للكتاب وأما ما ذكر أن الشافعي خالف القرآن فما أجهل هذا الجاهل بالناسخ والمنسوخ والآية نزلت قبل تحول القبلة إلى الكعبة ولو كانت الآية محكمة لزم عدم وجوب توجه القبلة وأما ما ذكر أنه خالف المعقول لأن جهة السير غير مقصودة فقد ذكرنا أن السنة المشهورة وردت في وجهة السير لا أن العقل حاكم بهذا حتى يحكم بأن غيره أولى انتهى وأقول أولا أن الأحاديث التي ذكرها بعد تسليم صحتها لنا لا علينا لأن الزيادة التي أثبتها الحديثان الأولان هي الصلاة حيث وجهه ركابه لا جهة المسير ولا استلزام بين جهة المسير وبين الجهة التي وجهه إليها ركابه إذ ربما يعدل الراحلة عن جهة المسير أو الراكب لضرورة فعلم أن الجواز لا ينحصر في تلك الجهة وأما الحديث الثالث فلا دلالة على أنه ص صلى إلى جهة المسير لجواز أن يكون الراحلة سايرة نحو الشمال أو المشرق أو المغرب مثلا وهو ص قد انحرف عن سمت ظهرها الذي كان جهة السير إلى جهة الشرق بل هذا الحديث يعم السفر والحضر والتطوع والفرض خرج عنه في الفرض غير حال الضرورة بالإجماع فيبقى حال الضرورة داخلا لقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر إلى غير ذلك من الآيات التي سيذكرها المصنف في المسألة الآتية وثانيا إن قضية ما زعمه من جهل المصنف وعلم الشافعي في المسألة منعكسة لأن المحققين الذين ضبطوا الناسخ والمنسوخ كالشيخ جلال الدين السيوطي الشافعي في كتاب الاتقان وغيره في غيره لم يعدوا هذه الآية ناسخة ولا منسوخة مع أن الأصل عدم النسخ ولا حاجة إليه أيضا لما روى المصنف عن الصادق (ع) من أنها نزلت في النوافل خاصة وقد روى هذا في تفاسير أهل السنة عن ابن عمر أيضا قال الفاضل النيشابوري في تفسيره وعن ابن عمر أنها نزلت في المسافر يصلي النوافل حيث توجهت به راحلته فكان (ص) إذا رجع من مكة صلى على راحلته تطوعا يومي برأسه نحو المدينة فمعنى الآية أينما تولوا فثم وجوهكم لنوافلكم في أسفاركم فثم وجه الله أي فقد صادفتم رضاه انتهى فظهر أن الآية محكمة غير منسوخة على رغم أنف الناصب الكذوب الخاين واتضح أن تخصيص أئمته بجهة السير غير مستند إلى عقل ولا نقل كما ذكره المصنف بل هو مستند إلى استحسان قبيح فإنه والقياس رأس ما لهم في الفقاهة كما لا يخفى قال المصنف رفع الله درجته الرابعة ذهبت الإمامية إلى أنه يجوز الفريضة على الراحلة مع الضرورة وخالف في ذلك الفقهاء وقد خالفوا في ذلك كتاب الله تعالى حيث يقول ما جعل عليكم في الدين من خرج وقال الله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقال لا يكف الله نفسا إلا وسعها لا يكف الله نفسا إلا ما أتاها وخالفوا بذلك العقل حيث دل على أن التكليف بما لا يطاق محال وترك الصلاة مع القدرة عليها محال وخالفوا فعل رسول الله (ص) فإنه صلى الفريضة على الراحلة يوم المطر انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لا يصح فريضة مؤداة ومقضية ومنذورة وصلاة جنازة على الدابة السايرة ولا من الماشي الساير إلا عند الضرورة ولو خاف على نفسه أو ماله أو انقطاعه من الرفقة فله أداء الفريضة راكبا وماشيا ووجبت الإعادة أما عدم الصلاة المفروضة على الدابة لأن الأصل فيه عدم الصحة لعدم جواز حركة المصلي بغير ما يتعلق بالصلاة من الحركات وهذا ظاهر فالصلاة على الدابة السايرة وارد بخلاف الأصل فيكفي فيه عل محل ورود