إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٩٩
ما عليه ووافق ما أمر به رسول الله ص واختلفوا فيمن أخرج فضة عن ذهب أو عرضا عن أحدهما أو غير ما جاء به النص فيما عداهما فلا يجوز أن ينسب إلى رسول الله ص حكما بغير نص ولا إجماع وبالله تعالى التوفيق انتهى قال المص رفع الله درجته يج ذهبت الإمامية إلى اعتبار الحول في جميع النصاب وقال أبو حنيفة يكفي وجوده في طرفيه فلو ملك أربعين شاة سائمة ثم هلكت إلا واحدة ثم مضى عليها أحد عشر شهرا إلا لحظة ثم ملك تمام النصاب أخرج زكاة الكل وقد خالف في ذلك قول النبي ص لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول وهذا لم يحل عليه الحول بل على بعضه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن شرط وجوب الزكاة استمرار الملك جميع الحول فلو زال ولو لحظة انقطع الحول واستأنف إن عاد ولو بالرد بالعيب أو الإقالة أو نحوهما ودليله الحديث ومذهب أبي حنيفة إنه لا بد من الحول لأنه لا بد من مدة يتحقق فيها النماء وقدرها الشرع بالحول لقوله ع لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ولأنه الممكن من الاستنماء لاشتماله على الفصول المختلفة والغالب تفاوت الأسعار فيها فأدير الحكم عليه هكذا في الهداية ويفهم من الدليل أن ما نسب إلى أبي حنيفة افتراء انتهى وأقول لو سلم دلالة ما في الهداية على ما فهمه لكن صريح عبارة الوقاية ومنطوقه يدل على أن ما نسبه المص إلى أبي حنيفة حق وصدق حيث قال مصنف الوقاية ونقصان النصاب في الحول هدر هذا عند أبي حنيفة وقال شارحه أي لو كان في أول الحول عشرون دينارا ثم نقض في أثناء الحول ثم تم في آخر الحول يجب الزكاة انتهى فعلم أن ما في الهداية مسوق على طبق المفتى به فيما بينهم من مذهب صاحبه أو مبنى على المسامحة في كون النصاب في الحول بأن أخذ أعم من أن يكون عينه أو بدله فتدبر قال المص رفع الله درجته يد ذهبت الإمامية إلى أنه لا زكاة في الحلي محرما كان أو محللا وقال أبو حنيفة والشافعي فيهما الزكاة وقد خالفا بذلك قول النبي ص لا زكاة في الحلي انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه لا زكاة في الحلي المباح ويجب في المخطور والمكنوز ولو اتخذ سوارا ولم يقصد استعمالا مباحا ولا محظورا ولا كنزا فلا زكاة هذا مذهب الشافعي ومن العجب انترائه على الشافعي ثم الحكم بمخالفة الحديث الذي هو دليل الشافعي في عين تلك المسألة وهذا داخل في وعيد قوله ص إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ومذهب أبي حنيفة إنه في تبر الذهب والفضة وحليهما وأوانهما الزكاة ودليله إن السبب قال نام والنماء موجود وهو الإعداد للتجارة خلقة وكأنه لم يصح عنده الحديث فلا مخالفة حيث لم يصح انتهى وأقول تثنية الضمير في قوله فيهما تحريف من الناصب الخاين الذي قد ثبت خيانته وتحريفه مرارا أو سهو من قلم الناسخ وينبغي أن يكون بدله فيه فيكون المعنى إنهما خالفا في الحلي في الجملة أما أبو حنيفة ففي القسمين وأما الشافعي ففي المحظور ومما يناسب ذكره في هذا المقام إن مالك قد وافق أبا حنيفة في بعض جزئيات هذه المسألة وقال الحلي إن كان لامرأة تلبسه أو تكريه أو كان لرجل يعده لنسائه فلا زكاة في شئ منه وإن كان لرجل يعده لنفسه عدة وفيه الزكاة