إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٥٧
فقد نقل القهستاني في شرح مختصر الوعاية أنهم تحزبوا أحزابا فقيل خمسة عشر وقيل اثني عشر في اثني عشر وقيل ثمان في ثمان وشله؟؟ عن محمد كذا في شرح الطحاوي ومثله عن أبي يوسف وقيل سبعا في سبع كما في الزاهدي ومثله عن محمد كما في النظم انتهى ثم اختلفوا في الذراع بما يطول ذكره فمن أين جاء الترجيح للقول بالعشر في العشر مع ما فيه من الاخلال والاختلال حتى جعلوه مذهبا مقررا فيما بينهم كما ذكره الناصب ثم ما ذكر الناصب آخرا بقوله ثم ما ذكره من عدم تعيين الحركة فله أن يعينها بالمعتاد في الوضوء وأخذ الماء مدخول بأن تكلفه لهذا التعيين لإصلاح فتوى أبي حنيفة بعد وفاته بسعمائة؟؟!! سنة من قبيل ما قيل في النظم الفارسي ع نوش دارو كه بس از مرك سهراب دهند فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا قال المصنف رفع الله درجته كد ذهبت الإمامية إلى امتناع التحري في الإنائين إذا كان أحدهما نجسا واشتبه بصاحبه بل أوجبوا اجتنابهما معا وكذا في الثوبين إذا كان أحدهما نجسا بل يصلى في كل واحد منهما على الانفراد سواء كان عدد الطاهر من الأواني أكثر أولا وقال أبو حنيفة يجوز التحري والثوبين مط وفي الأواني إذا كان عدد الطاهر أكثر وجوز الشافعي التحري في الأواني مط وفي الثياب وخالفا المعقول في ذلك لأن العقل قاض بامتناع ترجيح أحد المتساويين بغير مرجح والضرورة شاهدة بذلك وعلى هذه القاعدة يبتنى أكثر القواعد الإسلامية والتحري ترجيح أحد المتساويين من غير مرجح فيكون باطلا ومن العجب أن الشافعية أطبقوا إلا من شذ على التخيير بين استعمال الطاهر بيقين لو كان معه وبين التحري في الإنائين والمشتبهين ولم يوجبوا استعمال المتيقن الطاهر وأن الشافعي جوز التحري بين الإناء الطاهر والمضاف ولم يوجب استعمال كل واحد منهما انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه إذا اشتبه ماء طاهر بماء نجس أو ثوب طاهر بثوب نجس لم يجز أخذ المشتبهين واستعماله إلا بالاجتهد ويشترط في الاجتهاد أن يكون الأصل فيه على الإباحة كالأواني والثياب وأيضا أن يظهر علامة يغلب على الظن طهارته أو نجاسته مثلا كنقصان الماء أو حركته لو ابتلال طرف الإناء أو قرب أثر قدم الكلب فإن لم يظهر أراقهما أو أحدهما في الآخر وتيمم وها مذهب الشافعي وما ذكر أنه يلزمه مخالفة المعقول فغير معقول لأن ترجيح أحد الطرفين أو الثوبين بالاجتهاد والعلم الحاصل بعد ظهور العلامات الحاصلة من الاجتهاد هو المرجح وأما تعريف التحري بأنه ترجيح أحد المتساويين بلا مرجح فما ينبغي أن يضحك عليه فإن ا لتحري هو الاجتهاد والاجتهاد بذل المجهود لنيل المقصود والمجتهد ما لم يترجح عنده الحكم لم يعمل به فكيف يكون التحري ترجيحا بلا مرجح وأما ما ذكر من إطباق الشافعية على التخيير بين استعمال الطاهر بيقين وبين التحري في الإنائين المشتبهين فإنه من باب مساغ الاجتهاد فإذا جوزنا الاجتهاد و حكمنا بوجوب العمل بعد الاجتهاد بما غلب على الظن ترجيحه فما الفرق بينه وبين الطاهر بيقين في وجوب العمل بأيهما شاء وأما ما ذكر أن الشافعي جوز التحري بين الإناء الطاهر والمضاف ولم يوجب استعمال كل واحد منهما فماذا يريد بالمضاف أن أراد به ما كان الماء فيه مضافا إلى شئ فقد ذكرنا أن مذهبه في مثل