إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٥٥
في الآية فيكون إرادتها مخالفة لما هو مدلول النص كما لا يخفى قال المصنف رفع الله درجته يج ذهبت الإمامية إلى أنه إذا أخل بشئ مما يجب مسحه في التيمم بطل تيممه عمدا كان أو سهوا وقال أبو حنيفة أن ترك أقل من الدرهم لم يجب شئ من خالف في ذلك الكتاب حيث قال فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه انتهى قال الناصب خفضه الله أقول هذا افتراء على أبي حنيفة فإن شارح الوقاية صرح بأن الفتوى على أنه يشترط الاستيعاب حتى لو بقي شئ قليل لا يجزيه انتهى أقول يتوجه عليه أن ما صرح به شارح الوقاية لا يدفع الطعن عن أبي حنيفة لأن مراد شارح الوقاية بتلك العبارة إن ما تقرر من الفتوى في ذلك بين المتأخرين منهم هو هذا وهذا لا ينافي أن يكون أبو حنيفة قائلا بخلاف ذلك فإن من تتبع فقه الحنفية يعلم أنهم ربما يعدلون عما أفتى به أبو حنيفة لعجزهم عن نصرته إلى ما أفتى به أبو يوسف أو محمد بن الحسن أو هما جميعا وقد يعكس لعجزهم عن نصرتهما نعم لو أنكر هذا الناصب الذي أوقع نفسه في نصب الذب عن أبي حنيفة لكان نافعا له وليس فليس بل قال الفاضل الأسفرايني في حاشيته لشرح الوقاية إن ما في المحيط من فقه الحنفية يدل على أنه جعل الفتوى على عدم الاستيعاب حيث ذكر فيه أنه قال شمس الأئمة الحلوائي أنه ينبغي أن يحافظ الثرة البلوى على رواية الحسن أنه يكفي مسح أكثر الذراعين انتهى قال المصنف رفع الله درجته يط ذهبت الإمامية إلى أن طلب الماء واجب فقال أبو حنيفة أنه لا يجب وقد خالف وذلك نص الكتاب حيث قال الله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ثم قال فإن لم تجدوا ماء فتيمموا شرط فيه عدم وجدان الماء وإنما يصح مع الطلب والفقد انتهى قال الناصب خفضه الله تعالى أقول مذهب الشافعي أن الذي يريد التيمم أن تيقن أن لا ماء هناك تيمم بلا طلب وأن جوز تجويزا قريبا أو بعيدا وجب الطلب لأن الطلب إنما يكون للتردد في الحصول فإذا جزم بالفقدان فالطلب عبث وصدق على المتيقن لعدم الماء إنه لم يجد الماء فله التيمم ولا يتوقف تحقق الفقدان على الطلب لإمكان تحققه عنده بلا طلب ومذهب أبي حنيفة أنه لا يجب عليه الطلب من الرفيق هكذا في الهداية وفي المبسوط أنه إن لم يطلب منه وصلى لم يجز لأن الماء مبذول عادة المفتى به عند أبي حنيفة وجوب الطلب وأما جواز عدم الطلب فإنه عنده في حكم المفقود لأنه مال الغير فلا مخالفة للنص لأنه صادق عليه أنه غير واجد للماء انتهى أقول أن ما جعل المصنف ههنا مقابلا مخالفا لمذهب الإمامية بقوله وقال أبو حنيفة أنه لا يجب سالبة كلية وإلا لما ورد على القايل به اعتراض أصلا ونقيض السالبة الكلية هو الموجبة الجزئية فمراد المصنف بقوله ذهبت الإمامية إلى أن طلب الماء واجب على المتيمم أنه يجب عليه ذلك في الجملة فلا يتوجه عليه ما يلمح إليه كلام الناصب في تقرير مذهب الشافعي من الايراد على المصنف بأن قوله طلب الماء واجب لا يصح على إطلاقه على تقدير تيقن العدم لا يجب الطلب على أن قول الناصب أن الطلب إنما يكون للمراد في الحصول يدفع هذا الايراد أيضا آن إرادة فافهم وأما ما ذكره في تحريف مذهب أبي حنيفة وإصلاحه بأن المفتي به عنده وجوب الطلب فمردود بأن القول بأن المفتي به عند أبي حنيفة كذا مما لا محصل له عندهم وإنما يقال ذلك