الزيادة من السنة كما ثبت في الأصول وقد ورد في النوافل دون الفريضة بل في الحديث له مثنى الفريضة ثما ما ذكر من مخالفة النص فمن جهله بمعنى القرآن ولو حمل الحرج على كل ما فيه كلفة فلا يجب شئ من العبادات لأن كلها لا يخ عن كلفة ومشقة ثم استثناء حال الضرورة يبطل استدلاله بظواهر الآيات وأما ما ذكر من صلاة رسول الله (ص) الفريضة على الراحلة يوم المطر فنطالبه بتصحيح الرواية فكأنه مكتوب في كنز حماقته وأين صح وأين له الحديث الصحيح وأين الاعتداد بروايته انتهى وأقول يتوجه عليه أن ما ذكره من أن الأصل عدم صحة الصلاة المفروضة على الراحلة خطاءه ظاهر بل الأصل عدم التكليف بالزايد وبما فيه مشقة زايدة سيما مع قوله (ص) بعثت بالملة السهلة السمحة وأما ما ذكره من أنه لو حمل الحرج في الآية على كل ما فيه كلفة فلا يجب شئ من العبادات اه فمردود بأن الزياد على الكلفة والمشقة الحاصلة في العبادات المعينة مما يهتدى إليه العقول السليمة ولهذا لم يعين الله ولا نبيه مقدار ذلك في الكتاب والسنة وعم الاستدلال بها ونحوها في مظانه ساير علماء الأمة حتى هذا الناصب الجاهل المعاند حيث فيما سيأتي من مسألة وجوب التكبير بالعربية أنه إذا لم يطاوعه اللسان تعين الترجمة دفعا للحرج فاعتراضه في ذلك راجع إلى الله تعالى ثم إلى نبيه (ص) ثم إليه وإلى أصحابه المستدلين بأمثال هذه الآيات في مواضع لا يحصى فما هو جوابه فهو جوابنا وأما ما ذكره من أن ما قاله المصنف من صلاة رسول الله الفريضة على الراحلة يوم المطر مطالب بتصحيحها وأنه كأنه مكتوب في كنز حماقته فمجاب بأن كنز حماقة المصنف هو كتب أهل السنة المملوة بزيوف الروايات فإن المصنف قدس سره يأخذ منها ويعامل بها مع هؤلاء الحمقى الذين ظنوا رواجها ولا يبعد أن يورث التصرف فيها ولو بمجرد إمرار النظر إليها حماقة في ذلك الوقت لكن المعا؟؟؟ طر إلى ذلك مما شاة مع الخصم الأحمق فإنه لا يقبل إلا ما يخرج من ذلك الكنز والحاصل أن ما ذكر المصنف واستبعده الناصب مذكور فتوى ورواية في كتاب الينابيع وشرحه للأنصاري الشافعي حيث قال مؤلف هذا الكتاب وجاز له أن تأذى بالمطر أو الوحل وقال الشارخ أي وجاز عند أحمد فعل المكتوبة على الدابة السايرة أن تأذى المصلي أن نزل عن الدابة بالمطر أو بالوحل قاله في كافي ابن قدامة والهداية لأن أنس بن مالك رض صلى المكتوبة في يوم مطر على دابته وروى يعلى بن أمية عن النبي (ص) أنه انتهى إلى مضيق ومعه أصحابه والسماء فوقهم والبلة من أسفل منهم فصلى هو وأصحابه على ظهور دوابهم يؤمون يجعلون السجود أخفض من الركوع ورواه الأثرم والترمذي فإن كان البلل يسير إلا أذى فيه لزمه السجود انتهى قال المصنف رفع الله درجته الخامسة ذهبت الإمامية إلى أنه يجب تكبيرة الافتتاح بصيغة الله أكبر وقال أبو حنيفة ينعقد بكل اسم من أسماء الله تعالى على وجه التعظيم مثل الله العظيم والله الجليل وشبهه وقد خالف في ذلك فعل النبي (ص) فإنه كبر كذلك وقال صلوا كما رأيتموني أصلي وخالف قوله المشهور تحريمها التكبير انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن التكبير في التحريم من أركان الصلاة ويتعين على القادر والتعلم على العاجز المتمكن منه وصيغة عنده الله أكبر ولو قال الله أكبر أو الجليل الأكبر أو الله عز وجل أكبر لم يقدح والدليل عليه ما روى
(٣٦٢)