وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي عدم تحكيم العادة وتخصيصها بحكم الشرع إذا كان النص غيره مصرح بالتعميم وإذا كان الحكم مهملا يمكن حمله على العادة وتخصيصها بها وأما ما ذكر أن أبا حنيفة يلزمه أن يجعل العادة حاكمة على الشرع فهذا غير لازم عليه لأنه يدعي أن العادة مراد الشارع فكان حكم في المعتاد انتهى وأقول مراد المصنف أنه يلزم من عدم الاعتبار بلفظ الكتاب أو بلفظ الرسول وارتكاب التخصيص فيهما بمجرد عادة الناس جعل مجرد عادتهم حاكمة على الكتاب والسنة واللازم بط ضرورة أن أفعال العباد ليست حجة على الشرع بل أفعالهم تابعة للشرع فلا يجوز أن يجعل التابع متبوعا نعم لو اجتمعوا على عادة صح التخصيص لكن المخصص ح ليس مجرد العادة بل الاجماع كما صرح به في النهاية وكون العادة مرادة للشارع مط أول المسألة فلا بد لإثباته من دليل ودونه خرط القتاد قال المصنف رفع الله درجته وذهبت الإمامية ومن تابعهم إلى أن حكم الخاص إذا وافق حكم العام لم يكن مخصصا كما إذا قال في النعم زكاة ثم قال في الغنم زكاة لأن ثبوت الحكم في إفراد العام يستلزم ثبوته في هذا الفرد المعين فإذا نص على ثبوته فيه لم يكن منافيا له بالضرورة وخالف أبو ثور هنا وقال إنه يكون مخصصا وهو خطأ لما بينا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول وافق الشافعي في عدم التخصيص ههنا لأنه بيان الفرد لمن جعل عليه الحكم فيه لمصلحة أن غيرها وهذا لا يفيد التخصيص ومن ذهب إلى التخصيص يقول يلزم فايدة التكرير وليس هو إلا التخصيص وقد بينا عدم حصر الفايدة في التخصيص انتهى وأقول كنا نظن أن هذا الناصب الشقي حمار وقد ظهر من استعذاره ههنا لأبي ثورانه ثور ثرثارا وعجل جسد له خوار وكان هو الذي قيل في شأنه شعر هو الثور قرن الثور في حرامه ومقلوب اسم الثور في جوف لحيته قال المصنف رفع الله درجته البحث السادس في البيان ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما إذا قال اعتدي بالقرء بعد الطلاق ولا يعرفها ما أراد بالقرء ثم تطلق ولا تعرف المراد لأنه يلزم منه تكليف ما لا يطاق وخالفت الأشاعرة فيه بناء منهم على جواز التكليف بالمحال بل كل التكاليف عندهم كذلك وقد سلف وذهبت الإمامية أيضا ومن تبعهم إلى أنه لا يجوز تأخيره إلى وقت الحاجة إذا كان ظاهره يدل على خلاف المراد منه وإلا لزم الاغراء بالجهد والاغراء بالجهل قبيح وخالفت الأشاعرة فيه بناء على نفي الحسن والقبح العقليين وقد سبق البحث فيه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول عدم جواز التأخيران أريد به الوجوب على الله تعالى فهذا ليس مذهب الأشاعرة وإن أريد به أن لطف الله تعالى على المكلف يقتضي بيانه عند الحاجة فهذا واقع وكل الشرايع بفضل الله ورحمته مبنية عند حاجة المكلفين إليه وكذا الجواب في الثاني وأما ما ذكر من لزوم الاغراء بالجهل فغير لازم على من قال بعدم الوجوب على الله على أن هذا غير واقع في الشرع وأما القول بالحسن والقبح العقليين وأنهما مذهب المعتزلة فقد حققنا فيما سلف بما لا مزيد عليه انتهى وأقول هذه المسألة قد رفع في المختصر والمنهاج وأكثر كتب أصول أهل السنة مدلولا عليها بقولهم لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما وقع في عبارة المصنف ههنا فلا وجه للترديد المذكور على أن الأشعري لا يقول بمضمون الشق الثاني أيضا بل يقول بجواز التأخير جوازا مقارنا للواقع كما