إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣٢٤
بالاخورة وغير ذلك من الفضايل الحجة حجة وقد روى صاحب الجمع بين الصحاح الستة أن قوله تعالى كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله إلى قوله إن الله عنده أجر عظيم نزل في حق علي ع وفي الجمع بين الصحيحين قوله ع أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي من بعدي ولا شك أن قول هارون حجة فكذا قول من ساواه في المنزلة وفي مسند أحمد بن حنبل أني دافع الراية غدا إلى رجل يحبه الله تعالى ورسوله ويحب الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله له وإنما يصح محبه الله تعالى مع انتفاء المعصية منه وفيه قال رسول الله ص الصديقون ثلاثة حبيب بن موسى النجار وهو مؤمن آل ياسين وخرقيل مؤمن آل فرعون وعلي بن أبي طالب الثالث وهو أفضلهم فكيف يكون صديقا ولا يحتج بقوله هذا من أغرب الأشياء وقوله في خبر الطاير اللهم أتيني بأحب الناس إليك يأكل معي فجاءه علي ع مروي في الجمع بين الصحاح الستة انتهى وقال الناصب خفضه الله تعالى أقول الحجة ما يكون من الشارع إما قوله أو فعله أو تقريره وصاحب الشرع هو الله تعالى ورسول وصاحب الشرع إذ جعل شيئا حجة يكون حجة ولا مدخل لصدق الشخص ولا عصمته من الكذب والذنوب ولا فضايله وعلمه وشجاعته في كون قوله حجة فعلى هذا يكون قول الله حجة لأنه صاحب الشرع وقول رسول الله (ص) أو فعله أو تقريره يكون حجة لأنه أيضا صاحب الشرع وأما قول غيرها فلا يكون حجة إلا أن يقول الله ورسوله أن قوله حجة فالاجماع حجة لأن الله تعالى جعل اتباع غير سبيل المؤمنين موجبا لدخول النار فالأمر باتباع سبيل المؤمنين واقع من الله والاجماع سبيل المؤمنين فيكون اتباع الاجماع واجبا فيكون حجة وأما القياس فلقوله تعالى فاعتبروا يا أولي الأبصار والقياس هو الاعتبار في الأحكام الفروعية فيكون حجة لأنه مأمور به وأما غير هذه الأدلة الأربعة فما ثبت أن الله تعالى ورسوله جعلاه حجة فهو ليس حجة وأما ما ذكر أن إجماع العترة حجة ماذا أراد من العترة فإن المراد به عليا كما يدل دلته عليه فهو أحد من العترة ومن أكابر الصحابة وعلمائهم ومن أعاظم الخلفاء وقوله في الاجماع حجة لأنه من أهل الحل والعقد و عصمته وطهارته وفضائله وعلمه كلها مسلمة واجتهاده معتبر وأما كون مجرد قوله إذا خالفه جمهور الصحابة فليس بحجة موجبة لهجران ساير الأقوال غير قوله كقول الله تعالى وقول رسوله لأنه ليس صاحب الشرع ولا قال فيه صاحب الشرع إن قوله حجة فكيف يكون حجة وما استدل به من كونه معصوما أو واجب التصديق لصدقه والجزم بعدم كذبه فكلها من فضايله ولا يقتضي أن يكون قوله حجة لما ذكرنا أن الحجة قول صاحب الشرع أو من قال فيه صاحب الشرع إن قوله حجة وأما من وجه كونه صحابيا أو خليفة يكون قوله من الدلايل الغير المتفقة عليها فإن بعضهم ذهبوا إلى أن قول الصحابي حجة كما هو مذكور في بعض الكتب و أما غيره من العترة فعدم كون قولهم حجة فبالطريق الأولى فإجماع العترة لا يكون حجة وإن كانوا صادقين وإن سلمنا أنهم معصومون لما علمت وأما ما ذكر أنه ساوى هارون وقول هارون حجة فتقول لا يساويه في النبوة لأنها مستثناة وكون قول هارون حجة لنبوته وهذا منتف عنه وما ذكره وسيذكره من فضايله وفضايل لعترة لا يثبت مدعاه وهو كون قولهم حجة انتهى وأقول فيه عناد وفساد وإفساد من وجوه أما في قوله الحجة ما يكون من الشارع إلى قوله ولا مدخل لصدق الشخص ولا عصمته من الكذب والذنوب وعلمه اه فلان الحجة وإن كان فيما يكون من الشارع لكن الاتصاف بالعصمة