إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣١٩
لأنه ينافي التخيير إذا يجاب الجميع يستلزم عدم الخروج عن العهدة إلا بفعله فكيف يتحقق التخيير حينئذ وأما الثاني فلاستلزامه اختلاف المكلفين فيه مع أن الاجماع واقع على التساوي وجميع المكلفين فيه وأنه ينافي التكليف ولأن الوجوب سابق على الفعل فلا يتحقق بعده وإلا دار وأما الثالث فلأن الثلاثة متساوية في أصالة الوجوب وليس البعض بالتبعية والآخر بالأصالة أولى بالإجماع ولأن المسقط للوجوب مساو للواجب فيكون واجبا انتهى وقال الناصب خفضه الله تعالى أقول وافق الشافعي في إثبات الواجب فإنه مذهب الشافعي وما ذكر أن العقل دال عليه فمن القول بالحسن العقلي وهو باطل فإن هذا لا يؤخذ إلا من الشرع كما بينا في علم أصول الدين من هذا الكتاب وأما ما ذكر في رد مذهب من قال إن الجميع واجب أن المقتضي للثواب فعل أحدها فلا يكون الباقي واجبا لأنه ينافي التخيير ففيه أن صاحب هذا المذهب يمنع التخيير ولم يقل به فكيف يصح إلزامه بأنه ينافي التخيير انتهى وأقول فيه نظر أما أولا فلأنا قد شيدنا سابقا أركان القول بالحسن والقبيح العقليين ودمرنا على ما ذكره الناصب هناك فليتذكر ولم سلم فقد سبق عن هذا الناصب في بحث وجوب النطر في معرفة الله تعالى التمسك بالحسن والقبح العقليين وليس هذا مذهب الأشاعرة ومن تابعهم ثم أجاب بقوله إنا نقول ليس هذا من الحسن والقبح الذي وقع فيهما المنازعة أصلا آه فلم لا يجوز أن يكون مراد المصنف ههنا أيضا بقوله العقل دال عليه استحسان العقل بالمعنى الذي لا نزاع فيه فإطلاق البطلان باطل وأما ثانيا فلأن ما ذكره من أن القايل بوجوب الجميع يمنع التخيير ولا يقول به مدفوع بأن هذه المسألة في جميع كتب الأصول معنونة بعنوان الواجب المخير قال ابن الحاجب وأصوله الأمر بواحد مبهم من أمور معينة كخصال الكفارة ويعرف بالواجب المخير مستقيم وقال بعض المعتزلة الواجب هو الجميع ويسقط بفعل واحد آه فلولا أن القايل بذلك قايل بالتخيير في الجملة لكان ذكر خلافه في هذه المسألة لغوا صانعا ولكان حكمه بإسقاطه بفعل واحد باطلا محضا ولعله رأى في الشرح العضدي عند ذكر أدلة المعتزلة في هذا المقام قوله وللمعتزلة في نفي التخير وجوه ولم يعلم أن المراد من هذا النفي ماذا فقد قال السيد (قد) في حاشيته أن معناه نفي التخيير على الوجه المذكور المختار عند الأشاعرة لا نفيه مصنف كيف والأدلة التي ذكر فيه من جانب الأشاعرة ردا على المعتزلة والأدلة المذكورة من جانب المعتزلة مشتملة على إثباتهم للتخيير مع أنه لم يورد على الأول أنه لا يقوم حجة على المعتزلة لنفيهم التخيير ولا على الثاني أن المحافظة على التخيير في دليلكن؟؟ بباقي ما ذهبتم إليه من نفي التخيير قال المصنف رفع الله درجته البحث الخامس في وجوب ما لا يتم الواجب إلا به ذهبت الإمامية وبعض الجمهور إليه وإلا لزم تكليف ما لا يطاق أو خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا لأن المقدمة لو لم تكن واجبة جاز تركها وعلى تقدير الترك إن كان التكليف بالعقل باقيا لزم تكليف ما لا يطاق لامتناع وقوع الفعل حال عدم شرطه وإن لم يجب سقط الوجوب المطلق عن كونه واجبا وذهب جماعة من الجمهور إلى أنه غير واجب فلزمهم ما قدمناه وأن لا يجب التوصل إلى الواجب مع الاجماع على وجوب التوصل إلى الواجب انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول وافق الشافعي في هذه المسئلة فمذهب الشافعي أن مقدمة الواجب