إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٤٣
إن شاء الله تعالى وأما ما ذكره من إنا لا نم أن حريم العين يستلزم بم وجوه الانتفاعات اه فمردود بأنا نستدل عليه ونقول من المفرد المتفق عليه أن العين لا يحرم فيتوجه التحريم إلى الانتفاع وتقدير أعم الأحوال أولى لئلا يلزم الاجمال أو الترجيح بلا مرجح إذ لا قرينة على الخصوص فقد دلت الآية على عدم جواز ليس جلد الميتة في الصلاة وغيرها دبغت أم لا كما يدل عليه أخبار الإمامية وإجماعهم ووافقهم في ذلك مالك وأحمد بن حنبل مستندا بما روي من قوله ع لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب وما قال في الهداية من أن هذا النهي لا يصلح للمعارضة بناء على أن الإهاب اسم لغير المدبوغ مم لأن ذلك قول ضعيف بين أهل اللغة كما يدل عليه كلام ابن الأثير في النهاية حيث قال الإهاب هو الجلد وقيل إنما يق للجلد إهاب قبل الدبغ فأما بعدها فلا انتهى ولعل القايل به إنما فهمه من وصف الإهاب بالدباغة في نحو قوله ع أيما إهاب دبغ فقد طهر وتأخر الصفة عن الموصوف و بطلانه ظ وأما الأحاديث التي ذكرها الناصب فلا التفات إليها بعد عدم الاتفاق على صحتها ومعارضتها للقرآن والبرهان على أن الحديث الأول بعد تسليم صحته ليس نصا في طهارة كل إهاب حتى الميتة لجواز أن يكون اللام فيه للعهد إشارة إلى إهاب مخصوص وكذا الحديث الثاني لأن حصر التحريم المدلول عليه بقوله ص إنما حرم أكلها في اللحم لا يدل على حصر النجاسة أيضا فيه حتى يلزم منه نفي نجاسته الجلد والموت إذا كان سببا لحرمة اللحم ونجاسته وجب أن يكون سببا لنجاسته الإهاب وحرمته وإلا لزم الترجيح من غير مرجح لمساواتهما في تعلق الحياة بهما فإذا كان الموت الذي هو سبب الحرمة علة للنجاسة العينية في اللحم وجب أن يكون سببا لها في الجلد وإذا كانت نجاسة عينية لم تزل بالدباغة أولا لطهر جلد الخنزير والكلب بها كما مر يق أن جلد الخنزير وإن لم يطهر بالدباغة فجلد الكلب يطهر بها عند أبي حنيفة لأنا نقول بعد تسليم كون كل من الثلاثة نجاسته عينية القول بتطهير الدباغة للاثنين دون الآخر تحكم على أن هذا الحديث قد كشف عن وضعه ما روي عن مولانا الصادق (ع) من أن شاة ميمونة كانت مهزولة فتركوها حتى ماتت فقال ص ما كان على أهلها إذ لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها وهو عليه السلام عرف بالنقل ومثله قوله ع في حديث عبد الرحمن بن حجاج زعموا ن دباغ الميتة ذكاته ثم لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك إلا على رسول الله (ص) وأما ما ذكره الناصب من أن المصنف قدس سره لجهله بالأخبار يحكم بمخالفة النص اه فمدخول بأن المصنف غير جاهل بالأخبار التي استند بها أئمة الناصب في فتاويهم لكنه يحكم بكذبها لأمارات قادية إليه كما أشرنا إلى بعضها وبالجملة هو قدس سره يدعي أن مخالفة نص القرآن بدون حديث صحيح صريح في المط خطأ لأنه يحكم بأن مخالفة النص مط خطأ كما زعمه الناصب الذي كفر واستحق أن يؤجر في حلقه من خرء كلاب عجر أو يضرب بعسفان هجر حتى يلتقم الحجر قال المصنف رفع الله درجته الرابع ذهبت الإمامية إلى أن الكلب لا يقع عليه الذكاة وأن جلده لا يطهر بالدباغ سواء ذكي أو مات وقال أبو حنيفة أنه يقع عليه الذكاة ويطهر جلده بالدباغ مذكا أو ميتا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ذهب الشافعي إلى أن الكلب كالخنزير في كونه نجس