إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٨٢
خالف فيه الشافعي فقط حتى يحتاج إلى الكذب عليه بل يتعرض فيه لما خالف فيه الفقهاء الأربعة كلا أو بعضا سواء كان الشافعي أو أبو حنيفة أو غيرهم كما لا يخفى فلا يفيد نفيه عن الشافعي مع ثبوته للحنفي كما عرفت ومن اللطايف أن ابن حزم وافق أبا حنيفة في هذه المسألة وشنع على الشافعي ومالك فقال قد صح أن صلاة السفر قد فرضها الله تعالى ركعتين ثم بلغها في الحضر بعد الهجرة أربعا وأقر صلاة السفر على ركعتين وصلح أن صلاة السفر ركعتان بقوله (ص) فإذ قد صح ها فهي ركعتان لا يجوز أن يتعدى يذلك ومن تعداه فلم يصل كما أمر فلا صلاة له إذا كان عالما بذلك ولم يخص (ع) سفرا من سفر فلا يجوز لأحد تخصيص ذلك ولا يجوز رد صدقة الله تعالى أمر رسوله (ص) بقبولها فيكون من لا يفعله عاصيا واحتج من خص بعض الأسفار بذلك بأن سفر المعصية محرم فلا حكم له فقلنا أما محرم فنعم هو محرم ولكنه سفر فله حكم السفر وأنتم تقولون بأنه محرم ثم تجعلون فيه التيمم عند عدم الماء وتجيزون الصلاة فيه وترونها فرضا فأي فرق بين ما أجزتم من الصلاة والتيمم؟؟ وبين ما منعتم من تأديتها ركعتين كما فرضها الله تعالى في السفر ولا سبيل إلى فرق وكذلك الزنا محرم وفيه من الغسل كالذي في الحلال لأنه أجناب ومجاورة ختان بختان فوجب فيه حكم عموم الاخباب ومجاورة الختان انتهى فعلى أولياء الناصب الجواب عنه قال المصنف رفع الله درجته ب ذهبت الإمامية إلى وجوب القصر في سفر الطاعة وقال الشافعي هو بالخيار بين القصر والاتمام وقد خالف قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر أوجب الأيام الأخر فيحرم صوم الأصل وكل من أوجب القصر في الصوم أوجبه في الصلاة وقال عمر بن حصين حججت مع النبي (ص) فكان يصلي ركعتين حتى ذهب وكذلك مع أبي بكر وعمر حتى ذهبا وقال ابن عباس فرض الله تعالى الصلاة على لسان نبيكم في السفر ركعتين وعن عائشة قالت فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر وقال عمر صلاة الصبح ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان وصلاة الفطر ركعتان وصلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه يجوز القصر عند وجود السبب والمحل والشرط ولا يجب أما الجواز فللنص والإجماع وأما عدم الوجوب فلدلالة النص على أنه رخصة وكل ما يكون رخصة لا يكون واجبا لأن العزيمة يقتضي الوجوب والرخصة يقتضي الجواز أما إنه رخصة فلقوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا أن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا فهذه الآية تدل بصريحة على كون الفصر؟؟ رخصة كما لا يخفى ويدل على كونه رخصة ما روى مسلم والنسائي والبيهقي عن يعلى بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب إنما قال الهل تعالى أن تقصروا من الصلاة إن خفتم فقد أمن الناس فقال عمر عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله (ص) فقال صدقه تصدق الله بها عليكم فأقبلوا صدقته وهذا صريح في أنه رخصة وأن صلاة السفر لم يفرض ركعتين وأما ما ذكر من فعل النبي (ص) في السفر وأبو بكر وعمر فإنه يدل على أنه أفضل ولا يدل على فرضية القصر وأما قول عايشة وابن عباس وعمر فهو قال الصحابي ويعارضه ما روى البخاري ومسلم والنسائي والترمذي عن حفص بن عاصم قال صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين ثم جاء رحله وجلس فرأى ناسا قياما فقال ما يصنع هؤلاء قلت يسبحون قال لو كنت مستبحا؟؟ لأتممت الصلاة وهذا يدل على أن القصر رخصة وأن الإتمام جايز وأنه لم يفرض الصلاة السفر مقصورة كما في قول الأصحاب وإذا تعارض قول الصحابي حصل الترجيح بدلالة النص والنص ههنا مرجح فيرجح القول يكون القصر غير واجب في السفر وهو المط انتهى وأقول أين النص مع ما سنتكلم عليه وأنى يتأتى دعوى الاجماع مع مخالفة أبي حنيفة والشيعة وغيرهم وبالجملة كل ما ذكره ههنا لإصلاح مذهب إمامه في القصر قاصرا ما استدلاله على عدم الوجوب بدلالة النص القرآني الذي ذكره على أن القصر رخصة فقصوره ظ لأن التعبير فيه عن الوجوب ينفي الجناح لتطيب الخواطر بالقصر و الاطمينان به ودفعا لتوهم التقصير في القصر وأيضا هذا الاستدلال لو تم إنما هو في صلاة الخوف لأنها هي الثابتة بهذه الآية وأما قصر صلاة السفر في حالة الأمن فإنما هو ثابت بالآية التي استدل بها المصنف أعني قوله تعالى ومن كان منكم مريضا أو على سفر الآية فإن في هذه الآية إضمارا ضروريا والتقدير فالواجب أو المكتوب عدة من أيام أخر وبقوله تعالى مقصرين لا تخافون وبالسنن التي ذكرها المصنف وبقوله ص أيضا ليس من البر الصيام في السفر والآية التي استدل بها إمام الناصب إن لم يدل على الوجوب فلا يدل على عدم الوجوب فلا يمنع الاستدلال على الوجوب بغيرها من الآيات والأحاديث وأما استدلاله بحديث مسلم وأخويه بما حاصله أن الصدقة لا يجب قبولها فهي لا يجب قبولها اه فمع عدم كونه مما اتفق عليه صحة المسلمون وعدم صلاحية للمعارضة مدفوع بأن الصدقة التي لا يتصور فيها تمليك وإنما هي محض إسقاط لا يحتمل الرد وإن كانت ممن لا يجب طاعته كولي القصاص إذا عفى فوجوب قبولها ممن يجب طاعته أولى على أن الأمر في قوله فاقبلوها دال على حقيقة وهي الوجوب وهذا القدر كفاية في هدم ما ذهب الشافعي إليه والقدح على ما استدل به عليه فكان الأولى أن نصرف صفحا عن التعرض للتعارض التي توهمه الناصب بين أقوال الصحابة في ذلك فإن تلك الأقوال مما لا يتوقف عليه الاستدلال وإنما ذكر للتأييد والاستظهار لكن لما حان الناصب في نقل الرواية التي توهمها معارضة فلنعرض لها ولبيان عدم صلاحيتها للتعارض فنقول للرواية التي ذكرها تتمة دالة على كون القصر عزيمة وهي قول ابن عمر صحبت رسول الله (ص) فكان لا يزيد في السفر على الركعتين وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك انتهى ووجه الدلالة أن مواظبة النبي (ص) وأصحابه الثلاثة على الركعتين في السفر صريح في العزيمة وعدم التخير كما لا يخفى و ح فالمراد بقول ابن عمر سابقا لو كنت مسبحا لأتممت الصلاة أنه لو جاز النقل في السفر بحكم الشارع بإتمام الصلاة السفر فأتممت الصلاة في الصوم على المسافر طاعة وقال الفقهاء الأربعة إن شاء صام وإن شاء أفطر وقد خالفوا في ذلك النص قال الله تعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»