لما تقرر بين المجتهدين في مذهبه على أن ما نقله عن الهداية من أن مذهب أبي حنيفة أنه لا يجب عليه الطلب من الرفيق يأبى عن ذلك آباء بينا كما لا يخفى وأيضا الكلام في أن أبا حنيفة لا يوجب طلب الماء مط كما ذكرناه وصرح به صاحب الينابيع أيضا وما نقله هذا المصلح المفسد من الهداية والمبسوط ناظر إلى جزئي خاص من ذلك فغاية ما يلزم من كلام المبسوط أن يكون المفتى به في ذلك الجزئي وجوب الطلب لا في غيره من الجزئيات فيبقى إيراد المصنف قدس سره على الباقي كما لا يخفى قال المصنف رفع الله درجته ذهبت الإمامية إلى أن المتيمم إذا حيل بينه وبين الماء بأن يكون في بئر ولا آلة معه أو حيل بينه وبينه فإنه يصلي بالتيمم ولا إعادة عليه وقال الشافعي بعيد وهو إحدى الروايتين على أبي حنيفة والأخرى أنه يصبر ولا يتمم ولا يصلي وقد خالفا في ذلك نص القرآن حيث قال فلم تجدوا ماء فتيمموا وإذا فعل المأمور به خرج عن العهدة انتهى قال الناصب بخفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه إذا صلى المسافر بالتيمم لعدم الماء أو لفقد الدلو والرشاء أو لغيرهما من الأسباب المجوزة لم يقض إلا لشدة البرد ويقضي المقيم إلا للمرض فقد فرق الشافعي ههنا بين المسافر والمقيم لأن فقد الماء هو الغالب عند المسافر ووجوده غالب عند المقيم فالمسافر إذا حيل بينه وبين الماء والغالب على حاله الفقدان فكأنه غير واجد فلم يجب عليه القضاء بخلاف المقيم فإن الغالب على حاله الوجود فالحيلولة بينه وبين الماء لم يصيره في حكم في غير الواجد فيجب عليه القضاء فالنزاع في أن المقيم هل يق له أنه واجد في صورة الحيلولة فيجب عليه القضاء أو غير واجد فأين مخالفة النص ومخالفة النص أن يق غير الواجد يجب عليه القضاء وأين هذا من ذلك وهذا الرجل لا يفهم معنى مخالفة النص انتهى أقول لا خلفاء في أن الآية عامة شاملة للمسافر والمقيم والفرق بينهما في ذلك كما نسبه الناصب إلى الشافعي مخالف للآية فيكون فاسدا وأفسد منه القول بأن الغالب على حال المسافر الفقدان فكأنه غير واجد للماء وأن الغالب في المقيم عكسه وذلك لأن الفرض وقوع الحيلولة بين المكلف والماء ومن الظاهر أن ما ذكره من غلبة وجدان الماء للمقيم لا يمنع أن يق في حقه في صورة الحيلولة وعدم وجدان الماء أنه غير واجد للماء تأمل بحد ثم إيراد قوله فكأنه الدال على التشكيك في تقرير الحكم الشرعي دليل على أنه مشكل وهل هذا الأمثل أن يق أن فلانا لدناءة نسبه وفقره وصعلكته كأنه ليس بمكلف فلا يجب عليه ما وجب على ساير المكلفين وأما ما ذكره في إنكار لزوم مخالفة النص بقوله ومخالفة النص أن يق غير الواجد يجب عليه القضاء اه ففيه أن مال قولهم إلى ذلك فإن المفروض الحيلولة وعدم وجدان الماء فإذا قال الشافعي في هذه الصورة أنه يعيد كان معناه أن غير الواجد يجب عليه القضاء فتأمل قال المصنف رفع الله درجته كا ذهبت الإمامية أن عادم الماء والتراب إذا وجد ثوبا أو لبد سرج وعليهما التراب نفضه وتيمم به ولو لم يجد إلا الوحل وضعه على يديه ثم فركه وتيمم به وقال أبو حنيفة تحرم عليه الصلاة وقد خالف القرآن حيث قال فإن لم تجدوا ما فتيمموا وهذا واجد للصعيد انتهى قال الناصب خفضه الله أقول قد ذكرنا أن مراد الشافعي من التراب ما يكون يابسا ذا غبار فالثوب واللبد
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»