ولا زكاة على الرجل في حلية السيف والمنطقة والمصحف والخاتم كذا نقله عنه ابن حزم ثم أورد عليه إن ما ذكره تقسم غير صحيح وما علمنا ذلك التقسيم عن أحد قبله ولا يقوم على صحته حجة من قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس ولا رأى له وجه والعجب أنهم احتجوا في ذلك بأن الزكاة إنما سقطت عن الحلي المتخذ للنساء لأنه مباح لهن وكذلك عن المنطقة والسيف وحلية المصحف و الخاتم للرجال فكان هذا الاحتجاج عجبا ولقد علم كل مسلم إن الدنانير والدراهم ونقار الذهب والفضة مباح اتخاذ كل ذلك للرجال والنساء فينبغي على هذا أن يسقط الزكاة عن كل ذلك إن كانت هذه العلة صحيحة ويلزم على هذه العلة إن من اتخذ ما لا زكاة فيه مما لم يبح له اتخاذه أن يكون فيه الزكاة عقوبة له كما أسقط الزكاة عما فيه الزكاة من الذهب والفضة إذا اتخذ منه حلى مباح اتخاذه فإن قالوا أنه يشبه متاع البيت الذي لا زكاة فيه من الثياب ونحوها قلنا لهم فأسقطوا لهذه العلة نفسها إن صححتموها الزكاة عن الإبل المتخذة للركوب والسير والحمل والطحن وعن البقرة المتخذة للحرث وقبل كل شئ وبعد فمع فساد هذه العلة وتناقضها من أين قلتم بها ومن أين صح لكم إن ما أبيح اتخاذه من الحلي يسقط عنه الزكاة وما هو إلا قولكم جعلتموه حجة لقولكم ولا فريد ثم أين وجدتم إباحة اتخاذ المنطقة المحلاة بالفضة والمصحف المحلى بالفضة للرجال دون السرج واللجام والمهاميز المحلاة بالفضة والمصحف فإن ادعوا في ذلك رواية عن السلف بأصح طريق من طريق البخاري محمد بن إسماعيل في تاريخه عن عبد الله بن محمد المسندي عن سفين عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عمه مصعب بن سعد قال رأيت على سعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله خواتيم ذهب وصح أيضا عن البراء بن عازب فأسقطوا بهذه الزكاة عن خواتيم الذهب للرجال أو قيسوا حلية السرج واللجام والدرع والبيضة على المنطقة والسيف وإلا فلا النصوص اتبعتم ولا القياس استعملتم فسقط هذا القول بيقين وأما الشافعي فإنه علل ذلك بالنماء فاسقط الزكاة عن الحلي وعن الإبل والبقر والغنم غير السايم وهذا تعليل فاسد لأنه لم يأت به قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا نظر صحيح وقد علمنا أن الثمار والخضر تنمى وهو لا يرى الزكاة فيه وكذا الإبل وعجل البقر تنمى وهو لا يرى الزكاة فيها والحلي تنمى كراءة وتنمية وهو لا يرى الزكاة فيه وأما أبو حنيفة فأوجب الزكاة في الحلي وأسقط الزكاة عن المستعملة من الإبل والبقر والغنم وهذا تناقض واحتج له بعض مقلديه بأن الذهب والفضة قبل أن يتخذ حليا كانت فيه الزكاة ثم قالت طائفة قد سقط عنها حق الزكاة وقال آخرون لم يسقط فوجب أن لا يسقط ما أجمعوا عليه باختلاف فقلنا هذه حجة صحيحه إلا أنها لازمة لكم في غير السوايم لاتفاق الكل على وجوب الزكاة فيها قبل أن تعلف فلما علفت اختلفوا في سقوط الزكاة أو تماديها فوجب أن لا يسقط ما أجمعوا عليه باختلاف وقال هذا القايل وجدنا المعلوفة ينفق عليها ويأخذ منها ووجدنا السوايم يأخذ منها ولا ينفق عليها والحلي يأخذ منه كراءه وينتفع به ولا ينفق عليه فكان أشبه بالسوايم منه بالمعلوفة فقيل له والسائمة
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»