إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٤٧
الفعل المتعلق بالبدن وغير نحو اللمس والمس بل الظاهر أن المثال مصنوع لأن إرادة مسح كل الحايط إنما يعقل إذا كان الحايط قصيرا حقيرا وأما إذا كان طويلا عريضا حدا كسور البلد مثلا فلا بل؟؟ الحق أنه للقدر المشترك بين الكل والبعض كما نقله عصام الدين المذكور عن إمام الحرمين والتعدي وثالثا أنه أراد بقوله الأصل في الباء أن يدخل في الوسايل أن الأصل فيه عند قصد المحل والآلة ذلك فمسلم لكن من أين لزم قصد ذلك فيما نحن فيه حتى يراعى فيه ذلك الأصل وإن أراد أن الأصل دخولها على الآلة مط فذلك مم وأيضا حاصل هذا يصير راجعا إلى تخصيص الباء بالاستعانة وتوجه المنع عليه ظاهر ولم لا يجوز أن يكون للالصاق كما صرح به صاحب الكشاف وقال أنه المراد بالآية ومثل شارح اللب لباء الالصاق بالآية المذكورة وفسر قوله تعالى امسحوا برؤوسكم بقوله الصقوا المسح برؤوسكم وقال الشيخ جلال الدين السيوطي الشافعي في كتاب الاتقان أن سيبويه لم يذكر للباء غير معنى الالصاق هذا وقد مر أن الالصاق أعم من الاستيعاب والتبعيض فالحمل عليه أو إلى أخذا بالمتيقن لأصالة عدم وجوب الزايد وبراءة الذمة عنه ولأن التخصيص خلاف الأصل ثم الظاهر أن باء الالصاق يدل بنفسها على الالصاق ولا حاجة إلى تضمين معنى الالصاق كما هو المشهور وذكره شارح اللب ههنا وإلا لكانت للصلة لا للالصاق نعم حاصل المعنى ألصقوا المسح برؤوسكم وبما قررنا ظهر سقوط ما ذكره الناصب آخرا من أن سقوط الباء عن أرجلكم على تقدير العطف على محل برؤوسكم وصيرورة التقدير وامسحوا أرجلكم يقتضي أن يكون الواجب مسح كل الرجل اه وذلك ظاهر فلا يبقى ح وجه لقوله فلا يبقى وجه لقراءة الفتح اه ولنفصل الكلام في المقام لتوضيح المرام ودفع ما أمكن للخصم من النقض والابرام ونقول أن أرجلكم في الآية الكريمة قرأ بالجر عطفا على الممسوح أي الرؤس وهذه القراءة صريح في مذهب الشيعة الإمامية وبالنصب عطفا على المغسول أي الوجوه وهذه القراءة ناظر إلى مذهب أهل السنة فيتعارض القراءتان ظاهر أو السبيل في مثله على ما تقرر في الأصول ترجيح إحديهما على الأخرى باعتبار المتن أو السند إن لم يتساويا قوة في ذلك وإلا فالحمل على نسخ المتقدم بالمتأخران علم التاريخ بوجه ما وإلا فطلب المخلص من قبل الحال أو غيره والجمع بين المتعارضين إن أمكن وإلا فالمصير إلى دليل دونهما كالسنة والاجماع والتمسك بالأصل كما فصل في الأصول فاختار جمهور أهل السنة قراءة النصب وتخربوا في دفع معارضة قراءة الجر حزبان كل حزب بما لديهم فرحون فخرب منهم كالزمخشري اضطر إلى تعسف حمل المسخ في قراءة الجر على ما هو في حكم المسح من الغسل الخفيف ومغرب منهم كالقاضي البيضاوي والتجاء إلى تكلف الحمل على الجر بالمجاورة وفي كل من الحملين تحامل وانحراف عن الحق الصريح أما الأول فلأن حاصله كما قاله الزمخشري في الكشاف أن الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها فكانت مظنة الإسراف المذموم المنهي عنه فعطفت على الرابع الممسوح لا للتمسح ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها وقيل إلى الكعبين فجئ بالغاية إماطة لظن ظان بحيبها ممسوحة لأن المسح لم يضرب له غاية في الشرع انتهى كلامه وفيه نظر من وجهين يتضمنان وجوها من النظر أما أولا فلأنه يرد عليه وعلى الحزب الآخر في اختيارهم قراءة النصب وزعمهم أنه نص على الغسل كما ذكره الناصب بقوله وأما الفتح