ماء الورد والتوضئ كل واحد مرة انتهى وأقول إنما حكم المصنف بامتناع التحري في الإنائين الذين كان أحدهما نجسا إذا اشتبه أحدهما بالآخر ونسب إلى الشافعي أنه قال يجوز التحري فيهما وما ذكر الناصب في توجيه ذلك التجويز من فرض العلم بطهارة أحدهما على التعيين بعلامة يغلب على الظن طهارته أو نجاسته يستلزم الجمع بين النقيضين والخروج عن باب الاشتباه كما لا يشتبه على المتأمل وبهذا ظهران مراد المصنف بامتناع التحري الامتناع العقلي اللازم من الجمع بين النقيضين ولهذا لم يقل بدل الامتناع الحرمة وأقام القرينة على ذلك بقوله وخالفا المعقول اه وبقوله والضرورة مشاهدة بذلك والظاهر أنهم إنما ارتكبوا هذا التناقض في تحرير المسألة بعد ملاحظة تشنيع الإمامية عليهم وإرادة الخلاص عنه لكنه من قبيل الفرار من المطر إلى الميزاب كما لا يخفى يرشدك إلى ما ذكرنا قباحة بعض الوجوه التي ذكرها النووي في أول باب الاجتهاد من كتاب الروضة حيث قال إذا اشتبه طاهر ونجس فثلثة الوجه الصحيح أنه لا يجوز استعمال أحدهما بالاجتهاد وظهور علامة يغلب على الظن طهارته أو نجاسته المتروك والثاني يكفي ظن ا لطهارة بلا علامة والثالث يستعمل أحدهما بلا اجتهاد ولا ظن وسواء علم نجاسته أحدهما بمشاهدتها أو ظنها بأخبار من تقبل روايته من حرا وعبد أو امرأة وفي الصبي المميز وجهان انتهى والوجه الأصح لهم هو ما اشتمل على التناقض كما عرفت والوجهين الآخرين لا يخفى ما فيهما أيضا من القباحة وأما ما ذكر من أن تعريف التحري بأنه ترجيح أحد المتساويين بلا مرجح اه فمردود بأن المصنف لم يرد تعريف التحري الحقيقي بذلك بل أراد أن المتحري اللازم مما جوزه الشافعي وأبو حنيفة في الصورة وجماعة المذكورة يكون بهذا المعنى ولو كان مراده أن هذا معنى التحري حقيقة لما قيد امتناعه سابقا بما إذا كان أحد الإنائين نجسا واشتبه بصاحبه بل كان يحكم بامتناعه مطلقا ضرورة أن الترجيح بلا مرجح لا يتقيد بطلانه بحال دونه حال فليضحك قليلا وليبك كثيرا وأما ما ذكره في رفع تعجب المصنف من عدم الفرق بين الطاهر بيقين وغيره في وجوب العمل بأيهما شاء فغير مسلم وهل هذا إلا كإيجاب التيمم عند وجود الماء ولو سلم استويهما في وجوب العلم فمراد المصنف الفرق بين الصورتين في كون إحديهما يقينية قطعية والأخرى اجتهادية ظنية وعدم الفرق بينهما بحسب وجوب العمل لا ينفي الفرق بينهما بحسب اليقينية والقطعية وأما ما ذكره من الترديد فمردود بعدم ذكره الشق الآخر كما ترى قال المصنف رفع الله درجته كه ذهبت الإمامية إلى أنه إذا أصاب الأرض بول وجف بالشمس طهرت وجاز التيمم منها والصلاة عليها وقال أبو حنيفة أنها تطهر ويجوز الصلاة عليها لا التيمم منها وقد خالف في ذلك القرآن الكريم وهو قوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا والصعيد التراب والطيب الطاهر وقد وافق على الطهارة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن الشمس غير مطهر لقوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء طهورا فالطهر والماء لأن الامتنان بالطهورية يفيد اختصاص الطهورية به كما ذكر في الأصول فالشمس لا يكون طهورا فكيف يطهر الأرض والعجب من هذا الرجل أنه استدل على أبي حنيفة في طهورية النبيذ بالآية ثم يبطل
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»