إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٨٩
في الخطبة وشرط في الصلاة فلا يمكن الحكم بالتساوي وبينهما فمدخول بأن مقتضى البدلية التساوي في جميع الأحكام وخرج المساواة في القبلة بالإجماع فيبقى الباقي بحاله كما لا يخفى على المتدرب في الأصول ثم أقول ومما يزيد في تشنيع الفقهاء الثلاثة ويفيد رد بعض ما ذكره الناصب ههنا ما ذكره ابن حزم في كتاب المحلى حيث قال فلما أبو حنيفة ومالك فقالا الخطبة فرض لا تجزى صلاة الجمعة إلا بها والوقوف في الخطبة فرض واحتجا بفعل رسول الله (ص) ثم تناقضا فقالا إن خطب جالسا أجزاه وإن خطب خطبة واحدة أجزاءه وإن لم يخطب لم يجزئه فقد صح عن جابر أنه قال من أخبرك أن رسول الله (ص) خطب جالسا فقد كذب وأيضا من الباطل أن يكون بعض فعله ع فرضا وبعضه غير فرض وقال الشافعي أن خطب خطبة واحدة لم يجزءه ثم أصلا ثم تناقض فأجاز الجمعة لمن خطب قاعدا والعقول عليه في ذلك كالقول على أبي حنيفة ومالك في إجازتهما الجمعة بخطبة واحدة ولا فرق وقد روينا من طريق عبد الرزاق عن الأوزاعي عن عمرو بن شعيب آن عمر بن الخطاب قال الخطبة موضع الركعتين فمن فاتته الخطبة صلى أربعا والحنفيون والمالكيون يقولون المرسل كالمسند أو أقول فيلزمهم الأخذ بقول عمر ههنا وإلا فقد تناقضوا انتهى كلامه قال المصنف رفع الله درجته نط ذهبت الإمامية إلى وجوب أربعة أشياء في الخطبة حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على النبي (ص) وآله والوعظ وقراءة شئ من القرآن وقال أبو حنيفة يجب في الخطبة كل واحدة من الحمد لله أو الله أكبر أو سبحان الله أو لا إله إلا الله أو غير ذلك وقد خالف في ذلك فعل النبي (ص) وفعل الصحابة بأسرهم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن أركان الخطبة خمسة حمد الله والصلاة على رسول الله (ص) والوصية بالطاعة والدعاء للمسلمين والقراءة في إحديهما لاشتمال خطبة النبي على هذه الأمور و مذهب أبي حنيفة إن اقتصر على ذكر الله جاز وقال أبو يوسف ومحمد كل ذكر طويل يسمى خطبة لأن الخطبة في الواجبة التسمية والتحميدة يسمى خطبة ودليل أبي حنيفة قوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله من غير فصل بين القليل والكثير وفعل النبي (ص) عنده محمول على الندب انتهى وأقول أولا أن استدلال أبي حنيفة بعموم الآية إنما يفيد لو لم يكن فعل النبي (ص) مخصصا له بالخطبة على الوجه المأثور وأكثر عمومات القرآن وإطلاقاته قد بين بقول الرسول وفعله فبعد ظهور تخصيص الآية المذكورة بما نقله المصنف من فعل النبي (ص) وفعل أصحابه لا وجه للاستدلال بعمومها كما لا يخفى وأما ما ذكره من أن فعل النبي (ص) عند أبي حنيفة محمول على الندب مردود بما مر مرادا من أنه لا اعتبار بعنديات أبي حنيفة وأمثاله مع ما مر أيضا من اعتراف أكثر الجمهور بأن ما واظب عليه الرسول ص محمول على الوجوب سيما وقد واظب الصحابة أيضا على ذلك كما ذكره المصنف وسلمه الناصب وثانيا أنه لا فايدة في نقله لمذهب الشافعي وأبي يوسف ومحمد في هذا المقام مع أنه يتوجه على ما ذهب إليه الأخيران ما أورده ابن حزم على تعريف مالك للخطبة بكل كلام ذي بال وهوانهما ذهبا إلى فريضة الخطبة ومن أوجب فرضا يجب عليه تحديده حتى يعلمه متبعوه علما لا اشتباه فيه وإلا فقد جهلوا فرضهم وأيضا يرد قولهما ما رواه ابن حزم بإسناده إلى واصل بن حيان قال قال أبو وايل خطبنا عمار بن ياسر فأوجزوا بلغ فلما نزل قلنا يا أبا اليقظان لقد أوجزت