إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٨٦
في وقتها فإن أراد به اشتهار وجوب أدائها في وقتها المختص فغير مسلم اشتهار ذلك عند من جوز الجمع إن أراد في الأعم من وقتها المختص والمشترك فمسلم لكن لا يقدح ذلك في تجويز الجمع فإن عندنا معاشر الإمامية إن من أول الدلوك بمقدار أربع ركعات يكون وقتا مختصا للظهر ثم يشترك الوقت بينه وبين العصر إلى أن يبقى من النهار مقدار أداء أربع ركعات فيختص بالعصر ويصير الظهر إن لم يفعلها قبل ذلك قضاء لكن كلما أراد المصلي أن يصلي الظهر والعصر في وقتهما المشترك يجب عليه أن يقدم الظهر على العصر والله أعلم قال المصنف رفع الله درجته مط ذهبت الإمامية وجوب تقديم الظهر على العصر حالة الجمع وجوز الشافعي البداية بالعصر وقد خالف في ذلك الاجماع وفعل النبي (ص) وأمر الله تعالى من وجوب تقديم الظهر على العصر انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن المسافر إذا أخر الجمع في العصرين فله أن يصلي الظهر أولا لا لأن حقه التقديم من جهة أنه متقدم حاوله أن يقدم العصر لأن الوقت له فالظهر في حكم الفايت ويجوز قضاء الفايتة بعد أداء فرض الوقت وأما دعوى الاجماع على وجوب التقديم فبط وفعل النبي في السفر يدل على الندب أن ثبت وأما أمر الله تعالى فهو في الأداء في وقته لا في الجمع أو الفوت انتهى وأقول أراد بقوله وله أن يقدم العصر لأن الوقت له أن ما عدا وقت أداء ركعات الظهر مختص بالعصر وهو غير مسلم كما بيناه في المسألة السابقة القايلة بجواز الجمع في الحضر فبالطريق الأولى أن لا يسلم في الجمع حالة السفر فإن دعوى اختصاص ما عدا الوقت المذكور بالعصر أولى بالمنع ح كما لا يخفى ويدل على أن الناصب يموه في دعوى ذلك ولم يجاهر بها تفريعه على ذلك الدعوى الفاسدة بقوله فالظهر في حكم الفائت اه حيث لم يسعه أن يصرح بفوات الظهر بل أقحم لفظ الحكم و بالجملة إذا شرع الله تعالى جواز الجمع بين الصلاتين كان ذلك إعلاما بوقوعهما ح أداء فالقول يكون ذلك الوقت مختصا بالعصر وكون الظهر فايتا أو في حكم الفائت باطل جدا كما لا يخفى ولما حكمه ببطلان دعوى المصنف للإجماع فيما ذكر فباطل لأن الاجماع المنقول بخبر الواحد حجة كما تقرر في الأصول وقد نقل الاجماع على ذلك جماعة من الجمهور أيضا كما يرشد إليه مطالعة هذا المقام كتبهم وأما ما ذكره من أن فعل النبي (ص) يدل على الندب ففيه ما مر نقلا عن الأنصاري الشافعي شارح الينابيع وغيره في غيره أن مواظبة النبي (ص) على يدل على وجوبه وأما ما ذكره من أن أمر الله تعالى في الأداء في وقته لا في الجمع أو الفوت فمردود بأن أمر الله تعالى عام شامل للكل والتخصيص والتقييد بحال الأداء في وقته خلاف الأصل بل هو تحكم بارد قال المصنف رفع الله درجته ن ذهبت الإمامية إلى أن المقيم في بلد للتجارة أو طلب علم أو غير ذلك إذا نوى مقام عشرة أيام ينعقد به الجمعة وخالفت الشافعية وقد خالفوا عموم الأمر بوجوب صلاة الجمعة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول الجمعة عبادة للمقيم لا للمسافر ونية إقامة عشرة أيام لا يوجب الإقامة ولهذا كان بعض السلف يقصرون فيه لبقاء حكم السفر ولو نوى الإقامة المطلقة فله الجمعة وما ذكر من مخالفة عموم الأمر