فلأن استدلاله على ما نحن فيه من المسألة بقوله لأن الاستثناء إخراج البعض إلى آخره مقدوح بأنه أول المسألة وعين النزاع ومصادرة على المط كما لا يخفى على التأمل وأما ثانيا فلأن ما ذكره من أن للمخالف أن يقول إن الغاوين في كلام الله تعالى أقل من المخلصين اه مردود بأن الغاوين في كلام الله تعالى أيضا أكثر من غيرهم بدليل قوله تعالى وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين إذ دل على أن لا أكثر ليس بمؤمن وكل من ليس بمؤمن غاو ينتج أن الأكثر غاو وإذا ثبت جواز استثناء الأكثر ثبت جواز استثناء المساوي بطريق الأولى وكذا في النهاية للمصنف قدس سره وشرح المختصر للعضد الإيجي فسقط ما ذكر الناصب من جانب المخالف حرصا على المخالفة ولعل الناصب إنما قال بكثرة المخلصين وقلة الغاوين مع أن القرآن يدل على انعكاس القضية لأنه قد سبق منه الافتخار مرادا بكثرة أصحابه من أهل السنة وكونهم السواد الأعظم وقلة الشيعة وندورهم فلو لم يكذب على الله تعالى ههنا بكثرة المخلصين لتطرق القدح على ما افتخر به من الكثرة واتجه من الشيعة أن يقولوا لا خير في كثير وأما ثالثا فلأن ما ذكره آخرا في نصرة أبي حنيفة فهو عين العجز والخذلان لأن إجماع أهل اللسان على أن قولنا لا إله إلا الله يفيد التوحيد ليس لموافقة حكم الشرع ولا لأجل أنهم وجدوا ذلك التركيب في بعض الصور مفيدا للاثبات من النفي فقاسوا عليه غيره حتى يتجه أن يق إن إفادة ذلك في بعض الصور لا يفيد لزومه وتوضيح ذلك أن كفار قريش ما كانوا عارفين بأوضاع الشرع سيما في أول البعثة وكانوا يفهمون من كلمة التوحيد نفي الإلهية عن غير الله تعالى وإثباتها له تعالى ولهذا كانوا يقولون اجعل الآلهة إلها واحدا فظهر إن هذا التركيب الاستثنائي يفيد ذلك في جميع الصور كما ادعاه المصنف قال المصنف رفع الله درجته ذهبت الإمامية ومن تابعهم إلى أن الكتاب قد يخصص بمثله كقوله تعالى والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم مع قوله ولا تنكحوا المشركات وقال بعض الجمهور ولا يجوز والقران يكذبهم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي جواز تخصيص حكم الكتاب بالكتاب لوروده في القرآن كما ذكر فوافق الشافعي في هذا والمخالف يقول في جواب ما ذكر من تكذيب القرآن إياه أن تخصيص المحصنات من أهل الكتاب مفهوم من السنة وليس هو تخصيصا من المشركات لعدم دخولهن في المشركات لأن أهل الكتاب ليسوا بمشركين انتهى وأقول يتوجه عليه أن الشارح العضد من محققي أصحابه قد استدل بالآيتين كما استدل بهما المصنف ثم قال فإن الذمية مشركة للتثليث وغيره انتهى فلم يبق إلا العناد وتحقيق الكلام وتوضيح المرام أن ما ذكره الناصب تقليدا لغيره أن أهل الكتاب ليسوا بمشركين مبني على شبهة هي أنه تعالى فصل بين أهل الكتاب والمشركين بعطف الثاني على الأول في مواضع من كتابه فلا تخصيص ولا نسخ وههنا ظاهر لأنا لا نم أن العطف يقتضي المغايرة مط بل إذا لم يدع إلى العطف فايدة أما معها فلا كقوله تعالى وجبرئيل وميكائيل ونخل درمان مع أنا نقول أن العطف ههنا للعام على الخاص وهو موافق لقاعدة وجوب مغايرة المعطوف عليه وأحال ههنا كذلك فإن المشرك أعم من الكتاب والدليل على دخوله في المشرك ما أشار إليه الش العضد من قوله تعالى في حق أهل الكتاب وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله إلى قوله سبحانه عما