إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٥٦
إذا كان فيهما التراب بحيث لو ضرب يده علهما ارتفع الغبار وتحقق نقل التراب جاز التيمم وإلا فلا فالوحل إذا لم يرتفع منه الغبار لا يصح التيمم به لأنه تعالى قال فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه فلا بد أن يكون من الأرض وهذا لا يتحقق إلا في الصعيد الذي ارتفع منه الغبار فصاحب الوحل وضار اليد بالثوب الذي لا يرتفع منه غبار لا يصح في حقه أنه واجد للصعيد الذي أمر الله بالتيمم به والمسح منه كما يقال مسحت من الدهن فلا بد أن يكون شئ من الممسوح منه منقولا إلى الماسح فأين مخالفة النص انتهى أقول إن فرض المسألة كما قرده المصنف إمكان وضع الوحل على اليد وفركه ليصير يابسا ولا ريب في أن في هذه الصورة نقل شئ من الممسوح إلى الماسح فالعدول عن ذلك يستلزم مخالفة النص كما قاله المصنف قدس سره ويبقى ما تكلفه الناصب من التطويل لغوا لا طايل تحته قال المصنف رفع الله درجته كب ذهبت الإمامية إلى أن الكلب نجس العين والسؤر واللعاب منه وقال مالك الجميع طاهر وخالف في ذلك السنة المتواترة حتى أنه ع امتنع من دخول بيت فيه كلب انتهى قال الناصب خفضه الله أقول روى البخاري في صحيحه أن الكلاب في زمن رسول الله ص كانت تقبل في المسجد وتدبر فاستدل مالك على طهارة الكلب جهذا؟؟ لأنه لو كان نجسا لكان تمنع من دخول المسجد فلا يخالف قول السنة المتواتر انتهى أقول يتوجه عليه أولا أن رواية البخاري بعد تسليم صحتها لا يدل على طهارة الكلب وإنما يدل وإنما يدل عليها لو ثبت إقبال الكلاب وإدبارها رطبة في المسجد أو في المسجد رطبا لطهور أن نجس العين إذا كان يابسا لا يسري نجاسته إلى غيره إلا إذا كان العين أو الغير رطبا ولا إشعار في الحديث إلى شئ من ذلك كما لا يخفى وثانيا أنه لما سلم أن السنة التي دلت على نجاسته الكلب متواترة فاستدلال مالك على خلاف مقتضى تلك السنة المتواترة بسنة أخرى غير متواترة لا يدفع سوء مخالفته للسنة المتواترة بل الذي يدفع ذلك منع كون تلك السنة متواترة والظاهر أنه لم يكن للناصب مجال منعه فتأمل قال المصنف رفع الله درجته كج ذهبت الإمامية إلى أن الماء الكثير لا ينجس إلا بالتغيير وعنوا بالكثير ما بلغ كرا وهو ألف وما؟؟ رطل بالعراقي وقال أبو حنيفة حدا لكثير ما لا يتحرك أحد طرفيه بحركة الطرف الآخر وقد خالف في ذلك مقتضى الشرع وهو كون الأحكام منوطة بأمور مضبوطة معروفة متعاهدة والحركة قابلة للشدة والضعف فلا يجوز إسناد الأحكام في الطهارة والنجاسة إليها لعدم انضباطها ويلزم منه تكليف ما لا يطاق إذ معرفة ما ينجس مما لم ينجس غير ممكن بالنظر إلى الحركة المختلفة ويلزم على ذلك أن يكون الماء الواحد يتنجس ولا يقبل التنجيس باختلاف وصفه وهو معلوم البطلان انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول حد الكثير عند الشافعي أن يبلغ الماء قلتين وهما خمسمائة رطل تقريبا بالعراقي وعند أبي حنيفة حد الكثير إذا كان عشرة أزرع في عشرة أذرع ولا ينجس أرضه بالغرف فحكم هذا حكم الماء الجاري هذا هو المذهب وهذا منضبط معلوم لا شك فيه وأما ما ذكر من تحرك أحد طرفيه بحركة الآخر فهو ليس من مذهبه لكن ذكره بعض أصحابه حيث اعترض عليه بأن التقدير بعشر في عشر لا يرجع إلى أصل شرعي يعتمد عليه فقال أصل المسألة أن الغدير العظيم الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر إذا وقعت النجاسة في أحد جوانبه جاز