بوجوب الجمعة فلا يتأتى في حق المسافر ومن لم ينو الإقامة المطلقة فهو مسافر انتهى وأقول الذي يظهر من كتاب تذكرة الفقهاء للمصنف وكتب الحنفية والشافعية أنه ليس في التقدير بعشرة أيام وأقل وأكثر نص عن رسول الله (ص) وإنما المستند في ذلك أقوال الصحابة والظاهر أن المرجع في ذلك إلى العرف وأنه هل يحكم بكون ناوي إقامة العشرة مقيما أولا والقول الواسط هو اعتبار نية العشرة كما ذهب إليه الإمامية مستندا بروايات أهل البيت ع فإن الشافعي فرط في ذلك فاعتبر نية الأربعة والحنفي أفرط فاعتبر نية خمسة عشر فما أتى به الناصب من منع كون نية إقامة العشرة موجبا للإقامة مع فتوى إمامه الشافعي بأن نية إقامة الأربعة موجب لذلك كما ترى قال المصنف رفع الله درجته نا ذهبت الإمامية إلى وجوب الجمعة على أهل السواد كوجوبها على أهل المدن وقال أبو حنيفة لا جمعة على أهل السواد وخالف في ذلك القرآن حيث قال إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن من يبلغه النداء من أهل السواد لزمه حضور الجمعة لأن السعي مرتب على النداء فمن بلغه النداء وجب عليه حضور الجمعة وأما أبو حنيفة فإنه يجعل المصر محلا للجمعة وأهل السواد ليسوا من المصر فالنداء لا يتعلق بهم فلا مخالفة للنص انتهى وأقول يكفي في رد ما ذكره الناصب ههنا ما قاله ابن حزم الأندلسي من أهل نحلته بل فيه زيادة على ما أتى به المصنف قدس سره من التشنيع على كل من مالك والشافعي وأبي حنيفة حيث قال قال مالك والليث يجب الجمعة على كل من كان من المصر على ثلاثة أميال ولا يجب على من كان على أكثر وقال الشافعي يجب الجمعة على أهل المصر وإن عظم فأما من كان من خارج المصر فمن كان بحيث يسمع النداء فعليه أن يجيب ومن كان بحيث لا يسمع النداء لا يلزمه الجمعة وقال أبو حنيفة وأصحابه يلزم الجمعة جميع أهل المصر سمعوا النداء أم لم يسمعوا ولا يلزم من كان خارج المصر سمع النداء أو لم يسمع وكل هذه الأقوال لا حجة لقائلها لا من قران ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة ولا قول صاحب لا مخالف له ولا إجماع ولا قياس لا سيما قول أبي حنيفة فإن تعلق من نجد ذلك بثلاثة أميال بأن أهل العوالي كانوا يجمعون مع رسول الله (ص) قلنا قد روى أن أهل ذي الحليفة كانوا يجمعون معه (ص) وهي على أكثر من ثلاثة أميال وليس في ذلك دليل على أنه (ص) أوجب ذلك عليهم فرضا بل قد روى أنه ص أذن لهم في أن لا يصلوها معه وصح ذلك عن عثمان وأما من قال يجب على من سمع النداء فإن النداء قد لا يسمعه لخفاء صوت المؤذن أو لحمل الريح له إلى جهة أخرى أو بحوالة دابته من الأرض دونه من كان قريبا جدا وقد يسمع على أميال كثيرة كالمؤذن على المنار والقرية في جبل والمؤذن صيتا والريح يحمل صوته إليه وبالضرورة ندري أن قول الرسول (ص) في بعض الأخبار أتسمع النداء قال نعم قال أجب إنما أمره بالإجابة لحضور الصلاة المدعو إليها لا من يوقن أنه لا يدرك منها شيئا هذا معلوم يقينا ويبين ذلك إخباره بأنه (ص) بهم بإحراق المتخلفين عن الصلاة في الجماعة بغير عذر فإذا قد اختلفوا هذا الاختلاف فالمرجوع إليه ما افترض الله تعالى السعي إليها إذا نوي لها لا قبل ذلك ولم يشترط
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»