إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٩٥
الحساب على الأربعينات والخمسينات فيجب في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ودليله ما روي في السنة المشهورة في كتاب الصدقات أنه إذا زادت الإبل على مائة وعشرين ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون من غير شرط صح عود ما دونها فهذا دليل الشافعي وذهب أبو حنيفة إلى الاستيناف كما ذكره ودليله أنه ص كتب في آخر ذلك في كتاب عمرو بن حزم فما كان أقل من ذلك ففي كل خمس ذود شاة فيعمل أبو حنيفة بالزيادة لأنه العمل بالنصين فلا مخالفة للنص انتهى وأقول كتاب عمرو بن حزم غير متصل إلى صاحب العزم عليه السلام فلا يكون ما فيه حجة قال أبو محمد علي بن حزم الأندلسي صحيفة عمرو بن حزم منقطعة لا تقوم حجة وسليمان بن داود الجزري الذي رواها متفق على تركه وأن لا يحتج به انتهى فلا اعتداد باحتجاج الشافعي بأولها ولا باحتجاج الحنفي بآخرها تدبر وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني موافقا لنا طاعنا على دليل أبي حنيفة إن في حديثي الصدقات الذي كتبه أبو بكر لأنس والذي عند ال عمر مثل مذهبنا وهما صحيحان وقد رواه أبو بكر عن النبي ص بقوله هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله ص على المسلمين وأما كتاب عمرو بن خرم فقد اختلف في صفته فرواه الأثرم في سنه مثل مذهبنا والأخذ بذلك أولى لموافقته الأحاديث الصحاح وموافقته القياس فإن المال إذا وجب فيه من جنسه لم يجب من غير جنسه كساير بهيمة الأنعام ولأنه مال احتمل المواساة من جنسه فلم يجب من غير جنسه كالبقر والغنم وإنما وجب في الابتداء من غير جنسه لأنه ما احتمل المواساة من جنسه فعدلنا إلى غير الجنس ضرورة وقد زال ذلك بزيادة المال وكثرته انتهى قال المص رفع الله درجته ب ذهبت الإمامية إلى تخيير المالك بين إخراج الحقاق ونبات اللبون في مائتين ونحوها وقال أبو حنيفة يجب الحقاق لا غير وهو مخالف للنقل لأن النبي ص خير بينهما فإيجاب أحدهما عينا مخالفة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول عبارة الحديث في كتاب الصدقات هكذا فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة وهذا يدل على التخيير إذا كان الحساب بالأربعينات والخمسينات جميعا أما إذا خص بالخمسينات فلا يكون إلا الحقة وأبو حنيفة اعتبر الخمسينات فلا يلزم إلا الحقاق كما مر في بيان مذهبه فلما أوجب أحدهما عينا بخلاف الحديث لجواز التخصيص بالحقة في الخمسينات انتهى وأقول قدم إن ما في كتاب الصدقات غير مصدق به وقال الطيبي في شرح المشكاة احتجوا إلى الحنفية بما روي عن عاصم بن ضمرة عن علي ع في حديث الصدقة فإذا زادت الإبل على عشرين ومائة يرد الفرايض إلى أولها وبما روى أنه صلوات الله عليه كتب كتابا إلى عمرو بن حزم في الصدقات والديات وغيرها وذكر فيه أن الإبل إذا زادت على العشرين ومائة استونف الفريضة ولا يعاد لأن حديث أنس فإنه متفق على صحته انتهى قال المص رفع الله درجته ج ذهبت الإمامية إلى وجوب الأداء مع حولان الحول وقال أبو حنيفة لا يجب إلا بالمطالبة ولا مطالبة عنده في الأموال الباطنة وقد خالف في ذلك قول الله تعالى وآتوا الزكاة انتهى وأقول إن الناصب لم يذكر هذا الفصل لعجزه عن الجواب والله أعلم بالصواب قال المص رفع الله درجته د ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجب عن المراض شراء