إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٤٦
انتهى وهل هذا الذي ذكره الناصب إلا مثل أن يقال أن الذراع عبادة عن ست قبضا والذراعين عبادة عن ضعفه فإذا تحقق الذراعان الذي هو ضعف الذراع تحقق الذراع بلا شبهة ومن أنكر هذا أنكر اشتمال الكل على الجزء فجوز التسوية بين الذراع والذراعين وهو سفسطة ظاهرة قال المصنف رفع الله درجته السابعة ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجوز المسح على العمامة وقال الثوري والأوزاعي وأحمد وإسحق أنه يجوز وخالفوا في ذلك نص القرآن حيث قال وامسحوا برؤوسكم أوجب الصاق المسح بالرأس انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي وجوب المسح بالرأس بما يسمى مسحا والمندوب عنده مسح جميع الرأس للخروج عن الخلاف والمستحب عنده أنه إذا عسر المسح بكل الرأس الاستكمال بمسح العمامة لما روى البخاري ومسلم والنسائي في صحاحهم عن المغيرة بن شعبة أن النبي (ص) توضأ ومسح بناصيته وعلى عمامته وخفيه وحمل الشافعي المسح بالناصية على مسح جزء من الرأس والاستكمال بالعمامة وذهب من جوزه إلى أنه كالمسح على الخف لظاهر الحديث حيث جمع بينهما في حكم واحد وأما ما ذهب أنه يخالف النص فهو باطل لأنه في حكم المسح بالخلف وقد أوجب الكتاب الغسل وجوز السنة المسح فلا مخالفة لوجود السنة الدالة على جواز المسح عند وجود الخف وسنذكر أن الباقي قوله فامسحوا برؤوسكم بأي معنى انتهى وأقول أن ما مهده من تقرير مذهب الشافعي لا نفع له في إصلاح كلام الثوري وشركائه كما لا يخفى وأما ما رواه عن الصحاح عن المغيرة فقد مر منا الكلام على أحاديث الصحاح ومؤلفيها سيما هذا الحديث المنتهي إلى مغيرة فإنه مع ظهور القدح فيه بما أسبقه المصنف في مطاعن عمر من قيام الشهادة على مغيرة عنده بالزنا وبمفارقته عن أمير المؤمنين ع ودخوله في حزب أهل البغي مردود أيضا بما سيجئ في مسألة المسح على الخفين فانتظروا رض لا يدفع هذه الرواية مخالفتهم لنص الآية كما ذكره المصنف وهو ظاهر فيجب الحمل على موضع الضرورة كما حملها عليه أصحابنا أو القول بأنها منسوخة بآية المائدة كما سيأتي الرواية فيه عن علي ع وأيضا كان المصنف يدعي البداهة في وضع ما بنوا عليه من الرواية لمخالفتها النقل والعقل ما النقل فلما عرفت وأما العقل فلأن بديهته العقل حاكمة بأن في نزع الخف مشقة يمكن التسير من الشارع فيه بتجويز المسح عليه عند الضرورة وأما المسح على الناصية فلا مشقة فيه حتى يحكم بالعدول عنه إلى المسح على العمامة فهو قياس مع الفارق كما لا يخفى وبهذا ظهر بطلان تعليل الناصب بقوله لأنه في حكم المسح على الخف فقد رجع بخفي حنين قال المصنف رفع الله درجته الثامنة ذهبت الإمامية إلى وجوب مسح الرجلين وأنه لا يجوز الغسل فيهما وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين كابن عباس وأنس وعكرمة وأبي العالية والشعبي وقال الفقهاء الأربعة الفرض هو الغسل وقد خالفوا في ذلك نص القرآن حيث قال وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم انتهى و قال الناصب خفضه الله أقول قرأ بعض القراء وأرجلكم بفتح اللام وقرأ بعضهم وأرجلكم بالكسر فهذا الكسر يمكن أن يكون للجوار على ما اعتاده العرب في كلامهم من جر الجوار ويمكن أن يكون لإرادة حكم المسح وأما الفتح فهو نص على الغسل بلا تردد فلا بد ههنا من بيان للمجمل وقد بينه السنة الصحيحة وذلك ما روى البخاري ومسلم والنسائي في صحاحهم عن عبيد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ص رأى قوما وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء فقال ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء وهذا يدل بصريحه على وجوب الغسل وهذا بيان للمجمل فلا يجزي إلا الغسل ثم نقول صح عند أهل العربية أنه إذا قبل مسحت بالحايط يراد بعضه لأن الأصل في الباء أن يدخل في الوسايل وهي غير مقصودة فلا يثبت استيعابها بل يكفي فيها ما يتوسل به إلى المقصود وإذا قيل مسحت الحايط يراد كله إذا علمت هذا فنقول الجر في أرجلكم على القراءة المشهورة فيه يجب أن يحمل على جر الجواز لأن الفتح وارد البتة بلا؟؟؟ للقراءة المتواترة فإن عطف على قراءة الفتح على وجوهكم حصل المقصود وإن عطف على محل برؤوسكم يكون الباء ساقطا عن أرجلكم ويكون التقدير وامسحوا أرجلكم وهذا يقضي أن يكون الواجب مسح كل الرجل ولا يكف بعضه كما في الرسل لأن المسح إصابة اليد المبتلة بالعضو فيجب أن يصيب المتوضئ كل الرجل باليد المبتلة ولم يقل بهذا أحد لا موافق ولا مخالف فلا يبقى ح وجه لقراءة الفتح فتعين وجوب الغسل للأرجل يصح التركيب وإذا تعين إفادة النصب للغسل والجر قراءة متواترة يجب حمله على جر الجوار أو الحمل عليه بطريق المشاكلة أو بتقدير وامسحوا بأرجلكم مرادا به الغسل الشبيه بالمسح تنبيها على وجوب الاقتصاد أو بالتزام الجمع بين الحقيقة والمجاز دفعا لاختلاف القرائتين إذ لا وجه له غير المذكورات خذ هذا فإنه من الدلايل المتقنة والحمد لله ثم أن جميع أهل الأعصار من عامة الناس ومشاهير العلماء في كل عصر تقرر فيهم غسل الرجل والانكار على الماسح وهل يعارض هذا أن شر ذمة من الشيعة قالوا بالمسح ولينصف المنصف أن الحق في طول الأزمنة يبقى مختفيا هكذا ثم أن في أزمنة الخلفاء هل كان المقرر من أمر الوضوء غسل الرجلين أو المسح ولو كان المقرر في الأزمنة المسح لكان يذهب إليه بعض علماء أهل السنة كالشافعي وأبي حنيفة ومالك وأحمد مع وفور علمهم واطلاعهم على أحوال السلف ولو تأمل المتأمل لعلم أن مسح الرجلين في الوضوء ليس من الشريعة ولقد سألت علماء الشيعة في الجبل العامري من بلاد الشام الانصاف في هذه المسألة وقلت لهم إذا جردتم النفوس من الأغراض والمباحثات هل تجدون أنفسكم تمسح بالصلاة بالمسح أولا فانصفوا أنهم لا يصلون الفرايض بدون الغسل و قد يكتفون بالمسح في الوضوء للمندوبات كالوضوء عند النوم ويجمعون بين المسح والغسل في ساير الطهارات خروجا عن الخلاف ولا يبعد أن يق لا بأس بهذا انتهى وأقول لعمري أنه لو غسل الناصب ما سوده في هذا المقام بدل غسل رجليه لكان أليق بحاله وما له وهاهنا نحن تمسح يد المحو والطهر على ما وجوه كلامه ونقول أولا إنه إن أراد بقوله وهذا بيان للمجمل أن الحديث المذكور بيان لإجمال الآية في الدلالة على أصل مسح الرأس والرجل فلا نم ذلك بل الآية نص في المسح كما سنبينه عليه وإن أراد أنه مجمل في مقدار المسح فهو مسلم لكن لا ارتباط له بما نحن فيه وهو ظاهر وثانيا أن ما ذكره بقوله ثم نقول صح عند أهل العربية أنه إذا قبل مسحت الحايط اه مأخوذ مما ذكره شارح الوقاية استدلالا على أنه لا يجب في مسح الرأس الاستيعاب ردا على مالك وفيه أنا لا نم أنه مما صح عند أهل العربية ولهذا لم ينسبه ذلك الشارح إليهم بل قال وقد ذكروا اه وقال المحشى عصام الدين أن الذين ذكروا هذا هم القائلون بكفاية مسح البعض من الشافعية والحنفية وكيف يقول بذلك علماء العربية مع ظهور تخلف الاستيعاب في أكثر الفعل المتعدي بنفسه إلى المحل نحو ضربت؟؟؟؟ وفي نوع
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»