إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٩٢
وسيصرح عنقرى في مسألة الجريدتين بكمال اطلاعه على مذهب الإمامية ومع هذا قال ههنا إن مذهبهم مجهول وأما ما ذكره من أنهم يخفون الأعمال للتقية فليس على إطلاقه وإنما يخفون الأعمال الذي انفردوا به عن الجمهور قاطبة وتسطيح القبور ليس كل ولو سلم إخفاءهم للأعمال كلها فلا يلزم منه إخفاءهم للأقوال ولو سلم إخفاء الأقوال أيضا في بعض الأزمنة والأحوال لكن هذا الكتاب قد صنف في أيام السلطان المؤيد الذي رفع التقية و عدل عن مذهب أهل السنة إلى مذهب الإمامية فلا مجال فيه لاحتمال التقية ولو احتمل ذلك فقد خاب الناصب فيما قصده من الرد على هذا الكتاب لاحتمال أن يكون ما نسب فيه إلى الإمامية لم يكن مذهبا وقولا لهم بل كان من أقوال بعض المجهولين المتحيرين في الاجتهاد من أهل السنة وأما ما ذكره من أنهم جوزوا إظهار الكفر للأنبياء تقية فمن افتراء الناصب ورؤسائه من ذوي الأذناب كما أوضحناه في مسألة عصمة الأنبياء فتذكر ثم لا يخفى أن عدول المتسمين بأهل السنة عن حكم القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وآله لأجل عمل الشيعة به غير منحصر فيما ذكره المص ههنا بل قال الزمخشري وهو من الأئمة الحنفية في الفروع في تفسير قوله تع وهو الذي يصلى عليكم وملائكته أنه يجوز بمقتضى هذه الآية أن يصلى على آحاد المسلمين لكن لما اتخذ الرافضة ذلك في أئمتهم منعناه وذكر ابن الحجر شارح البخاري مثل هذا في منع توجيه السلم إلى آل النبي عليهم الصلاة والسلام وقال بعضهم يجب الفصل بكلمة على بين النبي ص وآل ص عند الصلاة عليهم رغما للشيعة وقال مؤلف الهداية في فقه الحنفية إن المشروع هو التختم في اليمين لكن لما اتخذته الرافضة عاده جعلنا التختم في اليسار وقال الأنصاري الشافعي في شرح الينابيع حكى أبو الفضل بن عبيدان عن أبي علي بن أبي هريرة أن المستحب ترك القنوت في صلاة الصبح إذ صار شعار قوم من الشيعة وقال الغزالي في الوسيط منع أشياء استحبت في زماننا لكونها قد صارت شعارا للرافضة منها الجمر بالبسملة وتسطيح القبر والتختم باليمين وقال بعض شراح صحيح مسلم إنما ترك القول بالتكبيرات الخمس وصلاة الجنازة لأنه صار علما للتشيع ومما ينبغي أن ينبه عليه إن المتسمين بأهل السنة والجماعة لما كانوا من أهل سنة معاوية وجماعته كما مر بيانه سابقا وكان من سنة معاوية أن يعمل بقدر الامكان خلاف ما عمل به أهل بيت النبي ص كعداوته الظاهرة إياهم فكلما رأوا عملا شرعيا اهتم بها الشيعة اقتداء بالنبي وأهل بيته عليهم السلام عدلوا عنه إلى غيره اقتداء بسنة معاوية وعللوا ذلك بدفع ملام العوام عن أنفسهم باستحباب مخالفة الشيعة وإنما العلة الأصلية والسبب الحقيقي في ذلك متابعتهم لمعوية ومخالفة الشيعة إنما وقع مقصودا بالعرض ويرشدك إلى ذلك ما ذكره فخر الدين الرازي في تفسيره من ترك معاوية الجهر في البسملة في صلاته بالمدينة محو الآثار على ع وما قاله الراغب في كتاب المحاضرات من أن خاتم النبي ص كان حلقة فضة وعليه فص عقيق وكان يتختم به في يمينه و سبب اتخاذه أنه ع كتب إلى معك الروم فقيل إنه لا يقبل كتابا إلا مختوما فاتخذ ح خاتما وكان على ع واضحا به يتختمون في أيمانهم وأول من تختم في يساره معاوية ولهذا لما أنكر النواصب على المطرق العبدي في تختمه باليمين قال