إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٦٣
مسلم والنسائي في صحيحهما عن عايشة أنها قالت كان رسول الله (ص) يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين الحديث ومذهب أبي حنيفة أن فرض الصلاة التحريمة وهي قوله الله أكبر وما يقوم مقامه وهو شرط عنده لقوله تعالى وذكر اسم ربه فصلى وعند الشافعي ركن ودليل على أن التحريمة ينعقد بغير لفظة التكبير مما يقوم مقامه قوله تعالى وذكر اسم ربه فصلى وهذا يدل على جواز ذكر اسم الله والشروع في الصلاة وليس هو مخصوصا بلفظ الله ألم بل يحصل بكل ما يقوم مقامه فهو مستدل بالنص وفعل النبي (ص) اختيار الفرد الأكمل وهو الأولى والمندوب ولا ينافي الجواز والإجزاء بغيره فلا يكون مخالفا لفعل النبي (ص) انتهى وأقول غرض المصنف من مخالفتهم فعل النبي (ص) مخالفة ما فعله في الصلاة البياني وقال صلوا كما رأيتموني أصلي وأيضا هذا مما واظب عليه النبي (ص) ومواظبته ص دليل الوجوب قال شارح الينابيع أنه على ما في السنن الصحاح واظب على التكبير فلو لم يكن واجبا لم يواظب عليه انتهى فافهم وأما ما ذكره من تجويز الشافعي الله الأكبر أو الجليل الأكبر اه فهو في مرتبة فتوى أبي حنيفة في الفساد لما فيه من العدول عن المنصوص بلا دليل وما استدل به من رواية مسلم والنسائي لا يدل على جوازه ما جوز الشافعي إذا المذكور فيها استفتاح الصلاة بالتكبيرة وإطلاق لفظ التكبير إنما ينصرف إلى قولنا الله أكبر دون غيره كما أن إطلاق لفظ التسمية ينصرف إلى قول بسم الله دون غيره وهذا يدل على أن غيره ليس مثلا له وأما ما استدل به بعضهم على جواز الله أكبر من أن الألف واللام لم يغيره عن معناه وإنما أفادت التعريف ففيه أن التغيير واضح لنقله عن التنكير إلى التعريف ولأن في التنكير إضمارا أو تقديرا كقولنا من كل شئ وعند التعريف يزول ذلك فتدبروا ما استدلال أبي حنيفة على ما ذهب إليه بقوله تعالى وذكر اسم ربه فصلى فكما ذكره ابن حزم في كتاب المحلى تخليط وهدم للإسلام وشريعة جديدة فاسدة إذ ليس في هذه الآية بيان عمل الصلاة وصفته والصلاة البياني وحديث تحريمها التكبير وما رواه البخاري في حديث طويل في آخره قوله ع إذا قمت إلى الصلاة فكبر دالة على عمل الصلاة الذي كان تجزى إلا به فلا يعترض بالآية عليه بل في الآية دليل أن ذلك الذكر لاسم الله تعالى في غير الصلاة لأنه تعالى قال فصلى بعطف الصلاة على ذكر اسم بكلمة الفاء المفيدة للتعقيب فصح أنه قبل الصلاة مثل قوله تعالى أقم الصلاة لذكري فهذا الذكر لاسمه تعالى هو القصد إليه تعالى بالنسبة في أدائها له عز وجل وبوجه آخر نقول أن قوله تعالى وذكر اسم ربه فصلى إخبار عن ذكر الله تعالى وهو غير مبين له فيقتصر عليه لا يقال قوله (ص) تحريمها التكبير يدل على أن التكبير ليس جزء من الصلاة لأنه أضاف التكبير إلى الصلاة والشئ لا يضاف إلى نفسه فلا ينافي قبلية الذكر عن الصلاة في قوله تعالى ذكر اسم ربه فصلى أن يكون المراد به تكبير الإحرام لأنا نقول الإضافة إنما يقتضي مطلق المغايرة ولا ريب في مغايرة الشئ لجزئه فلا يدل ذلك على مطلوب القايل بالشرطية كما لا يخفى وأما ما ذكره الناصب من أن فعل النبي (ص) اختيار الفرد اه مردود بأنه إن أراد أن غير ما اختاره فرد عقلي احتمالي فلا يجدي نفعا وإن أراد أنه فرد شرعي فغير مسلم وكيف علم شرعيته مع ما صح من مواظبته (ع) بالصيغة الواحدة المذكورة إلى أن فارق الدنيا هذا وقد استدلوا على ذلك أيضا بقياسه على الخطبة وهو