إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٦٥
أن الرازي قد أشار إشارة دقيقة بل جليلة في نقل هذه الحكاية إلى أن أبا حنيفة قد كان منافقا قاصدا بهذا الفتوى نقل الناس من دين محمد (ص) إلى دين المجوس لأنه قد ذكر في أوايل الفصل الأولى من القسم الثالث من رسالته المذكورة أن أبا حنيفة كان من أولاد مرزبان بعض ملوك الفرس ولا ريب أن ملوك الفرس كانوا مجوسيا بل الظاهر أنه اخترع هذه الحكاية من عند نفسه لأجل هذه الإشارة والتعريض فتأمل فيه التأمل العريض قال المصنف رفع الله درجته التاسعة ذهبت الإمامية إلى أن بسم الله الرحمن الرحيم آية من كل سورة وخالف في ذلك أبو حنيفة ومالك حتى أن مالكا كره قراءتها في الصلاة وقد خالفا في ذلك العلم الضروري الحاصل بالتواتر أنها آية وأيضا عد رسول الله إلى قوله تسعين خمس آيات انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن البسملة آية من كل سورة أو هي آية في صدر كل سورة والفرض أن كل بسملة فهي جزء من القرآن على تكرارها للأحاديث الدالة على ذلك وعند أبي حنيفة ومالك أنها مكتوبة للتيمن في صدر كل سورة والاختلاف في صحة الخبر وعدمه ودعوى التواتر في هذا الحديث باطل انتهى وأقول فيما ذكره غفلة عظيمة لظهور أن المصنف لم يدع تواتر ما ذكره من حديث العد وإنما ادعى تواتر كون البسملة آية من كل سورة إن قيل لو كان متواتر الكفر المخالف أجيب بأن قوة الشبهة في ذلك منعت من تكفير المخالف وتحقيق المرام مذكور في حواشينا على تفسير القاضي فليرجع إليه من أراد قال المصنف رفع الله درجته العاشرة ذهبت الإمامية إلى أن أمين يبطل الصلاة وخالف في ذلك الفقهاء الأربعة وخالفوا بذلك قول النبي (ص) المشهور بين الناس أن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الآدميين وقول أمين من كلامهم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه ليس أن يؤمن الإمام والمأموم والمنفرد في السربة والجهرية عقيب الفاتحة قصرا أو مدا بلا تشديد فإن شد عاما بطلت صلاته وأن يكون تأمينه مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده فإن فاته المعية عقب ولو ترك حتى اشتغل بغيره لم يعد ولو قال آمين رب العالمين كان حسنا هذا مذهب الشافعي ووافقه أبو حنيفة في استحباب التأمين بعد ولا الضالين إلا أنه قال يقول المصلي سرا كالمأموم والدليل على استحبابه السنة المشهورة وهي ما روى البخاري والمسلم والنسائي في صحاحهم عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) إذا أمن الإمام فآمنوا فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فهذا بصريحة يدل على استحبابه وأما ما ذكره أنه يبطل الصلاة لأنه من كلام الآدميين فنقول ماذا يريد من كلام الآدميين أن أريد أنه مخاطبة للآدمي فهذا باطل لأنه من مخاطبات الله تعالى والتضرع وطلب الإجابة من الله تعالى وإن أريد أنه ليس من القرآن فكثير من الأذكار والتسبيحات وارد في الصلاة وليس من القرآن وإن أريد أنه كلام مخترع للآدمي ولم يرد به خبر فقد ذكرنا السنة المشهورة من الصحاح المعتبرة المذكورة الواردة في فضيلة التأمين وأنه (ص) أمر به وذكر ثوابه وفضايله وأنه موجب للغفران فلا يكون من جملة مبطلات الصلاة كما زعمه انتهى وأقول قد أجاب المصنف قدس سره في كتاب المنتهي عن الاستدلال بحديث أبي هريرة بمنع صحة السند مستندا بما مر من أن أبا هريرة اتفق له مع عمر بن