كان بين ألف نفس عبد بالشركة أو كان بين اثنين ألف عبد بالشركة وجبت الفطرة على الجميع وقال أبو حنيفة يسقط عن المشترك وكذا لو كان بعض العبد حرا وجب على مولاه بقدر نصيبه وقال أبو حنيفة لا فطرة هنا وقد خالف عموم الأمر بالإخراج عن العبد من غير حجة انتهى وقال الناص خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه يجب فطرة العبد وفي المشترك يجب بالحصة لدخوله في الملكين فيجب عليهما ومذهب أبي حنيفة إن العبد بين الشريكين لا فطرة على واحد منهما لقصور الولاية والمؤنة حتى في حق كل واحد منهما وكذا العبيد ولا مخالفة للنص لأن عموم أمر الاخراج لا يشمله على مذهبه لفقدان المخرج المستقل انتهى وأقول إن أراد بعدم استقلال المخرج عدم استقلاله في الاخراج فبطلانه ظاهر وإن أراد عدم استقلاله في مالكية العبد فهذا لا يدفع شمول الأمر بالإخراج له فيلزم مخالفة عموم الأمر كما ذكره المص رفع الله درجته ثم إن حاصل ما استدل به أبو حنيفة على ذلك كما صرح به ابن قدامة يرجع إلى قياس فاسد وهو أنه ليس لأحد من الشركاء عليه ولاية تامة فأشبه المكاتب واجب عنه بأنه قياس مع الفارق لأنه لا يلزم لسيد المكاتب يخرج عن نفسه زكاة الفطر بخلاف القن والولاية غير معتبرة في وجوب الفطرة بدليل عبد الصبي ثم إن ولايته للجميع فيكون فطرته عليهم وقال ابن حزم ما نعلم لمن أسقط عن العبد المشترك صدقة الفطر وعن سيديه حجة أصلا إلا أنهم قالوا ليس أحد من سيديه يملك عبدا ولا أمة وقال بعضهم من ملك بعض الصاع لم يكن عليه أداؤه فكذلك من ملك بعض عبدا وبعض كل عبدا وأمة من رقيق كثير قلنا أما قولهم لا يملك عبدا ولا أمة فصدقوا ولا حجة لهم فيه لأن رسول الله ص لم يقل يخرجها كل أحد عن عبده وأمته وإنما قال ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر في الرقيق فهؤلاء رقيق والعبد المشترك رقيق والصدقة فيه واجبة بنص الخبر المذكور على المسلم وهذا اسم يعم النوع كله وبعضه ويقع على الواحد والجميع وهذا النص لم يخبر في الرقية الواجبة نصفا رقبتين لأنه لا يقع عليهما
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»