إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٨٤
وكذا لا نم أن صلاة المسافر رخصة لا عزيمة بل هي أيضا عندنا وعند من وافقنا من الجمهور عزيمة كالإتمام في الحضر إذ الأكثر على أنها ليست بقصر حقيقة بل فرضت ركعتين ركعتين في السفر وأربعا وثلثا في الحضر وقد سبقت الرواية عن عمر وعايشة أنها قالت صلاة السفر ركعتان غير قصر على لسان نبيكم وعن عايشة أول ما فرض ركعتان ركعتان فأقرت في السفر وزيدت في الحضر وإنما ذهب الشافعي ومن وافقه إلى أنها رخصة متمسكا بأن نفي الجناح في الآية للإباحة لا للوجوب كما مر وقد بينا فساده فتذكر ولو سلمنا لرخصة فلا منافاة بينها وبين الوجوب لاجتماعهما في مادة وجوب أكل الميتة عند خوف التلف وعلى هذا يسقط جميع ما فرعه على الأصل المهدوم بقوله؟؟؟
فإذا اقتدى المسافر بالمقيم جذب الخ على أن القول بأن الاقتداء يجذب حكم العزيمة إلى المسافر مما لا يظهر له محصل فإن خاصية الجذب بلا آلة إنما أودعها الله تعالى في حجر المقناطيس ونحوه وأما في غيره سيما في المعاني الذي لا وجود لها بالأصالة فلم نطلع عليه وأيضا ما أردفه بقوة العزيمة من قوة وجب متابعة الأمم أوهن من الكل لظهور أن وجوب متابعة الإمام مستحق في جانب العكس أيضا كما أشار إليه المصنف مع أنهم لا يقولون نجد به هناك قال ابن حزم والعجب من المالكيين والحنفيين والشافعيين والقايلين بأن المقيم خلف المسافر يتم ولا ينقل إلى حكم إمامه في التقصير وأن المسافر خلف المقيم ينتقل إلى حكم إمامه في الإتمام وهم يدعون أنهم أصحاب قياس بزعمهم ولو صح قياس في العالم لكان هذا أصح قياس يوجد ولكن هذا مما تركوا فيه القرآن والقابس وما وجدت لهم حجة إلا أن بعضهم قالوا أن المسافر إذا نودي في صلاة السفر لم يقصرها قال فإذا خرج بنية إلى الإتمام فأحرى أن يخرج إلى الإتمام بحكم إمامه وهذا قياس في غاية الفساد لأنه لا نسبة والأشبه بين صرف النية من سفر إلى إقامة وبين الايتمام بإمام مقيم بل النسبة بينهما هوس ظاهر واحتج بعضهم بقول النبي (ص) إنما جعل الإمام ليؤتم به فقلنا لهم فقولوا للمقيم خلف المسافر أن يأتم به إذا فقال قايلهم قد جاء أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر فقلنا لو صح هذا لكان عليكم لأن فيه أن المسافر لا يتم ولم يفرق بين مأموم والإمام فالواجب على هذا أن المسافر جمله يقصر والمقيم جملة يتم ولا يراعى أحد منهما حال إمامه وبالله تعالى التوفيق انتهى قال المصنف رفع الله درجته مه ذهبت الإمامية إلى أن من فاته صلاة سفر فإنه تقضيها في الحصر قصرا وكذا يقضيها في السفر قصرا سواء كان ذلك السفر أو غيره وقال الشافعي عليه التمام فيهما وقد خالف قول النبي (ص) من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها وصلاة الحضر ذكر غير صلاة السفر انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي وجوب إتمام الصلاة السفر إذا صلاها في الحضر لأن القصر عنده رخصه لمشقة السفر وانتفى موجب الرخصة فانتفت الرخصة وأما الاستدلال بالحديث فمن غرايب استدلالاته لأن الحديث يدل على وجوب القضاء عند التذكر وهل يدل على وجوب القضاء بذلك الصورة التي كانت وأين الدلالة على هذا انتهى وأقول إن أراد بقوله وانتفى موجب الرخصة انتفاء موجب الرخصة في حال السفر فبطلانه ظاهر وإن أراد انتفاء موجبها