العين لأن النبي (ص) حكم بتطهير ما ينجس بلعابه وهذا يدل على نجاسة عينه وإلا لم يكن لعابه نجسا كساير الحيوانات التي لم يؤكل لحمه وذهب أبو حنيفة إلى أن الكلب كساير ما لا يؤكل من الحيوانات وعنده إن ما طهر من جلده بالدبغ طهر بالذكاة وكذا لحمه وإن لم يؤكل وما لا فلا والمراد بالذكاة أن يذبح المسلم أو الكتابي من غير أن يترك التسمية عامدا انتهى وأقول أقل ما يستفاد من كلام المصنف ههنا رده على أبي حنيفة بمنع ما ذهب إليه من وقوع الذكاة على الكلب ومنع تطهير جلده بالدباغ وهذا الناصب أعاد تقير مذهب أبي حنيفة بأن عنده كذا وكذا من غير ذكر دليل طالبه به المانع فأين الدفع الذي التزمه الناصب في مقابلة كلام المصنف قدس سره قال المصنف رفع الله درجته الخامس ذهبت الإمامية إلى وجوب النية في جميع الطهارات من الحدث وقال أبو حنيفة لا يجب في الطهارة المائية وقال الأوزاعي لا يجب مط وقد خالفا القرآن العزيز حيث قال الله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا أي لأجل الصلاة وقال الله وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وخالفا السنة المتواترة وهو قوله عليه الصلاة والسلام إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى ويلزمهما أن يكون الجنب النايم والمعنى عليه إذا رمى في الماء والمحدث كذلك أن يكونا طاهرين وأن يدخلا في الصلاة بمثل هذه الطهارة وهو غير معقول السادس ذهبت الإمامية إلى استحباب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء من النوم وأوجبه داود مط وأوجبه أحمد بن حنبل في نوم الليل دون النهار وخالفا في ذلك قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وقد قال المفسرون إذا قمتم من النوم ولو كان غسل اليدين واجبا لذكره تعالى انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي وجوب النية في جميع العبادات والطهارة من الحدث عنده من العبادات فيجب النية فيها عنده ومذهب أبي حنيفة عدم وجوب النية في الطهارة لعدم كونها عبادة مقصودة بل شرطا لجواز الصلاة والنية في الطهارة عنده سنة هذا تقرير المذهبين وما ذكر أن أبا حنيفة والأوزاعي خالفا نص القرآن فهذا بط لأن النصوص لا تدل على الوجوب لأن القيام لأجل الصلاة ليس بنص في وجوب النية كما لا يخفى وأما إخلاص الدين لله فالمراد تخصيصه بالله وتنقيته من الريا والأغراض الدنيوية وليست هذا بنص في وجوب النية وأما حديث إنما الأعمال بالنيات فقد أجاب عنه بعض أئمة الحنفية بأن الثواب منوط بالنية اتفاقا فلا بد أن يقدر الثواب أو يقدر شئ يشمل الثواب نحو حكم الأعمال بالنيات فإن قدر الثواب فظ وإن قدر الحكم وهو نوعان دنيوي كالصحة وأخروي كالثواب والأخروي مراد بالإجماع فإذا قيل حكم الأعمال بالنيات ويراد به الثواب صدق الكلام فلا دلالة له على الصحة وإذا لم يكن الحديث دالا على الصحة فلا يكون القول بعدم وجوب النية في الطهارة مثلا مخالفة للنص كما ادعاه وأما ما ذكره من حصول الطهارة من غير قصد للواقع في الماء غافلا وهو غير معقول فهذا استبعاد ولا يلزم أن يكون الشرع موافقا لعقله الناقص وأما ما ذكره من استحباب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء للقايم من النوم فهو مذهب الشافعي ومن أوجبه فقد أوجبه لظاهر الأمر الوارد في الحديث وهو ما روى البخاري ومسلم والنسائي والترمذي
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»