يفهم من مبنى قولهم في هذه المسألة ومن صريح استدلالهم على جواز تكليف ما لا يطاق بما وقع من تكليف أبي جهل وأمثاله بالإيمان مع امتناعه عنهم بالغير كما مر وكيف يجزم الأشاعرة بلطفه تعالى على المكلفين مع ما ذكر المصنف سابقا في بحث طريق تعيين الإمام من تجويزهما أن يجزم علينا التنفس في الهواء مع الضرورة والحاجة إليه وعدم الفاسد فيه من كل وجه ويحرم علينا شرب الماء السايغ مع شدة العطش وعدم التضرر به وأما ما ذكره من أن لزوم الاغراء بالجهل غير لازم على من قال بعدم الوجوب على الله تعالى فدليل على أن جاهل وذلك لأن اللزوم ظاهر لاسترة فيه غاية الأمران لا يكون الإغراء وغيره من القبايح قبيحا من الله تعالى عند القايل بعدم وجوب شئ على الله تعالى ونحن قد بيناه معنى الوجوب على الله تعالى وأثبتنا كونه منزها من القبايح وكون الحسن والقبح عقليين فيما سبق بما رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا قال المصنف رفع الله درجته البحث السابع في النسخ ذهبت الإمامية ومن تابعهم من المعتزلة إلى أنه لا يجوز نسخ الشئ قبل وقته لأن الفعل في ذلك الوقت إن كان مصلحة استحال نسخه قبله وإن كان مفسدة استحال الأمر به ولأنه يلزم البداء وذهبت الأشاعرة إلى جوازه والعجب أنهم ينسبون البداء إلى طائفة من أهل الحديث وهم القائلون به في الحقيقة لأنه لا معنى للبداء إلا الأمر بالشئ الواحد في الوقت الواحد على الوجه الواحد والنهي عنه في ذلك الوقت على ذلك الوجه وذهبت الإمامية ومن وافقهم من المعتزلة إلى أنه يمتنع أن ينسخ الإخبار عن الشئ بالإخبار بنقيضه إذا كان مدلول الخبر لا يتغير لأنه يكون كذبا والكذب قبيح ويمتنع أن يكيف الله بالقبيح وخالفت الأشاعرة في ذلك بناء على أصلهم الفاسد من عدم القول بالحسن والقبح العقليين وذهبت الإمامية إلى امتناع نسخ وجوب معرفته تعالى وامتناع نسخ تحريم الكفر والظلم وغيره من الواجبات والقبايح العقليين وخالفت الأشاعرة في ذلك بناء على أصلهم الفاسد منفي الحسن والقبح العقليين انتهى وقال الناصب خفضه الله تعالى أقول النسخ عندنا انتهاء الحكم الشرعي فعلى هذا انتهى الحكم بكون وقت الانتهاء وقت النسخ والشارع ينهى بعض الأحكام ويبدء البعض الآخر منها لما يعلم من مصالح العباد لا لاشتمال في الأوقات على الحسن والقبح العقليين كما عرفته فيما سبق فالاستدلال بما استدل به باطل وأما الفرق بين النسخ والبداء أن النسخ كما ذكرنا انتهاء الحكم الشرعي والبداء يتضمن الندامة وهي لا يجوز على الله تعالى لأنها من التغيرات الحادثة العارضة للانسان وإن أراد بالبداء انتهاء الحكم الشرعي فهو عين النسخ وأما ما ذكر من امتناع نسخ الخبر بنقيضه ونسبة جوازه إلى الأشاعرة فهو من مفترياته فإن النسخ في الخبر لا يكون عندنا أصلا لأنا ذكرنا أن النسخ هو انتهاء الحكم الشرعي والخبر ليس من الأحكام فالنسخ لا يجري فيه وما ذكره من الظامات؟؟ فهو مجاب بالأجوبة السابقة وقد يذكر جوابا مختصرا في هذا الشعر شعر يا من يقول لدى تقرير مذهبه - بالحسن والقبح موجودين بالعقل - فالعقل يحكم أن الحسن مفقود والقبح فيك لموجود من الجهل انتهى وأقول إن قوله أولا إن الشارع ينهى بعض الأحكام ويبدأ لبعض الآخر منها لما يعلم من مصالح العباد صريح في القول بتعليل أفعال الله تعالى بالمصالح الراجعة إلى العباد مع أنه قد بالغ في نفيه وإنكاره سابقا تقليدا لأصحابه وحيث كان القول بالتعليل
(٣٣٠)