قياس مع الفارق لأنه لم يرو عن النبي (ص) فيها لفظ بعينه في جميع خطبه ولا أمر به ولا منع من الكلام فيها والتلفظ بما شاء من الكلام المباح والصلاة بخلافه قال المصنف رفع الله درجته السادسة فذهبت الإمامية إلى أنه يجب التكبير بالعربية فإن لم يحس وجب عليه التعليم إلى أن يفيق الوقت ثم يكبر كما يحسن وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي كما ذكرنا أن التكبير يتعين على القادر والتعلم على العاجز المتمكن منه وتعين ترجمته على من لم يطاوعه اللسان لأن الهل تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فإذا لم يطاوعه اللسان فإما أن يترك ما يدل على تكبير الله وتعظيمه في صدر الصلاة فيكون تاركا للفريضة وعدم مطاوعة اللسان يمنعه بالعربية فتعين الترجمة دفعا للجرح ومذهب أبي حنيفة جواز الترجمة كما في الفاتحة لأن المراد ذكر ما يدل على عظمة الله وفعل النبي (ص) لاختيار الفرد الأكمل ولا يدل على عدم جواز غيره فلا مخالفة للسنة انتهى وأقول يتوجه عليه أولا إن ما ذكره في تقرير مذهب الشافعي من أنه إذا تعذر على المكلف تعلم العربية أو لم يطاوعه لسانه فيها يتعين الترجمة دفعا للحرج مدفوع بما ذكره في المسألة السابقة من أن الحرج لا ضابطة له ولو حمل الحرج على كل ما فيه مشقة فلا يجب شئ من العبادات لأن كلها لا يخ عن مشقة وثانيا أن ما ذكره لإصلاح مذهب أبي حنيفة من أن فعل النبي (ص) لاختيار الفرد الأكمل اه يتوجه عليه مع ما ذكرنا في المسألة المتصلة به سابقا أنه لو تم هذا لامتنع الاستدلال بفعل النبي (ص) في شئ من أفعاله وهو ظ البطلان وفقه المقام أن رسول الله (ص) إذا أمر في الدين بأمر ونص فيها بلفظ ما لم يجر تعدى ذلك إلى غيره سواء كان في معناه أو لم يكن ما دام قادرا على ذلك اللفظ إلا بنص آخر يبين أن له ذلك لأنه ع قد حد في ذلك حدا فلا يحل تعديه قال الله تعالى ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وقال تعالى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وقال تعالى ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه وقد روى ابن حزم في كتاب البيع من المحلى أنه قد علم النبي (ص) البراء بن عازب دعاء يقول فيه آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت فذهب البراء يستذكره فقال وبرسولك الذي أرسلت فقال له (ع) ونبيك الذي أرسلت فلم يدعه أن يبدل لفظا أمر به رسول الله (ص) ولو جاز غير هذا لجاز الأذان بأن يقول العزيز الأجل ليس لنا رب إلا الرحمن وأبت؟؟ أن ابن عبد الله بن عبد الله بن عبد المطلب أو ختن أبي بكر وعمر مبعوث من الرحمن هلموا نحو الظهر هلموا نحو البقاء العزيز أجل ليس لنا رب إلا الرحيم وأبت أن ابن عبد الله بن عبد المطلب ومن أذن هكذا فحقه أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل لأنه مستهزئ بآياته عز وجل متعد لحدوده ولا فرق بين ما ذكرناه وبين ما أمر به (ع) في ألفاظ الصلاة والأذان والإقامة والتلبية والنكاح والطلاق وساير الشريعة وعلى المفرق الدليل وإلا فهو مبطل وأما من أجاز مخالفة الألفاظ المحدودة من رسول الله في الأذان والإقامة وأجاز تنكيسها وقراءة القرآن في الصلاة بالأعجمية وهو فيصح بالقرآن فما عليه أن يقول بتنكيس الصلاة فيبدأها بالتسليم ثم بالقعود والتشهد ثم بالسجود ثم بالركوع ثم بالقيام ثم بالتكبير ويقرء في الجلوس ويتشهد في القيام وأن يصوم الليل في رمضان
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»