إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٧٠
الطهارة جئنا إلى الصلاة وافق الشافعي الأصل الذي عليه بناء الصلاة من الدعاء إلى الخضوع والخشوع وقال المعنى المط من الصلاة الخضوع والخشوع واستكانة النفس ومحادثة القلب بالموعظة الحسنة والحكمة البالغة والفكر في معاني القرآن والابتهال إلى الله سبحانه وأبو حنيفة لا يلزم الأصل ويخالفه حتى طرح أركانا وشرايط حتى رجع حاصل الصلاة إلى نفرات كنفرات الديك وإذا عرض أقل صلاته على كل عامي جلف غبي كما ع امتنع عن اتباعه فإن من غنس؟؟ في مستنقع نبيذ ولبس جلد كلب مدبوغ وحرم بالصلاة مبدلا بصيغة التكبير ترجمة تركيا أو هنديا ويقتصر في قراءة القرآن على ترجمة قوله مدهامتان ثم يترك الركوع بنقر نقرتين لا قعود بينهما ولا يقرء التشهد ثم يحدث عمدا في آخر صلاته بدل التسليم ولو انفلت منه بأن سبقه الحديث يعيد الوضوء في أثناء صلاته ويحدث بعده فإن لم يكن قاصدا في حدثه الأول لم يتخلل عن صلاته على الصحة والذي ينبغي أن يقطع به كل ذي دين أن مثل هذه الصلاة لم يبعث الله به نبيا ولا بعث محمد بن عبد الله المصطفى (ص) لدعاء الناس إليه وهي قطب الإسلام وعماد الدين وقد زعم أن هذا القدر أقل الواجب و هي الصلاة التي بعث بها النبي (ص) وما عداها آداب وسنن ويحكى أن السلطان يمين الدولة وأمين الملة أبي القاسم محمود بن سبكتكين كان على مذهب أبي حنيفة وكان مولعا بعلم الحديث وكانوا يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه وهو يسمع وكان يستفسر الأحاديث فوجد الأحاديث أكثرها موافقا لمذهب الشافعي فوقع في ج لده حكمه فجمع الفقهاء من الفريقين في مسروق التمس منهم الكلام في ترجيح أحد المذهبين على الآخر فوقع الاتفاق على أن يصلوا بين يديه ركعتين على مذهب الشافعي وعلى مذهب أبي حنيفة لينظر فيه السلطان ويتفكر فيه ويختارنا هو أحسن فصلى القفال المروزي من أصحاب الشافعي بطهارة مسبغة وشرايط معتبرة من طهارة وستر واستقبال القبلة وأتى بالأركان والهيئات والسنن والآداب والفرايض على وجه الكمال والتمام وكان صلاة لا يجوز الشافعي دونها ثم صلى ركعتين على ما جوزه أبو حنيفة فلبس جلد كلب مدبوغ ولطخ ربعه بالنجاسة وتوضأ بنبيذ التمر وكان في صميم الصيف بالمفازة فاجتمع عليه الذباب والبعوض وكان وضوءه معكوسا منكسا ثم استقبل القبلة و أحرم بالصلاة من غير نية وأتى بالتكبير بالفارسية ثم قرء آية بالفارسية دوبرك منبر ثم نقر نقرتين كنقرات الديك من غير فصل ومن غير ركوع ثم تشهد وضرط من غير سلام وقال أيها السلطان هذه صلاة أبي حنيفة فقال السلطان لو لم تكن هذه له لقتلتك لأن مثل هذه الصلاة لا يجوزها ذو دين وأنكر الحنفية أن يكون هذه صلاة أبي حنيفة وأمر القفال بإحضار كتب الفريقين وأمر السلطان نصرانيا كاتبا يقرأ المذهبين جميعا فوجدت الصلاة على مذهب أبي حنيفة على ما حكاها لقفال فأعرض السلطان عن مذهب أبي حنيفة وتمسك بمذهب الشافعي ولو عرضت الصلاة التي جوزها أبو حنيفة على العامي لامتنع من قبولها انتهى كلامه وإنما أطنبنا بذكر هذه الحكاية المضحكة المستوقفة للمارة ليعلم أصحاب الناصب إن من كان بينه من الزجاجة لا يرحم الناس بالحجارة قال المصنف رفع الله درجته كد ذهبت الإمامية إلى أن تعمد الكلام مبطل للصلاة وإن كان لمصلحة كقوله لإمامه قد