يشركون و لقول النصارى بالتثليث الذي هو عين الشرك فيعم صدق هذا الاسم اليهود أيضا إذ لا قايل بالفصل قال المصنف رفع الله درجته ذهبت الإمامية وجماعة تابعوهم إلى أن مذهب الصحابي ليس مخصصا لأن العبرة إنما هي في كلام الله وكلام الرسول والصحابي تأمل ليس أحدهما وقوله ليس حجة ولو كان حيا وذهب إلى شئ طالبناه بالحجة ولم يجز لنا تقليده فإذا كان قوله حيا خاليا عن المعارض ليس حجة كيف يكون قوله بعد موته مع معارضة كلام الله تعالى حجة وقالت الحنفية والحنابلة أنه مخصص وهو خطأ لما تقدم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الصحابي وقوله من الدلايل غير المتفقة عليه وما ذكر من عدم حجية قول الصحابي لأن العبرة إنما هي في كلام الله وكلام الرسول والصحابي ليس أحدهما وقوله ليس حجة فهو وارد على ما ادعاه من حجية قول الأئمة و إجماعهم فإن ادعى أنهم الرسول بعد محمد ص حتى يكون قولهم وإجماعهم حجة فهذا شئ أخر انتهى وأقول ما توهمه واردا على ما ادعاه المصنف ليس بوارد لأن المصنف أراد سوق الدليل ههنا على وجه لا يبقي للخصم مجال المناقشة والمكابرة فحصر العبرة بكونها في كلام الله تعالى وكلام الرسول عليه السلام لأن الخصم لا ينكر ذلك والأفهم يعتبرون بقول أئمة أهل البيت عليهم السلام وإجماعهم كما يعتبرون بهما لما مر من ثبوت علمهم وعصمتهم عندهم بل عند غيرهم أيضا ولقوله ص إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي حبلان متصلان لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فإنه صريح في حصر التمسك فيهما بعده ص و القول بأنه يقتضي وجوب التمسك بالكتاب والعترة ولا يلزم من ذلك أن يكون قول العترة وحدها حجة مدفوع بأن ذكرهما معا لو اقتضى توقف حجية قول العترة على انضمام الكتاب لاقتضى العكس أيضا وهو ظ البطلان هذا وقد صح عند أصحابنا الإمامية أيدهم الله تعالى عن الإمام الهمام الصادق ع أنه قال حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث رسول الله ص فلا حرج عليكم إذا سمعتم من حديثنا أن تقولوا قال رسول الله ص وعلى هذا حصر العبرة والحجة في كلام الله تعالى وكلام الرسول ص على ما فعله المصنف لا ينافي ما ادعاه من حجية قول الأئمة وإجماعهم ولا يحتاج إلى دعوى أنهم الرسل بعد محمد ص وإن كانوا هم الحجة بعده ص إلى يوم القيمة كما اعترف به المولى الفاضل العارف قطب الدين الأنصاري الشافعي الشيرازي في بعض مكاتيبه المشهورة حيث قال چون باب نبوت مسدود شد ووحى از ارض منقطع شد زمين بخدا ناليد حق عز وجل وحى بر زمين كرد كه ساكن باش كه من اگر نبي بر تو ندارم جماعتى بر تو بدارم كه قلوب ايشان قلوب أنبياء باشد لاجرم در خبر آمده كه زمين ميكويد كه من مثلي وعلي رض يمشي على ظهري حجة خداى از ارض منقطع نشود وهميشه در زمين نور آسمانى باشد كه چنانكه دابة الاض امتحان مؤمن وكافر است وامتحان مقبل ومدبر است على رض مگر از اينجا فرمود أنا دابة الأرض انتهى كلامه قال المصنف رفع الله درجته وذهبت الإمامية ومن تابعهم إلى العادة غير مخصصة للعموم كما لو حرمت الربا في جميع الطعام وعادتهم تناول البر فإنه لا يخصص عموم تحريم الربا في كل الطعام لأن العبرة إنما هي بلفظ الرسول ص أو بلفظ الكتاب العزيز وهو الحاكم على العادة فلا يجوز أن يكون العادة حاكمة عليه وخالفت الحنفية فيه وقالوا أن العادة ههنا حاكمة على الشرع انتهى
(٣٢٩)