منها مرسل والباقي في طريقه إسماعيل بن عياش أو عبد الرحمن بن زياد والأول ضعيف والثاني في غاية السقوط صرح بذلك كله ابن حزم في كتاب المحلى ثم قال وأما الحنفيون فإنهم تناقضوا وقاسوا على ما ذكر في الأخبار المذكورة جميع الأحداث التي لم يذكر فيها ثم لم يقيسوا الاحتلام على ذلك و هذا تناقض وما جاء قط أثر صحيح ولا سقيم في البناء من الأحداث في حاله كالبول والرجيع والريح والمذي وأما النص على إبطال ما صلى فهوان عبد الله بن الربيع كا قال ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود نا أحمد بن حنبل نا عبد الرزاق نا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ وروينا هذا من طرق فإذا صح أن الصلاة ممن أحدث لا يقبلها الله حتى يتوضأ وقد صح بلا خلاف وبالنص أن الصلاة لا تجزي إلا متصلة ولا يجوز أن يفرق بين أجزائها بما ليس صلاة فنحن نسئل من يرى البناء للمحدث فنقول أخبرونا عن المحدث الذي أمرتموه بالبناء من حدث فيخرج فيمشي فيأخذ الماء فيغسل حدثه أو يستنجي فيتوضأ فينصرف إلى أن يأخذ في عمل الصلاة هو عندكم في صلاة أم هو غير صلاة لا سبيل إلى قسم ثالث فإن قالوا هو في صلاة أكذبهم قول رسول الله (ص) أن الله لا يقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ ومن المحال الباطل أن يعتد له بصلاة قد أيقنا أن الله تعالى لم يقبلها فصح أن عمل صلاته الذي كان قبل قد انقطع وأما أجره فباق له بلا شك إلا أنه إلا في غير صلاة بلا شك إذ هو في حال لا يقبل الله معها صلاة وإن قالوا بل هو في غير صلاة قلنا صدقتم وإذا هو في غير صلاة فعليه أن يأتي بالصلاة متصلة لا يحول بين أجزائها وهو ذاكرنا صل بما ليس من الصلاة وبوقت ليس هو في صلاة وهذا برهان لا مخلص منه انتهى كلامه ويتضح منه ما ذكره المصنف من إلزام القوم بالجمع بين الحدث والصلاة وخروجهم عن المعقول أيضا فتأمل قال المصنف رفع الله درجته كو ذهبت الإمامية إلى أن من قدر على القيام وعجز عن الركوع يجب أن يقوم في صلاته ولا يسقط عنه لعجزه عن الركوع وقال أبو حنيفة هو مخير بين أن يصلي قائما أو قاعدا وقد خالف بذلك قوله تعالى وقوموا لله قانتين وخالف الاجماع الدال على وجوب القيام على القادر وكيف يسقط عنه فعل معجزه عن غيره انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن القادر على القيام في الصلاة ليس له أن يقعد وكذا في كل ركن من الأركان وأما ما ذهب إليه أبو حنيفة فلأنه يسمى عاجزا فإذا ظهر عجزه في الاتيان ببعض الأركان فهو مخير بين الاتيان ببعض آخر وبين الاقتصار بما هو قادر عليه كالقعود ولا مخالفة للنص لأن النص وارد في حق القادر مط انتهى وأقول إن أراد أن العاجز عن الركوع يسمى عاجزا على الإطلاق فبطلانه ظاهر وإن أراد أنه يسمى عاجزا عن الركوع وبالإضافة إليه فهذا لا يستلزم سقوط ما عدا الركوع من الأعمال عنه كما ذكره المصنف قال المصنف رفع الله درجته كز ذهبت الإمامية إلى استحباب سجدة الشكر وقال مالك مكروه وقال أبو حنيفة أنها ليست مشروعة وقد خالف في ذلك العقل والنقل أما العقل فلأن الاعتراف بنعمة الله تعالى وشكره علينا وأجب وأبلغ أنواع