إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٦٩
من أن لك جهل فعل النبي (ص) في ذلك فإنما نشأ من جهله ونسيانه لمذهب إمامه الذي قد اعترف به قبيل ذلك من أن التشهد الأول سنة وليس المراد بالسنة إلا ما فعله النبي (ص) لا على وجه الوجوب وإذ قد ثبت بهذا فعل النبي لذلك فكيف يكون المصنف جاهلا به نعم النزاع في أنه فعل ذلك واجبا أولا وقد بينا الوجوب بحمد الله تعالى قال المصنف رفع الله درجته كب ذهبت الإمامية إلى وجوب التشهد الأخير والصلاة على النبي (ص) والجلوس فيه مطمئنا بقدره وقال مالك لا يجبان وقال أبو حنيفة يجب الجلوس دون التشهد وقد خالفا فعل النبي (ص) وقوله قال ابن مسعود أخذ رسول الله (ص) بيدي وعلمني التشهد وقال إذا قلت هذا فقد نصيت صلاتك انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن التشهد الأخير والصلاة على النبي (ص) والجلوس فيه واجب وأركان لما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد مع رسول الله (ص) السلام على الله قبل عباده السلام على جبرئيل وميكائيل السلام على فلان فقال النبي (ص) لا تقولوا السلام على الله وأن الله هو السلام ولكن قولوا التحيات لله اه رواه الدارقطني والبيهقي وقالا إسناده صحيح وقال العلماء الدلالة منه من وجهين أحدهما قوله قبل أن يفرض علينا دل على أنه فرض والثاني الأمر به ومذهب أبي حنيفة أن القعدة الأخيرة قدر التشهد فرض والتشهد عنده واجب لأنه لم يثبت بالدلايل القطعية لثبوته بخبر الآحاد وإن صح ما رواه عن مالك فلعدم صحة الحديث عنده فلا مخالفة للسنة انتهى وأقول يتوجه عليه أن مذهب أبي حنيفة هو الذي نسبه المصنف إلى مخالفة فعل النبي ووافقه في ذلك الرافعي الشافعي في العزيز بقوله القعود للتشهد الأخير والتشهد فيه واجبان خلافا لأبي حنيفة حيث قال القعود بقدر التشهد واجب ولا يجب قراءة التشهد فيه ولمالك حيث قال لا يجب لا هذا ولا ذاك انتهى ولعل الناصب نظر في شرح الوقاية أو غيره من كتب الحنفية فرأى المذكور فيه وجوب التشهد فزعم أنه مذهب أبي حنيفة ولم يعلم أن كل ما هو مذكور في كتب الحنفية لا يلزم أن يكون مذهب أبي حنيفة بل ربما يكون المذكور وما تقرر عليه فتواهم من أقوال أصحابه وأيضا افتراض القعود بقدر التشهد إنما هو لأجل التشهد ومن المستبعد شرعا وعقلا أن يكون ما لا يتم التشهد إلا فيه فرضا إذ لا يجوز أن يكون غير فرض ما لا يتم الفرض إلا فيه أو به انتهى فتأمل فيه وأما قول الناصب وإن صح ما رواه عن مالك اه فتشكيك بارد لأن صحته قطعية وقد قطع به شارح الينابيع حيث قال ومذهب مالك أن التشهد مندوب انتهى وأما قوله ههنا وكذا في كثير من الأحاديث الصحيحة عندهم الذي يستدل بها المصنف في المسايل الآتية إن هذا الحديث لم يثبت عند مالك أو أبي حنيفة أو لم يصح عنده فمجرد تمويه وتدليس لأنه إن لم يصح تلك الأحاديث مع حكم النقاد منهم بصحتها فيتوجه القدح على صحاحهم وإن صح فلا معنى للقول بعدم ثبوتها إذ يلزم قوصر؟؟ تتبع الفقيه الذي لم يطلع عليه أو قصور نظره إن حكم بضعف ما ثبت صحته عند آخرين عن آخرهم ولم يبين وجه ضعفه فاحفظ هذا فإنه الجواب عما سيأتي من هذا القبيل والله الهادي إلى سواء السبيل قال المصنف رفع الله درجته كج ذهبت الإمامية إلى أن الخروج من الصلاة يحصل إما بإكمال الصلاة على النبي (ص) أو التسليم لا غير وقال أبو حنيفة يخرج بالتسليم أو بالكلام أو بخروج الريح وما أقبح المذهب المؤدي إلى الخروج من الصلاة بالريح لكن مثل الصلاة التي شرعها يصلح للخروج منها بمثل ما قاله فإنه ذهب إلى جواز أن يصلي الإنسان في الدار المغصوبة على جلد كلب لابسا جلد كلب وبيده قطعة من لحم كلب لأنه يقبل الذكاة عنده ثم يتوضؤ بنبيذ التمر المغصوب فيغسل رجليه أولا ثم ينتهي إلى غسل الوجه عس؟؟ ما ورد به القرآن ثم يقوم وعليه نجاسته ثم يكبر بالفارسية ثم يقرأ بالفارسية مدهامتان لا غير ثم يطأطأ رأسه يسيرا جدا غير ذاكر ولا يطمئن ثم يهوى إلى السجود من غير رفع ثم يحفر يسيرا لينزل جبهته أو أنفه فيها من غير ذكر ولا طمأنينة ولا رفع منهما ثم ينهض إلى الثانية فيفعل مثل ذلك ثم يقعد من غير تشهد بقدره ثم يخرج ريحا فهل يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر قبول هذه الصلاة وكونها مأمورا بها انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن الخروج من الصلاة لا يصح إلا بالتسليم وأقله السلام عليكم أو سلام عليكم أو عليكم السلام للسنة المشهورة وهي ما روي في الصحاح أنه (ص) قال مفتاحها التكبير وتحليلها التسليم فكما أن التكبير ركن من الأركان فكذا التسليم للحديث ومذهبه أن إكمال الصلاة على النبي (ص) يجزي في الخروج من الصلاة فكأنه لا يجعل الخروج من الصلاة موقوفا بفعل متعمدا وقول يدل على الخروج لأن الصلاة على النبي (ص) من جملة التشهد فجعلها علامة للخروج أو فعلا دالا على الخروج باطل ومذهب أبي حنيفة أن فرض الصلاة الخروج بصنع يدل على الخروج لأن الخروج ليس من العبادات فبأي صنع وقع فلا بأس به ثم يصفه أرباب الخبث والفكاهة بإخراج الريح وهذا من الاستهزاء بعلماء الإسلام ويدخل في وعيد قوله (ص) من أهان عالما فقد أهانني ثم إن كل ما ذكره من صلاة الحنفية فقد ذكرنا وجهه ودليله والاستهزاء صفة الجهال انتهى وأقول ليس الموصف بالحدث إلا من محدثات أبي حنيفة نفسه كما ذكره شيخ الإسلام التفتازاني في هذا المقام من حاشية شرح الوقاية حيث قال قال أبو حنيفة الخروج عن الصلاة بفعل المصلي فرض وذلك بأن يبني على صلاته صلاة فرضا أو نفلا أو يضحك قهقهة أو يحدث عمدا أو يتكلم أو يذهب أو يسلم وقال ليس بفرض وعن بعضهم أن المعصية لا يكون فرضا فلا يكون صنع هذه الأشياء فرضا انتهى فلزم على قول الناصب أن يكون أبي حنيفة في ذلك من أرباب الخبث كما لا يخفى مثل أول من أظهر خبث فتوى أبي حنيفة في هذه المسألة الشافعية فقد قال الأنصاري الشافعي في شرح الينابيع قال أبو حنيفة إذا قعد في آخر الصلاة قدر التشهد ثم خرج منها بما ينافيها من سلام أو كلام أو حدث أو قيام أو فعل غير ذلك أجزءه انتهى وقد وقع في هذا عن أبي المعالي الجويني إمام الشافعية في رسالته العمولة؟؟ لبيان أحقية مذهب الشافعي ما تضحك منه الثكلى حيث قال بعد عد قبايح فتاوى أبي حنيفة في أبواب
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»