فهو نص على الغسل بلا تردد اه أنهم إن أرادوا بهذه القراءة كون الأرجل منصوبا بعطفها على الوجوه فيرد أن العطف على الوجوه مرجوح من وجوه لأن القرب مرجح ولأنه يوجب حصول اللبس لعدم القرينة على ذلك ووقوع الفصل الكثير بالأجنبي بين المعطوف والمعطوف عليه والاجلال بالفصاحة من حيث الانتقال عن جملة إلى أخرى قبل تمام الغرض من الأولى وهذا لو فعله عربي أو عجمي لاستسخر به فكيف يقع في كلام الله الذي تحدى به فصحاء العرب والقول بأن للفص المذكور فايدة هي التنبيه على وجوب الترتيب مدفوع وغير ممسوع؟؟ عند من لم يقل بوجوبه كأبي حنيفة وغيره نعم المسلم إفادة حسن الترتيب وهو غير مهم في الغرض الذي سيقت الآية لأجله حتى ينسد به الخلل اللازم من الفصل المذكور وإن أراد وانصبها؟؟ بفعل مقدر كما قيل أي اغسلوا أرجلكم كقولهم علقتها بتنا وماء بارد أي سقيتها ماء فيرد عليه أولا إنه قول بمجرد التشهي لأن الأصل عدم التقدير وعدم الحذف لتمامية المعنى بدونهما وثانيا أن ذلك إنما يجوز مع قيام القرينة وعدم اللبس كما في ما مثلتم به فإن الماء لا يعلف فحذفوا الفعل لعدم اللبس وأما هنا فلا لأن الأرجل تمسح كما تغسل وارااة؟؟ المسح هو الظ؟؟ ولا ضرورة إلى تقدير اغسلوا إلا ترويح المدعى وثالثا أنه لو جاز تقدير اغسلوا بقرينة فاغسلوا لجاز تقديرا مسحوا بقرينة و امسحوا بل هو أظهر لقرب القرينة هذا ولا يمكن الجمع بين مقتضى القراءتين لأنه مخالف للإجماع إلا لناصر الحق من الزيدية ولا يمكن أن يق بالتخيير لأنه أيضا مخالف للإجماع وقد انقرض القايل به وهو الجبائي وابن جرير الطبري وعند ذلك يتعين العطف على محل رؤسكم مع تأييد قراءة الجز له وأما ثانيا فلأن ما تمحله لدفع التعارض من النكتة التي ذكرت لعطف الأرجل على الممسوح مع إرادة غسلها إنما يصح نكتة بعد أن يستفاد من خارج الآية أن الأرجل لا بد أن تكون مغسولة لا من هذه الآية وأما جعلها دليلا عليه بواسطة هذه النكتة المشتملة على دعوى أن الأرجل من الأعضاء المغسولة في الوضوء فمما لا وجه في مقام الاستدلال لأنهم إنما يستفيدون غسل الأرجل من قراءة الآية بالنصب ويجعلونها دليلا عليه والحاصل إن قراءة النصب لكونها معارضة القراءة الجر في معرض السقوط فثبوت مدلولها موقوف على نفي مدلول الثانية بوجه لا يتوقف صحة شئ من مقدمات نفي الثانية على ثبوت مدلول الأولى وإلا لدار لأن ثبوت مدلول قراءة النصب يتوقف على نفي مدلول قراءة الجر فلو توقف مدلول قراءة الجر على ثبوت مدلول قراءة النصب لزم الدور لزوما لا سترة به وأيضا قوله الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها فكانت مظنة للاسراف المذموم فعطفت على الرابع الممسوح لا للتمسح اه مردود بأن كل الأعضاء المغسولة يغسل بصب الماء عليها لأن حقيقة الغسل صب الماء على المغسول مع الجريان أو غمسه في الماء والأرجل كثيرا ما تغسل بالصب عليها من ماء الحوض والنهر عليهما وقد تغسل بطريق الغمس كالخوض في النهر والحوض كما تغسل بالصب من آنية وقد تغسل بالصب في اليد والاغتراف بها ثم الصب على العضو و كذا الكلام في باقي الأعضاء وبالجملة أن ذلك لانضباط له لاختلافه باختلاف البلاد بحسب كثرة الأنهار والحياض فيها وقلتها وفي أكثر هذه الصور لا يتحقق الإسراف أصلا كما لا يخفى على المتأمل وأيضا إن أراد بكون غسل الرجل مظنة الإسراف أنه مطنة للتكرار والمبالغة باستعمال ما يبلغ مقدار
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»