سهوت خلافا لمالك فإنه جوزه إذا كان يتعلق بمصلحة الصلاة وقد خالف في ذلك قول النبي (ص) صلاتنا هذه لا يصلح فيها كلام الآدميين انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن ترك الكلام من شروط الصلاة فيبطل مفهم كق وش لأن الكلام مع الآدميين مناف للصلاة وإن ما صح ما روي عن مالك فمحمول على أنه مبطل إذا لم يكن من مصالح الصلاة فما يكون من مصالح الصلاة مجوز للضرورة عنده انتهى وأقول إظهار التشكيك بقوله إن صح يدل على جهله أو تجاهله فإن ما ذكره المصنف من مذهب مالك ههنا مذكور في أكثر كتب الشافعية وغيرها ومنها الينابيع وشرحه فقد قال فيهما أن مذهب مالك على ما في العمدة والارشاد ولدى أحمد في رواية عنه في المستوعب لا تبطل الصلاة إن تكلم المصلي في الصلاة لمصلحة الصلاة كقوله لإمامه اقعد حين قام في موضع القعود أو بالعكس لما روي أن ذا اليدين وغيره تكلموا ولم يحكم بالبطلان وأجيب بأنه جاز أن يكون صدور ذلك على وجه النسيان أو الجهل بالمسألة والنسيان والجهل عذر هذا وأما قوله فمحول على أنه مبطل اه فمدخول بأن مثل هذا إنما يقال إذا حمل المعترض كلام غيره على معنى آخر لكن المصنف إنما فهم الحمل على هذا ثم اعترض عليه فلا يدفع إلا بإصلاح الحمل المذكور كما لا يخفى وأما قوله فما يكون من مصالح الصلاة مجوز للضرورة عنده فمردود بأنه ليس الكلام في الضرورية ضرورة أن الضرورات تبيح المحظورات عند الكل وإنما الكلام في مجرد المصالح والروابط ولا ضرورة شرعا في مثل قوله لإمامه اقعد حين قام في موضع القعود أو بالعكس إذ يصح صلاته شرعا إذا أتم من غير موافقة مع الإمام في الباقي ومن غير حاجة إلى التنبيه على خطائه فتأمل قال المصنف رفع الله درجته كه ذهبت الإمامية إلى أن من سبقه بول أو غايط أو ريح في صلاته بطلت وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي يبني على صلاته وقد خالفوا في ذلك المعقول حيث جمعوا بين الضدين وهما الحديث والصلاة ولو سبقه الحدث فخرج ليعيد الوضوء فقاء أو أحدث متعمدا قال الشافعي إنه يبني أيضا وهذا أغرب من الأول انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن من سبقه حدث في صلاته عامدا أو ساهيا بطلت صلاته هذا هو المذهب الجديد المفتى به وفي القديم يبني لما ورد في الحديث أنه (ص) صلى ركعتين من الظهر ثم قام فقال ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله (ص) فقال أصدق ذو اليدين فقالوا بلى فأتم الصلاة وبنى هذا دليل الأئمة في صحة البناء وأما ما ذكر أنهم خالفوا المعقول فهو مخالف للمعقول لأن الذي يبنى ما دام محدثا لا يق أنه مصل فلا جمع بين الحديث والصلاة انتهى وأقول الحديث الذي استدلوا به على ما في الينابيع هو أنه قال عليه السلام من قاء أو رعف أو أمذى فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته وهو مرسل كما في الينابيع أيضا وأما ما ذكره الناصب من الحديث فهو من اختراعاته فإنه قد أضاف على حديث ذي اليدين قوله فأتم الصلاة وبنى ويدل على كذبه واختراعه ما ذكره المصنف سابقا من حديث ذي اليدين في بحث عصمة النبي (ص) عن السهو رواية عن الجمع بين الصحيحين فتذكر وبالجملة لم يستدل أحد في ذلك بحديث ذي اليدين وإنما استدلوا بآثار ضعيفة واحد
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»