الخطاب واقعة شهد فيها عليه بأنه عدو الله وعدو المسلمين وحكم عليه بالخيانة وأوجب عليه عشرة ألف دينار ألزمه بها بعد ولاية البحرين وإذا كانت هذه حالته كيف يركن عليه ويوثق بروايته ونقل عن أبي حنيفة أنه لم يعمل برواية أبي هريرة انتهى وأقول قد ذكر تفصيل الواقعة ياقوت الحموي في معجم البلدان وغيره في غيره ونقل عدم عمل أبي حنيفة برواية أبي هريرة أبو المعالي الجويني الشافعي المسمى بإمام الحرمين في رسالته المعمولة لبيان أحقية مذهب الشافعي فليطالع فيها وأما ما ذكره الناصب من الترديد الثلاثي فمردود بأن المراد من كلام الآدميين ما ليس بقران ولا دعاء ولا تسبيح ولا ذكر لقوله (ص) أن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن وأمين ليس بشئ منها أما عدم كونه قرآنا فظاهر وأما عدم كونه دعاء فلأنه اسم للدعاء الذي هو استجب كما صرح به القاضي البيضاوي في تفسيره غيره في غيره والفرق بين الإسلام والمسمى ظ ولا يستلزم الإذن في أمر الإذن فيما غايره وأيضا التأمين يستدعي سبق الدعاء وهو لا يتحقق إلا مع القصد فعلى تقدير عدم القصد إليه يكون التأمين لغوا وأيضا لو كان النطق بها تأمينا لما جاز إلا لمن قصد الدعاء ولكن ذلك ليس شرطا بالإجماع أما عندنا فللمنع مطلقا وأما عندهم فللاستحباب مط وأيضا ذهب بعض الجمهور إلى أن آمين اسم من أسماء الله تعالى فكيف يتحقق الدعاء فيه قال المصنف رفع الله درجته يا ذهبت الإمامية إلى وجوب القراءة في الركعتين الأخيرتين أو التسبيح المأثور وهي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولم يوجب أبو حنيفة الفرات ولا التسبيح بل جوز السكوت فيهما وفي؟؟؟؟ هو مخالف الفعل النبي؟؟؟؟ الأخيرتين الحمد وحدها انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد سبق أن مذهب الشافعي وجوب قراءة الحمد في كل ركعة ودليله السنة المشهورة وهو ما روى البخاري ومسلم والنسائي في صحاحهم عن أبي قتادة أن النبي (ص) كان يقرء في الظهر في الأولين أم الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخيرتين أم الكتاب ويسمعنا الآية أحيانا الحديث وأيضا قوله (ص) لا صلاة لمن لم يقرء فاتحة الكتاب إما أن يراد قراءتها في الصلاة في ركعة من الركعات فهذا خلاف الاجماع لأنه لم يقل أحد بإجزاء قراءتها في ركعة فقط وأما أن يراد قراءتها في كك الركعات فهو المط وأما أن يختص قراءتها بالأوليين فهذا تخصيص بلا مخصص فتعين وجوب قراءتها في كل الركعات كما هو مذهب الشافعي فبطل مذهب من ذهب بالاكتفاء بالتسبيح فهذا من مخترعاته ولم يرد به خبر مع أنه ناقض قوله حيث يجوز التسبيح ثم ذكر في مخالفة أبي حنيفة لفعل النبي (ص) أن النبي كان يقرء في الأخيرتين بالحمد فيلزمه في جواز التسبيح مخالفة النبي (ص) ومذهب أبي حنيفة أنه يقرأ في الأخيرتين بالفاتحة فقط وهذا أفضل وإن سبح أو سكت جاز فهو يرى قراءة النبي في الأخيرتين من المندوبات فلا مخالفة لفعله انتهى وأقول أن المصنف قدس سره لم يتكلم ههنا على مذهب الشافعي بشئ فلا وجه للتطويل بذكر مذهبه والاحتجاج عليه وقد ارتكب ذلك في أكثر المسايل وأما ما ذكر من أن تخصيص قراءة الفاتحة بالأولين تخصيص بلا مخصص مفردود؟؟
بأن المصنف خص ذلك بروايات أهل البيت عليهم السلام لكن اكتفى بجعل مخالفة فعل النبي (ص) المعلوم من رواية أبي قتادة حجة على أبي حنيفة
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»