إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٣٢
عليهم فذلك رحمة لهم ولمن يعودون إليه فينذرونه من قومهم قال الله سبحانه فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون وليس المراد بذلك ما توهمه الناصب وأصحابه من اختلاف الأمة في اعتقادها وتباينها وقضاء أقوالها وأفعالها ولو كان هذا الاختلاف لها رحمة لكان اتفاقها لو اتفقت سخطا عليها ونقمة وقد تضمن القرآن من الأمر بالاتفاق والايتلاف والنهي عن التباين والاختلاف ما فيه بنيان شاف وأما ما أجاب به النووي الشافعي في شرح صحيح مسلم من أنه لا يلزم من كون الشئ رحمة أن يكون ضده عذابا ولا يذكره إلا جاهدا ومنجاهل؟؟ وقد قال الله تعالى ومن رحمته جعل لكم الليل لتسكنوا فيه فسمى الليل رحمة ولم يلزم من ذلك أن يكون النهار عذابا وهو ظ لا شك فيه انتهى فأقول فساده ظ لأن الضد عند الحكماء موجود معاقب وجرواخر؟؟ في الموضوع وعند المتكلمين معنيان يستحيل اجتماعهما في محل واحد فالاختلاف في مسألة لا يضاد الاتفاق في مسألة أخرى وكذا انصباغ جزء من امتداد الزمان بسواد الليل لا يضاد انصباغ جزء آخر منه بياض النهار والحاصل وأن مدة الموضوع أو المحل شرط في تحقق النصاد فراد؟؟؟ من قال أنه يلزم من كون الاختلاف رحمة أن يكون الاتفاق عذابا ليس أنه إذا كان الاختلاف في مسألة رحمة يلزم أن يكون الاتفاق في مسألة أخرى عذابا حتى يتأتي المنع والتجهيل الذي أتى به هذا الشيخ الجاهل بل مراده أنه إذا كان الاختلاف في أمر رحمة يلزم أن يكون وقوع الاتفاق فيه عذابا وذلك كذلك وكذا إذا كان الليل رحمة يلزم أن يكون وقوع النهار موقعه عذابا لاستلزمه فوات المطالب التي يطلب فيها الاستتار عن أعين الناس لي غير ذلك من المقاصد التي لا يتمشى إلا في الليل نعم وقوع النهار في محل آخر من أجزاء الزمان ليس عذاب فيوم استناده بحال الليل ليل البل أعده - له جهله هذا وقد نقل صاحب الواقف في خطبة كتابه عن بعض الأكابر لأمة في بيان معنى هذا الخبران مراده ص اختلاف همم في العلوم مهمة واحد في الفقه لضبط الأحكام المتعلقة بالافعال وهمة أخر في الكلام لحفظ العقايد فينتظم بها أمر المفاد وقانون العدل المقيم للنوع كما اختلف همم أصحاب الحرف والصناعات ليقوم كل واحد منهم بحرفة وصناعة فيتم النظام في المعاض؟؟ المعين لذلك الانتظام وهذا الاختلاف أيضا رحمة كما لا يخفى انتهى أن قيل ما استدل به المصنف آخرا من قوله تعالى ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا قايم بعينه في الأدلة القطعية والجواب الجواب قلنا أن الاختلاف في الأدلة القطعية واقع لا شبهة فيه لكن الاختلاف الواقع بينهم الناشئ من العمل بالقياس كثير بحيث لا يعد ولا يحصى والاستقراء شاهد على ذلك والمنهي عنه هو الاختلاف الكثير وتأويل الاختلاف بالاضطراب في نظم القرآن دون الاختلاف في الأحكام كما ارتكب صاحب المختصر وشارحه العضد خلاف الظاهر جدا كما لا يخفى ومما يشيد أركان ما ذهبنا إليه في توجيه الحديث الحادث المذكور ما ذكر صاحب كتاب الاحتجاج من جملة احتجاج أبي بن كعب رض على القوم حيث قال مخاطبا لهم وزعمتم أن الاختلاف رحمة هيهات أن الكتاب وذلك عليكم بقول الله تعالى ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ثم أخبرنا باختلافكم قال ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم أي للرحمة وهم آل محمد ص إلى آخره قال المصنف رفع الله درجته وأما السمع فقوله تعالى أن تتبعون إلا الظن وأن الظن لا يغني من الحق شيئا ذلك ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ولا تقف ما ليس لك به علم ولا تقولوا على الله ما لا تعلمون وقد أجمع أهل البيت ع على المنع من العمل بالقياس وذم العامل به وكذا جماعة من الصحابة قال أمير المؤمنين ع لو كان الدين بالقياس المكان المسح على باطن الخف أولى من ظاهره وقال أبو بكر أي سماء يطلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله برأيي وقال عمر بن الخطاب إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء الدين أعيناهم؟؟ الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا وقال ابن عباس أن الله تعالى قال لنبيه (ص) وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولم يقل بما رأيت ولو جعل لأحدكم أن يحكم برأيه جعل ذلك لرسول الله (ص) وقال وإياكم والمقايس فإنما عبدت الشمس والقمر بالقياس وروى الخطيب في تاريخه وابن شيرويه الديلمي قالا أن النبي (ص) قال ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون في الأمور فيحرمون الحلال ويحللون الحرام وكتب عمر إلى شريح القاضي وهو نائبه اقض بما في كتاب الله فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ناقض بما جاءك في سنة رسول الله فإن جاءك ما ليس في سنة رسول الله ص فاقض بما أجمع عليه أهل العلم فإن لم تجد فلا عليك أن لا تقضي ونهى عن العمل بالقياس عبد الله بن مسعود و عبد الله بن عمرو مسروق وابن سيرين وأبو سلمة بن عبد الرحمن ولو كان القياس مشروعا لما خفى على هؤلاء لأنه من الأحوال العظيمة ومما يعم به البلوى وقال الناصب خفضه الله أقول هذه الوجوه النقلية التي ذكرها لإثبات عدم جواز العمل بالقياس فذكر الآيات الدالة على وجوب عدم اتباع الظن والظن المذكور في القرآن لا يراد به العلم الراجح بل هو مرادف للتردد والشك والتخمين فلا تحقيق وإن أريد به العلم الراجح فهو منع للكفار عن العمل بظنهم في عبادة الأوثان و إنهم شفعاؤهم عند الله وهذا لا يمنع مط الظن والعمل به في الأمور الدينية ثم أن المجتهد لا يعمل بالظن لأن العمل بالظنون واجب والظن في الطريق كما حقق في موضعه ثم إن تلك الآيات وإن أفاد المطلوب فهو معارض بالآيات الواردة في الأمر بالقياس كقوله تعالى فاعتبروا يا أولي الأبصار وغيره من الآيات فالنصوص متعارضة وأما ما ذكر من قول أمير المؤمنين لو كان الدين بالقياس لكان المسح على باطن الخف أولى من ظاهره فهو وارد على سبيل التنبيه للمجتهد والتحذير له على الاحتياط ليدرك الاشتراك في الوصف ولا يدع الاحتياط في القياس ولا شك أنه أمر صعب وأما ما ذكره من قول أمير المؤمنين أبي بكر أي سماء يظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله برأيي فهذا وارد في لغة القرآن وأنه سئل عن معين قوله تعالى وفاكهة وأبا أن معنى الأب ماذا فقال هذا الكلام وأي نسبة له بالقياس وأما ما ذكر من قول أمير المؤمنين عمر أنه حذر عن أصحاب الرأي فالمراد منه من يجعل رأيه في الدين مستقلا لا من؟؟؟؟ في الأحكام النصبية وهكذا أقول الصحابة فإنها تدل على التحذير من الاستقلال في الرأي وترك الاحتياط في رعاية شرايط القياس ثم ما ذكر أن الصحابة والتابعين كعبد الله بن مسعود ومن عدهم من الصحابة والتابعين كانوا ينهون عن العمل بالقياس فنقول لا شك أن الشافعي من علماء الحجاز وكذا باقي الأئمة الأربعة كل واحد منهم كان إماما في قطر من بلاد الإسلام ووصل إليهم علوم النبي (ص) من الصحابة فلو كان المنع يستمر مجمعا عليه لكان واحد منهم ينهى عن القياس وكان مذهبه ترك القياس ولا نزاع لأحد من
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»