صحيحة قال مالك يجب وقد خالف في ذلك قول رسول الله ص إياكم وكرايم أموالكم فإذا نهاه عن أخذ الكريمة مع وجودها فالنهي عن أخذ صحيحة مع عدمها أولى انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن المصدق لا يأخذ مريضة ولا معيبة إلا إذا كان كلها مراضا أو معيبة فإن صح ما نقل عن مالك فربما يكون مخصوصا بشراء الصحيحة والمراد أن الأمر إذا ابخر إلى الشراء لا يشتري صاحب المال المريضة فلا مخالفة للنص لأن تمام الحديث وخذوا من حواشي أموالهم أي من أوساطها انتهى وأقول على تقدير تسليم صحة ما نقل عن مالك لا مجال لحمل العبارة المنقولة على ما تكلفه وقبول الاعتراض أسلم وأولى من الجواب بما يدل على قصور النصاب ثم إن تفسير الحواشي بالأوساط يصدر عن حشو حشوي يدور على الحواشي والأطراف فضلا عن الأوساط فافهم قال المص رفع الله درجته هي ذهبت الإمامية إلى أن الزكاة يجب في العين وقال الشافعي يجب في الذمة وقد خالف نص النبي ص حيث قال فإذا بلغت خمسا ففيها شاة إلى قوله فإذا بلغت ستا وعشرين ففيها بنت مخاض وفي البقر إذا بلغت ثلثين ففيها تبيع أو تبيعة وفي الغنم إذا بلغت أربعين ففيها شاة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه يجب الزكاة على الفور ويعصي بالتأخير بعد التمكن ويضمن إن تلف بعده وإذا باع مال الزكاة أو رهن بعد الوجوب وقبل الاخراج بطل في قدر الزكاة لأن المستحق شريك فيه وإن جاز الاخراج من موضع آخر فالزكاة وأن كانت واجبة في الذمة ولهذا يصح الاخراج من موضع آخر لكنه له تعلق بالعين لثبوت شركة المستحق والظرفية المستفادة من الحديث السابق حيث قال فإذا بلغت خمسا ففيها شاة لهذا التعلق لا لكونه متعلقا بالعين مط انتهى وأقول إن ما ذكره الناصب في تقرير مذهب إمامه الشافعي وتطبيق النص عليه تكلف بل تعسف ظاهر مع ما فيه من شائبة الجمع بين النقيضين لأن شركة المستحق كما ذكره اقتضى كون الزكاة في العين وجواز الاخراج من وضع آخر اقتضى كونها في الذمة فيكون أمر واحد متعلقا بالعين من حيث استحقاق الشركة وكونها متعلقا بالذمة من حيث جواز الاخراج من موضع آخر لا فانتقل الكلام إلى الجهتين والحيثتين ونقول هاتان الحيثتان متنافيتان لا يجوز اجتماعهما فلا مخلص إلا بأن يق إن جواز الاخراج من موضع آخر من حيث إرفاق الشارع بالمالك فكأنه قال له الشارع أنه يجب الزكاة في عين مالك لكن جوزنا لك الاخراج من غيره إرفاقا بك أقول وبهذا يندفع ما ذكره ابن حزم في هذا المقام من كتابه المحلى حيث قال لا خلاف بين الأمة من زمننا إلى زمن رسول الله ص إن من وجبت عليه زكاة بر أو شعيرا أو تمرا وفضة أو ذهب أو إبل أو بقرا وغنم فأعطى زكاته الواجبة من غير تلك الإبل ومن غير تلك الذهب ومن غير تلك البقر ومن غير تلك الغنم فإنه لا يمنع ولا يكره له ذلك بل سواء أعطى من تلك العين أو مما عنده من غيرها أو مما يشتري أو مما يوهب أو مما يستقرض فصح يقينا إن الزكاة في الذمة لا في العين إذ لو كانت في العين لم يخبر له البتة أن يعطي من غيرها ولوجب منعه من ذلك كما يمنع من له شريك في شئ من كل ذلك أن يعطي شريكه من غير العين التي هم فيها شركاء إلا بتراضيهما على حكم البيع وأيضا فلو كانت الزكاة في عين المال لكانت لا تخ من أحد وجهين لا ثالث لهما إما أن يكون في كل جزء من أجزاء ذلك المال أو يكون في شئ منه بغير عينه
(٣٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 ... » »»