في ثاني الحال فهو مسلم لكنه لا يوجب انتفاء الرخصة لأنها قد حصلت سابقا فيكفي الاتيان ببدل ما رخص فيه لأنه الذي استقر الوجوب فيه والأصل فيه المساواة وعدم الزيادة وبهذا يندفع أيضا ما استقر به من استدلال المصنف بالحديث فإن الضمير في قوله (ص) فليصلها راجع إلى الصلاة الفايت وإذا كان الفائت صلاة القصر كان المراد بقوله فليصلها فعلها قصرا لا إنها الذي فاتت والأصل عدم الزيادة كما عرفت قال المصنف رفع الله درجته مو ذهبت الإمامية إلى أن من صلى في السفينة وتمكن من القيام وجب عليه أن يصلي قائما وقال أبو حنيفة هو بالخيار بين الصلاة قائما أو جالسا وقد خالف في ذلك النصوص الدالة على وجوب القيام وأي سبب يقتضي جواز الجلوس مع القدرة وأي فرق بين السفينة وغيرها انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي وجوب القيام للقادر المتمكن منه وأما تخيير أبي حنيفة إن صح فلأن الأصل عدم تمكنه من القيام فرخص له الجلوس فهو بالخيار بينه وبين القيام انتهى وأقول اعتذاره عن فتوى أبي حنيفة ههنا بأن الأصل عدم تمكن راكب السفينة من القيام يدل على خطأ أصله ووضعه للأصول و ذلك لظهور أن ما ذكره من الأصل لا أصل له أصلا كقولهم الأصل في الأشياء الإباحة الأصل في الأشياء الطهارة ولا أصل عرفي يحكم به من ركب السفر فإن كل من ركبها في بعض الأيام يعلم أن الغالب فيها القدرة على القيام نعم الأصل في سفينة أهل البيت عليهم السلام أن لا يقدر الناصب وأمثاله على ركوبها فضلا عن القيام لكن ليس الكلام فيها في هذا المقام والذي يظهر من كلان ابن حزم في كتاب المحلى أن أبا حنيفة أفتى بذلك تمسكا بفعل من حيث قال وقال أبو حنيفة يصلي قاعدا من قدر على القيام وهذا خلاف أمر الله تعالى بالقيام في الصلاة واحتج بأن أنسا صلى في سفينة قاعدا فقلنا وما يدريكم أنه كان قادرا على القيام خاش لله؟؟ أن يظن بأنس أنه صلى قاعدا وهو يقدر على القيام انتهى ويظهر منه أيضا صحة ما نسبه المصنف ههنا إلى أبي حنيفة وإن إشارة الناصب إلى عدم صحة تلك النسبة بقوله إن صح لا يصح قال المصنف رفع الله درجته مز ذهبت الإمامية إلى أن العاصي بسفره كالخارج لقطع الطريق أو لسعاية في قتل مسلم أو لطلب فجور وشبهه لا يجوز له التقصير في الصلاة ولا في الصوم وقال أبو حنيفة وأصحابه و الثوري والأوزاعي لا فرق بين سفر الطاعة والمعصية وقد خالفوا المعقول والمنقول أما المعقول فلأن القصر رخصة فلا يناط بالمعاصي وأما المنقول فقوله تعالى فمن اضطر غير باغ ولا عاد حرما على العادي الرخصة فالقصر كذلك انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد ذهب بيان هذه المسألة وقد نسب هذا إلى الشافعي فيما مضى ونسبناه إلى الكذب ومذهب أبي حنيفة أن العاصي والمطيع في سفرهما في الرخصة سواء ودليله إطلاق النصوص ولأن نفس السفر ليس بمعصية وإنما المعصية ما يكون بعده أو يجاوره فصلح متعلق الرخصة فلا يكون مخالفة للمعقول وفرق بين جواز القصر وأكل الميتة لأن أكل الميتة هو ارتكاب حرام أبيح للضرورة فلا يجوز للعاصي لعدم الضرورة في حقه بخلاف القصر فإنه لط فشامل للمسافر عاصيا أو مطيعا فلا مخالفة للنص انتهى وأقول ما نسبه المصنف فيما مضى إلى الشافعي وهو جواز القصر في سفر المعصية والمسألة المنسوبة
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»