في ردهم صح شعر قالوا تختم في اليمين وإنما مارست ذاك تشبها بالصادق وتقربا مني لآل محمد وتباعدا مني لكل منافق الماسحين فروجهم بخواتم اسم النبي بهن واسم الخالق قال المص رفع الله درجته سط ذهبت الإمامية إلى أن الشهيد يصلى عليه وقال الشافعي ومالك وأحمد لا يصلى عليه وهو مخالف لفعل النبي ص فإنه صلى على حمزة وعلى شهداء أحد انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه لا يجوز غسل الشهيد والصلاة عليه لأن الصلاة شفاعة والسيف محاء الذنوب فلا يحتاج إلى الشفاعة وأما صلاة رسول الله على شهداء أحد فلم يثبت عند الشافعي وثبت من حديث جابر أن رسول الله ص لما حضر شهداء أحد قال أنا شهيد على هؤلاء يوم القيمة وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغتسلوا انتهى وأقول ما ذكره من أن الصلاة شفاعة ممنوعة لا بد له من بيان وكذا ما ذكره من أن السيف محاء الذنوب وإنما يسلم كونه محاء لذنوب حاصلة من الاخلال في حقوق الله وأما في حقوق العباد فلا كما لا يخفى ثم إن حديث جابر مما رواه البخاري وهو على تقدير تسليم صحته معارض بما رواه هو أيضا عن عقبه بن عامر أن النبي ص خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر الحديث والذي يظهر لي أنه يمكن الجمع بين الحديثين بأنه لم يسع النبي ص أن يأتي بما وجب من الصلاة على شهداء أحد عند شهادتهم لشدة ما أصاب النبي ص وأصحابه في تلك الواقعة فقضاها بعد ذلك كما يدل عليه حديث عقبه ويؤيد ذلك قول صاحب الكافي من الحنفية إنه روى أنه ص صلى على شهداء أحد بعد ثماني سنين انتهى إن على الترجيح للحديث الثاني لما تقرر صح في الأصول من تقدم الوجوب على الندب وتقدم المثبت على النافي لأن غفلة الإنسان عن الفعل كثير ولأن المثبت يثبت أمرا زايدا على ما اطلع وهو اطلاعه على ما أثبته فقول الناصب إن صلاة النبي ص على شهداء أحد لم يثبت عند الشافعي عذر غير مسموع كما لا يخفى قال المص رفع الله درجته ع ذهبت الإمامية إلى أن المشي خلف الجنازة أو عن أحد جانبيها أفضل وقال الشافعي ومالك وأحمد المشي قدامها أفضل وقد خالفوا في ذلك النص فإن المستحب هو التشييع وقد روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين قال أمرنا رسول الله ص باتباع الجنازة انتهى و قال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن المشي أمام الجنازة قريبا منها بحيث لو التفت رآها أفضل والدليل عليه ما روى الزهري عن سالم عن أبيه قال رأيت رسول الله وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة ورواه بعضهم مرسلا فهذا دليل الشافعي انتهى وأقول يتوجه أن عليه رواية الزهري على تقدير كونه مسندا لا يعادل روايتين رواهما البخاري مشتملتين على النص لوجوب اتباع الجنازة كما لا يخفى على المتأمل قال المص رفع الله درجته عا ذهبت الإمامية إلى أن القيام شرط في صلاة الجنازة وقال أبو حنيفة يجوز الصلاة قاعدا مع القدرة وقد خالف فعل النبي ص والصحابة والتابعين ومن بعدهم فإن أحدا لم يصل قاعدا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن من أركان صلاة الميت القيام منها ولا يجزي القعود مع القدرة على القيام ومذهب أبي حنيفة على ما في الهداية أنه لا يجوز الصلاة على الميت راكبا في القياس لأنه
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»