وأبلغت فلو كنت تنفست فقال إني سمعت رسول الله (ص) يقول أن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مائة من فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة فإن من البيان سحرا وروى بإسناده إلى ابن مسعود انتقال أحسنوا هذه الصلاة وأقصروا هذه الخطبة ثم قال شاهدت ابن معدان في جامع قرطبة قد أطال الخطبة حتى أخبرني بعض وجوه الناس بأنه بال في ثيابه وكان قد نشب في المقصورة انتهى وأقول قد قيل إنه لأجل تطويل الخطبة أيضا قد ضرط معاوية بن أبي سفيان ضرطة طويلة على المنبر فلما رأى تنفر الناس عن ذلك ترك الخطبة واعتذر عنهم بإسناد ذنبه إلى الله تعالى فقال الحمد لله الذي خلق أبداننا وأسكنها أرواحنا وجعل فيها رياحا وجعل خروجها للنفس راحة فلربما اختلجت في غير أوانها وانفلتت في غير وقتها فلا جناح على من جاء منه ذلك فقام من الحاضرين صعصعة بن صوحان العبدي قدس سره وقال صدقت يا معاوية أن الله خلق أبداننا واسكن فيها أرواحنا وجعل فيها رياحا وجعل خروجها للنفس راحة ولكن جعل إرسالها في الكنيف راحة وعلى المنبر بدعة ثم قال يا أهل الشام قوموا فقد جزأ أميركم فلا صلاة له ولا لكم انتهى والظاهر من حال عدو الله أنه إنما فعل ذلك استهزاء بالشرع المطهر وسخرية على المحراب والمنبر وقد حمله أوليائه على ما سمعت وهو قد أحاله على الله تعالى كما عرفت الله تعالى خصمهم في الآخرة والأولى قال المصنف رفع الله درجته س ذهبت الإمامية إلى استحباب أن يقرأ في الأولى مع الحمد الجمعة وفي الثانية المنافقين وقال أبو حنيفة ليس في القرآن شئ معين يقرء ما شاء وقد خالف في ذلك فعل النبي (ص) فقد روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين فقال أن النبي (ص) كان يقرء في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين وكذا في مسند أحمد انتهى وقال الناصب خفضه الله تعالى أقول مذهب الشافعي أن السنة أن يقرء في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين وكذا في مسند أحمد انتهى وقال الناصب خفضه الله تعالى أقول مذهب الشافعي أن السنة أن يقرء في الأولى الفاتحة وسورة الجمعة وفي الثانية بالفاتحة وبالمنافقين وذلك لأن الجمعة يناسب الصلاة وأما قراءة سورة المنافقين فلحضورهم ذلك اليوم فكان المناسب إسماعهم رجزا عليهم هذا مذهب الشافعي وأما عدم مسنونيته عند أبي حنيفة فلزوال هذا السبب اليوم انتهى وأقول قوله لأن الجمعة يناسب الصلاة أي سورة الجمعة تناسب صلاة الجمعة يدل على أن الشافعي إنما استحب ذلك للمناسبة لا للتأسي بفعل النبي (ص) فلولا لمناسبة لما حكم باستحبابه وهو كما ترى ثم لا يخفى أن الناصب قد هرب عن توجيه مخالفة أبي حنيفة لفعل النبي (ص) في قراءة سورة الجمعة واقتصر على توجيه مخالفته له في قراءة سورة المنافقين بأنه زال هذه السبب اليوم وفيه ما فيه إذ قد سبق الأثر الصحيح عن بعض الصحابة بما حاصله إنا كنا نعرف المنافقين ببغض علي بن أبي طالب والمنافقين ما زالوا وما انفضوا بل كانوا لا يزال في الازدياد إلى اليوم كما بيناه سابقا بما ذكره القاضي ابن خلكان في كتابه في ترجمة علي بن جهم القرشي لعنه الله حيث قال أن محبة علي بن أبي طالب لا يجتمع مع التسنن وأدل دليل على ذلك وجود الناصب الشقي الذي ظهر عنه في تأليفه هذا غاية النفاق ونهاية الشقاق قال المصنف رفع الله درجته سا ذهبت الإمامية إلى أن الجمعة تدرك بإدراك ركعة لا بدونها
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»