الوضوء في الجانب الآخر ثم قدر هذا بعشر في عشر وإنما قدر به بناء على قوله ع من جفر بئرا فله حولها أربعون ذراعا فيكون له حريمها من كل جانب عشرة فهذا أصل العشرة م ما ذكر من عدم تعين الحركة فله أن يعينها بالمعتاد في الوضوء وأخذ الماء انتهى وأقول يتوجه عليه أولا أن قوله أصل المسألة أن الغدير اه يدل دلالة ظاهرة على أن هذا أصل ما أفتى به أبو حنيفة في هذه المسألة لا التقدير بعشر في عشر ويؤيده قوله ثم قدر بعشر في عشر اه فإنه مشعر بأن التقدير بهذا قد حدث بعد مدة عن بعض المجتهدين في مذهب أبي حنيفة وقد صرح بذلك صاحب النهاية في شرح الهداية حيث قال أن التقدير بعشر في عشر وثمان في ثمان واثني عشر في اثني عشر وترجيح الأول أخذا من حريم البئر غير منقول عن الأئمة الثلاثة انتهى وقد صرح في موضع آخر من هذا المقام بأن التقدير بعشر في عشر مما اعتبره سليمان الجوزجاني وإن كنت في ريب من ذلك فعليك بالنهاية و الكفاية والعناية من شروح الهداية وثانيا أن ما ذكره في تصحيح تقديرهم بعشر في عشر من بنائهم ذلك وبقوله ص من حفر بئرا فله حولها أربعون ذراعا اه مهدوم لا أساس له أما ولا فلان الحديث المذكور لو صح إنما أريد منه التوسعة في مكان اجتماع المجتمعين حول البئر لأخذ الماء منها لا ما فهمه الحنفية على ما صرح به شارح الوقاية من أنه إذا أراد آخر أن يحفر في حريمها بئرا يمنع منه لأنه ينجذب الماء إليها في البئر الأولى وإن أراد أن يحفر بالوعة يمنع أيضا لسراية النجاسة إلى البئر الأولى وينجس مائها ولا يمنع فيما وراء الحريم وهو عشر في عشر انتهى ويؤيد إرادة ما ذكرناه ما ذكره صاحب الصحاح في معنى الحريم حيث قال حريم البئر وغيرها ما حولها من مرافقها وحقوقها انتهى وحينئذ لا يتم استدلالهم بالحديث كما لا يخفى وأيضا إنما ينقص الماء في البئر الأولى إذا حفر الثانية على شمال الأولى بناء على ما تقرر في الحكمة ودل عليه الأحاديث أيضا من أن مجاري العيون من جهة الشمال وإلا فلا وأيضا إنما يعقل منع حفر بئر البالوعة إذا كان قراره أعلى من بئر الماء أو مساويا له إما إذا كان بئر الماء أعلى قرارا فلا يتحقق السراية فلا يتوجه المنع وهكذا قال في الشار حابية؟؟ وغيرها من كتب الحنفية أنه إذا كان بين البئر والبالوعة ذراع واحدة ولا يوجد أثر البالوعة في البئر فما وراءه طاهر وأما ثانيا فلأنه مدفوع بما ذكره شارح الوقاية فيما بعد من أن الأصح هو أن الحريم أربعون ذراعا من كل جانب وأما ثالثا فلأن قوام الأرض أضعاف قوام الماء فقياسه عليها في مقدار عدم السراية غير مستقيم كما لا يخفى وأما رابعا فلأنه لو سلم ما فهمه من قوله ع فإنما يدل على طهارة ما زاد على العشرة لأن مفاده أن العشرة حريم البئر فيمنع الغير عن التصرف فيه وهذا يقتضي أن يكون الداخل في العشرة قابلا للتنجيس إلا أن يق أن الحنفية توسعوا في ذلك وفيه ما فيه وأما خامسا فلأنا نعلم بالضرورة العقلية وشهادة جمع كثير من الحنفية أن مناط الحكم بالتطهير وعدمه هو مبلغ الماء وأنه لا يختلف حكمه باختلاف الزمان والمكان فلا مدخل لخصوصية شكل العشر في العشر ولا لغيره من المثلث والمخمس والمسدس في الحكم بطهورية الماء وعدمه على أن التقدير بعشر في عشر ليس بمتفق عليه بينهم أيضا و إنما هو مما أحدثه أبو سليمان الجوزجاني كما مر وتبعه فيه بعض متأخري الحنفية كما ذكره صاحب الكفاية وأما غيرهم من المتقدمين والمتأخرين
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»