والعلم جعل الشارع حجة ولهذا ترى العلم والصدق من الصفات الحقيقية للواجب تعالى وأجمع أهل الملل والشرايع كلها على وجوب عصمة الأنبياء عن تعمد الكذب في دعوى الرسالة وجميع ما يبلغونه من الله تعالى إلى الخلايق كما ذكر في المواقف وقال القاضي البيضاوي في كتاب المصباح ما لخصه الشارحون للمنهاج وهو أن الأنبياء حجج الله على خلقه فإنهم بعثوا القطع حجج العباد قال تعالى لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل والحجة إنما يلزم بقول من يوثق به ويعتمد عليه وهذا إنما يكون لو كان حال التبليغ طاهرا عن الكدورات النفسانية منزها عن الظلمات الجسدانية غير مبتلى بالهيات الردية الهيولانية وأيضا أكثر أدلة حجية الاجماع من قوله تعالى جعلناكم أمة وسطا أي عدلا وقوله ع لا يجتمع أمتي على خطأ إلى غير ذلك صريح في أن المناط في الحجية هو العصمة عن الخطأ فظهر بطلان ما ذكره الناصب المعاند من أنه لا مدخل لصدق الشخص ولا عصمته من الكذب في كون قوله حجة وأما اشتراط العلم فطاهر ويدل عليه قوله تعالى ما اتخذ الله وليا جاهلا ولو تنزلنا عن ذلك نقول إن صاحب الشرع جعلهم حجة وأقوالهم وأفعالهم مطاعة لقوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم الآية والمراد بأولى الأمر أمراء الحق كما صرح به صاحب الكشاف وغيره بل المعصومون كما اعترف به فخر الدين الرازي إمام الناصب في هذا المقام من تفسيره الكبير حيث قال أنه تعالى أمر بطاعتهم على سبيل الجزم فوجب أن يكون معصوما لأنه لو احتمل إقدامه على الخطأ والخطأ منهى عنه لزم اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد وأنه محال ثم ذلك المعصوم أما مجموع الأمة أو بعضها على ما تقوله الشيعة من أن المراد بهم الأئمة المعصومون أو على ما زعم بعضهم أنهم الخلفاء الراشدون إلى آخر المقال وهذا أيضا حجة قاطعة راغمة لأنف الناصب كما لا يخفى ولو تنزلنا عن هذا أيضا نقول لعل المصنف قدس سره بنى فيما ذكره ههنا على قاعدة عول عليها الخصم وقررها الشارح العقد في إثبات حجية إجماع أهل المدينة وهي قضاء العادة بامتناع اجتماعهم من عبر راجح فإن تلك القاعدة أولى بالاستعمال في اجتماع العترة المعصومين من أهل البيت عليهم السلام كما لا يخفى و ح يكون مقصوده الأصلي من ذكر الآية إثبات العصمة ويلزمه كونهم أقوى مرتبة من غيرهم وكذا المراد من ذكر الأحاديث إثبات رجحان مرتبتهم على غيرهم فإن حديث المنزلة مثلا يدل على أن مرتبة هارون ع كان أقوى من مرتبة غيره من أصحاب موسى ع فيكون مرتبة علي ع أقوى من مرتبة غيره من أصحاب النبي ص وإذا ثبت عصمة أهل البيت ورجحان مرتبتهم كان اتفاقهم عن راجح وامتنع أن يكون متمسك غيرهم أرجح من متمسكهم وأنهم مع عصمتهم وعلو مرتبتهم في العلم والفضل ومطالعتهم للوح المحفوظ كما قرؤه الشيخ ابن حجر في شرح صحيح البخاري امتنع أن لم يطلعوا على ما اطلع عليه من هو أدنى مرتبة بمراتب كثيرة وقد ورد في الأمثال السايرة أن أهل البيت أبصر بما في البيت ما فهم وقال القاضي نظام الدين الاصفهاني الشافعي في شرح المنهاج بعد نسبة ما ذكره فخر الدين الرازي في هذا المقام ردا على حجة الشيعة إلى التعصب وأقول لا شك أن أهل البيت في مهبط الوحي والنبي (ص) كان مدة حياته مهما بترتيبهم وإرشادهم غاية الاهتمام فكل ما قالوا به واتفقوا عليه يكون أقرب إلى الحق والصواب وأبعد عن الخطأ والفساد وهذا المقدار كاف في إفادة المراد انتهى وأما قوله أن المصنف أراد من العترة عليا ع ففساده ظاهر لما
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»