التي لا يتم الواجب ولا يتحصل إلا بها فهي واجبة واستدل المخالف بالمال في الزكاة والاستطاعة في الحج فإن الواجب وهو الحج والزكاة لا يتمان إلا بهما وتحصيل المال والاستطاعة ليس بواجب والجواب أن الزكاة قبل المال والحج قبل الاستطاعة ليسا بواجبين ويتحقق الوجوب بعد حصولهما انتهى وأقول مرحبا بالوفاق وترك الشقاق لكن ذكره لدليل المخلف والجواب عنه تطويل مخالف للمساق قال المصنف رفع الله درجته البحث السادس في امتناع اجتماع الوجوب والحرمة ذهبت الإمامية ومن تابعهم من الجمهور إلى امتناع أن يكون الشئ الواحد واجبا وحراما من جهة واحدة وإلا لزم التكليف بالنقيضين وهو محال وخالف في ذلك أبو هاشم حيث حرم القعود على من دخل دار غيره غصبا وحرم الخروج أيضا فلزمه الجمع بين الضدين وهو محال بالضرورة وخالف الكعبي من الجمهور أيضا فجوز أن يكون الشئ واجبا وحراما معا كالزنا واللواطة وغيرهما وهو ضروري البطلان أيضا وكذلك يمتنع أن يكون الشئ الواحد واجبا من جهة وحراما من جهة أخرى مع تلازم الجهتين فلم يذهب الإمامية إلى صحة الصلاة في الدار المغصوبة وخالف فيه الجمهور إلا من شذ وجعلوها واجبة حراما ولزمهم ما قدمنا من التكليف باجتماع النقيضين انتهى وقال الناصب خفضه الله تعالى أقول مذهب الشافعي جواز اجتماع الوجوب والحرمة في شئ إذا كانا من جهتين مختلفتين كالصلاة في الدار المغصوبة فإنه يجب فعل الصلاة من حيثا أنها مكتوبة مفروضة و بحث المكث على وجه الاستيلاء والفعل في الدار من جهة أنها مغصوبة فالوجوب من جهة والحرمة من جهة أخرى كما بينا فيما تقدم وليس فيه تناقض لأن التناقض يشترط فيه اتحاد الجهة كما هو معلوم من المنطق والعجب أنه ذكر أن امتناع كون الشئ الواحد واجبا وحراما من جهة واحدة وهو مذهبه للزم التناقض وهذا ظاهر تم يذكر أن مع اختلاف الجهة أيضا يلزم التناقض ولا يتأمل شرايط التناقض وأن من جملتها اتحاد الجهة وأما ما ذكر من مذهب الكعبي أنه يجوز لن يكون الشئ الواحد واجب وحراما ثم التمثيل بالزنا واللواطة إذا أكره عليهما بالقتل ولا يظهر فيه الوجوب أيضا نعم التمثيل بشرب الخمر لمن غص باللقمة صحيح فإنه واجب حرام ولكن الجهة فيه أيضا مختلفة فلا يكون غير مذهب الشافعي انتهى وأقول أن المصنف قدس سره لم يدع ثانيا لزوم التناقض فيما له جهتان مطلقا كما توهمه الناصب المجبول على الشغب ورتب عليه غاية الحماقة وسوء الأدب بإظهار التعجب والعجب بل فيما له جهتان متلازمتان لا ينفكان والحال في الصلاة في الدار المغصوبة كذلك بيان في ذلك أن إيجاب الفعل من جهة يقتضي جوازه من تلك الجهة وهو يقتضي جواز ما يلازمه وهو الذات من الجهة التي ما كانت حراما لأن تجويز اللزوم مستلزم لتجويز لازمه إذا علم اللزوم كما هو شأن الأمر الذي هو الله سبحانه والتحريم يقتضي عدم جوازه من تلك الجهة فيلزم اجتماع النقيضين من جهة واحدة وتفصيل الكلام في المرام ما ذكره المصنف في كتاب النهاية حيث قال متعلق الأمر والنهي إن اتحدا لزم تكليف ما لا يطاق والخصم يسلم أنه ليس من هذا الباب فإن تغايرا فإن تلازما كان كل منهما من ضرورات الآخر والأمر بالشئ هو بما لا يتم ذلك الشئ إلا به ويعود المحذور وهو كون متعلق الأمر والنهي واحدا وإن لم يتلازما صح تعلقهما بهما معا إجماعا وهو غير صورة النزاع لايق يجوز انفكاك أحدهما من الآخر في الحكم إلا أنهما في الصورة المعينة يتلازمان لأنا نقول فيكون المأمور به
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»