إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٨٧
تعالى من سمع النداء ممن لم يسمع والندالها؟؟ إنما هو إذا زالت الشمس فمن أمر بالرواح قبل ذلك فرضا فقد افترض ما لم يفرضه الله تعالى في الآية ولا رسوله (ص) فقد صح يقينا أنه تعالى أمر بالرواح إليها أثر زوال الشمس لا قبل ذلك فصح أنه قبل ذلك فضيلة لا فريضة كمن قرب بدنة أو بقرة أو كبشا أو ما ذكرنا معها وقد صح أمر رسول الله (ص) من المشي إلى الصلاة بالسكينة والوقار والسعي المذكور في القرآن إنما هو المسئ لا الجرى وقد صح أن السعي المأمور به إنما هو لإدراك الصلاة لا للعناء دون إدراكها وقد قال ع فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا وبالله تعالى التوفيق انتهى كلامه قال المصنف رفع الله درجته نب ذهبت الإمامية إلى وجوب الجمعة على من بعد عن البلد على فرسخين فما دون فإن كان فيهم العدد وجب عليهم الحضور أو الصلاة عندهم وإن كان أقل من العدد وجب عليهم الحضور وكذا إن كانوا على أقل من فرسخ وقال أبو حنيفة إذا كان خارج البلد لا يجب عليهم الحضور إذا كانوا أقل من العدد وإن كانوا على قرب قال محمد قلت لأبي حنيفة يجب الجمعة على زياد الكوفة فقال لا وبين زبار والكوفة الخندق وهي قرية بقرب الكوفة وقال الشافعي لا يجب الحضور إلا إذا كانوا بحيث يسمعون الأذان وقد خالفوا في ذلك القرآن وهو قوله تعالى فاسعوا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مضى هذه المسألة إلا تعيين الفرسخين ولا نعلم ما خذه ومذهب الشافعي حق لترتب السعي على الأذان فسامع الأذان يجب عليه الحضور ولا دخل للقرب والبعد وأبو حنيفة فرض التجميع على أهل المصر الجامع فلا يدخل فيه من هو خارج منه قريبا كان أو بعيدا انتهى وأقول الفرق بين ما ذكره المصنف ههنا وبين ما مضى ظاهر جدا إذا الكلام فيما كان في حكم سواد البلد وههنا فيما بعد عن البلد بمسافة معينة من القرى ونحوها وأما ما ذكره من عدم علمه بما خذ ما أتى به المصنف في ضمن تقدير مذهبه من تعيين الفرسخين فهو مسلم لأن ما خذ ذلك روايات أهل البيت عليهم السلام لكن المصنف إنما ذكره عند الأخبار عن مذهبه لضرورة كون ذلك معتبرا في مذهبه لا لأن يجعله حجة على أحد قال المصنف في تذكرة الفقهاء لا ينعقد جمعتان بينهما أقل من فرسخ سواء كانتا في مصر واحدا ومصرين فصل بينهما نهر عظيم كدجلة أولا عند علمائنا أجمع لقول الباقر ع لا يكون بين الجمعتين أقل من ثلثه أميال فلا بأس أن يجمع بهؤلاء وهؤلاء ولأنها لو صحت مع التقارب لصحت في كل مسجد مع أن النبي (ص) لم يجمع إلا في مسجد و كذا الخلفاء بعده ولم يعطلوا المساجد بل كان اقامتها في موضعين أولى من موضع واحد ومع بعد المسافة يشق الاتيان فلا بد من تقدير يرفع المشقة والقدر الذي يمكن تكليفه لأكثر الناس فرسخ فكان الاعتبار به ولا اعتبار باتحاد البلد فقد يكثر عن فرسخ فيحصل المشقة بالحضور وقال الشافعي لا تقام الجمعة في المصر الواحد إلا في موضع واحد وإن تباعدت أقطاره وبه قال مالك لأن النبي (ص) كذا فعل ونحن نقول بموجبه لأن المدينة لم تبلغ أقطارها فرسخا فهذا اتحدت الجمعة وقال أبو يوسف إذا كان للبلد جانبان ليس بينهما جسر كانا كالبلدين فجاز أن تقام في كل جانب جمعة وإلا فلا وعنه جواز ذلك في بغداد خاصة لأن الحدود تقام فيها في موضعين