الشكر وضع الجبهة على الأرض تذللا لله تعالى واستكانة وتضرعا إليه وأما النقل فقوله تعالى واشكروا لي وقال تعالى لئن شكرتم لأزيدنكم وأعظم مراتب الشكر السجود وكان رسول الله (ص) إذا جاء شئ يسره خرسا جدا وقال عبد الرحمن بن عوف سجد رسول الله (ص) وأطال السجود قلنا له سجدت فأطلت السجود قال نعم أتاني جبرئيل (ع) فقال من صلى عليك مرة صلى الله تعالى عليه عشرا فخررت شكرا لله ولما أتي برأس أبي جهل سجد شكر الله وروي عن أبي داود في صحيحه عن أبي بكر قال أن النبي (ص) إذا جاء أمر سربه أو ليسربه خرسا جدا شاكرا لله وروى الحميدي في جمعه بين الصحيحين أن النبي (ص) قال ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط بها خطيئته وروي أن النبي (ص) زار فاطمة (ع) يوما فصنعت له عصيدة من تمر ثم قدمتها بين يديه فأكل هو وعلي وفاطمة والحسنان عليهم السلام فلما فرغ النبي (ص) من الأكل سجدوا وأطال ثم بكى في سجوده ثم ضحك ثم جلس فقال له أمير المؤمنين (ع) يا رسول الله لم سجدت وبكيت وضحكت فقال (ع) إني لما رأيتكم مجتمعين سررت بذلك فسجدت لله تعالى شكرا فهبط جبرئيل وأنا ساجد فقال إنك سررت باجتماع أهلك فقلت نعم فقال إني مخبرك بما يجري لهم أن فاطمة تظلم وتغصب حقها وهي أول من يلحقك وأمير المؤمنين يظلم ويؤخذ حقه ويضطهد ويقتل وولدك الحسن يقتل بعد أن يؤخذ حقه بالسم وولدك الحسين يظلم ويقتل ولا يدفنه إلا الغرباء فبكيت ثم قال من زار ولدك الحسين كتب له بكل خطوة مائة حسنة ورفع عنه مائة سيئة فضحكت فرحا بذلك والأخبار في ذلك متواترة وكذلك التعفير فيها مستحب عند الإمامية وخالف الفقهاء في ذلك وقد خالفوا فيه ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال قال أبو جهل هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم فقيل له نعم قال واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لا علين رقبته ولا عفرن وجهه بالتراب فرآه بفعل ذلك فأراد أبو جهل أن يفعل ما عزم عليه فحالت الملائكة بينه وبينه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن سجود الشكر سنة عند مفاجأة نعمة أو رؤية مبتلى بمعصية أو بلية ويستحب الاظهار إلا في الأخيرة ومن قال بعدم استحبابه فلعدم صحة الحديث عنده وأما ما ذكر من مخالفة العقل والنقل فليس بوارد أما العقل فلأنه يحكم على تقدير صحة حكمه على وجوب الشكر لا على وجوب السجدة وأما النقل فكذلك وأما استحباب التعفير والاستدلال بقول أبي جهل فمن استدلالاته الغريبة انتهى وأقول إن ما ذكره من أن من قال بعدم استحبابه فلعدم صحة الحديث عنده كلام صدر عنه على طريقه الاحتمال لا أصل له في الواقع لأن ما ذكرهما المصنف من الرواية عن أبي بكر وعن عبد الرحمن بن عوف مشهوران وقد استدل بهما صاحب الينابيع على مذهب الشافعي بقوله لنا رواية أبي بكر وعبد الرحمن بن عوف وروى ابن حزم في كتاب المحلى حديث أبي بكر وعدة أحاديث أخر وحكم بصحتها وهو من أصحاب الحديث لا طعن فيه عند القوم وأما ما ذكره بقوله أن العفل يحكم على تقدير صحة حكمه على وجوب الشكر لا على وجوب السجدة فمدخول بأنه إذا سلم صحة
(٣٧١)