والجمعة حيث تقام الحدود فلو وجد بلد تقام فيه الحدود في موضعين جاز إقامة الجمعة فيهما بمقتضى قوله وهو قول ابن المبارك وإليه ذهب أبو الطيب بن سلمة وقال محمد تقام فيه جمعتان سواء كان جانبا واحد أو أكثر لأن عليا (ع) كان يخرج يصلي العيد في الجبان ويستخلف أبا مسعود البدري يصلي بضعفة الناس وحكم الجبان حكم البلد والجمعة عنده كالعيد ويحمل على بعده ص فرسخا وليس عن أبي حنيفة فيه شئ وقال أحمد إذا كبر وعظم كبغداد والبصرة جاز أن يقام فيه جمعتان وأكثر مع الحاجة ولا يجوز مع عدمها فإن حصل الغناء باثنتين لم يجز الثالثة وكذا ما زاد دفعا للمشقة وهي مشقة يسيرة فلا يكون عذرا وقال داود وعطا يجوز أن يصلوا الجمعة في مساجدهم كما يصلون ساير الصلوات لأن عمر كتب إلى أبي هريرة بالبحرين أن جمعوا حيث كنتم وليس حجة ويحمل على أي بلد كنتم واعتذر أصحاب الشافعي له بأنه لما دخل بغداد وفيها جامع المنصور وجامع المهدي بكبره فحصلت المشقة وهو مصير إلى قول أحمد أو بأنها كانت قرى متفرقة فاتصلت العمارة أو بأنها ذات جانبين فصارت كالبلدين وهو قول أبي يوسف أو لأنها اجتهادية ولا يجوز التقليد انتهى فما ادعاه الناصب من حقية مذهب الشافعي بما ذكره فقد عرفت بطلانه مما نقلنا ههنا من كلام التذكرة ومما نقلناه في المسألة السابقة من كلام ابن حزم وأما ما ذكره من أن أبا حنيفة فرض التجميع على أهل المصر اه فهو احتجاج على قوله بقوله فلا يفيد وكثيرا ما يفعل الناصب مثل هذا فلا تغفل قال المصنف رفع الله درجته فج ذهبت الإمامية إلى وجوب الجمعة على خمسة نفر أحدهم الإمام و قال الشافعي وأحمد وإسحق لا يجب على أقل من أربعين وخالفوا في ذلك القرآن انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه يجب حضور أربعين غير الإمام لأن الجماعة فريضة في الجمعة ولا للجماعة من عدد واعتبار عدد الجمعة بفعل النبي (ص) وهو ما روى في الصحاح أن أول جمعة أقيمت في الإسلام كانوا أربعين رجلا فاعتبر ذلك العدد للاحتياط دون غيره ولا مخالفة لعموم القرآن والسنة المشهورة انتهى وأقول يتوجه عليه أن ما روي في الصحاح على تقدير تسليم صحته لا دلالة له على ما ذهب إليه الشافعي لأن النبي (ص) لم يقل أنه لا يجوز الجمعة بأقل من عدد الأربعين وإنما وقع ذلك العدد في تلك الجمعة بحسب الاتفاق فجازوا ما قوله فاعتبر ذلك العدد للاحتياط فمخالف لما نقل عن الشافعي من أنه قال تارة لا جمعة إلا بأربعين رجلا وتارة أنه لا يجب على أقل من أربعين فإن الاحتياط لا يقتضي عدم وجوب الأقل بل ولا عدم جوازه كما لا يخفى على من علم معنى الاحتياط على إن هذا الاحتياط معارض بمثله لجواز أن يكون الجمعة منعقدا بالأقل عند الشارع فيلزم من عدم اعتبار الأقل فوت صلاة الجمعة في نفس الأمر فيكون ذلك مخالفا للاحتياط وبالجملة القول باعتبار الأقل يستلزم تفويت ما عسى أن يكون واجبا في نفس الأمر من صلاة الظهر والقول باعتبار الأكثر يستلزم تفويت صلاة الجمعة في نفس الأمر فإذا تعارضا تساقطا مع رجحان صلاة الجمعة على أصل الظهر وأما مخالفة الشافعي لعموم القرآن فظاهر فإن صيغة الجمع في آية الجمعة يقتضي تحقق الوجوب بأقل من عدد الأربعين إلى الثلاثة التي هي أقل مراتب الجمع والشافعي حصر الوجوب في الأربعين
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»