في الصورة الخاصة منهيا عنه وهو محال وأما الصلاة في الدار المغصوبة فإنها باطلة وإلا لزم تكليف ما لا يطاق والتالي بط إجماعا إلا عند من جوز التكليف بالحال فالمقدم مثله بيان الشرطية أن الصلاة مركبة من أمور أحدها الحركة والسكون وهما مشتركان في حقيقة الكون أعني الحصول في الخير وشغله وهذا الشغل منهى عنه فأحد أجزاء هذه الصلاة منهي عنه فيستحيل أن تكون هذه الصلاة مأمورا بها لاستلزم الأمر بالمركب الأمر بأجزائه فيكون هذا الجزء مأمورا به منهيا عنه والصلاة لا يكون مأمورا بها نعم الصلاة مأمور بها ولا نزاع فيه بل في هذه الصلاة انتهى والحاصل إنا إنما ذهبنا إلى بطلان الصلاة في الدار المغصوبة لأن الأمر بالصلاة المعينة أمر بأجزائها التي من جملتها الكون المخصوص الذي هو الحركة والسكون المعنيان وهذا الكون منهي عنه فأحد أجزاء الصلاة منهي عنه مع الأمر بأجزائها أجمع والصلاة وإن انفكت عن الكون المعين إلا أن الصلاة المعينة غير منفكة عنه والكلام إنما هو في الأمر الواحد بالشخص وبهذا الاعتبار ظهر الفرق بين الصلاة في الدار المغصوبة والخياطة في المكان المنهي عنه فإن الخياطة مما لا يعتبر في العرف واللغة شئ من الكون المخصوص جزءا له بل الخياطة غير الدخول في الدار فلا تلازم بينهما وكذا ظهر الفرق بينهما وبين الصلاة في الأمكنة المكروهة إذ النهي عن الأمكنة المكروهة نهي عن وصف منفك عن الصلاة كالتعريض لنفار الإبل في المعطن والتعريض لحظر السيل في الوادي ومنع المار في الجادة وشبهها وهي أمور خارجة عن الصلاة لازمة لها فلا يكون الأمر بها منافيا لكراهتها أو استحبابها بخلاف ما نحن فيه فإن الصلاة عبارة عن الكون المخصوص كما عرفت وهو منهي عنه في الدار المغصوبة فلذا لا يصح هذه دون تلك ولنعم ما قال ابن قدامة الحنبلي في كتاب المعنى حيث قال إن النهي عن الصلاة في المكان المغصوب يقتضي تحريم الفعل واجتنابه والتأثيم بفعله فكيف يكون مطيعا بما هو عاص به مثلا بما هو محرم عليه متقربا بما يبعد به انتهى وأما ما ذكره الناصب من غلط النسخة في تقرير مذهب الكعبي فهو دليل على دنو كعبه في الأصول أو مخالفته لشيخه الأشعري في تجويز التكليف بالمحال وبالجملة قد ذكر في كتب الأصول ومنها المختصر لابن الحاجب أن من يجوز التكليف بالمحال يجوز كون الشئ الواحد واجبا حراما معا ويجوز أن يكون الكعبي من المجوزين لذلك والمثال الذي ذكره المصنف صحيح مطابق غاية الأمر إذا الحكم بالجمع بين وجوب الزنا والمنه؟؟ منه مثلا لم يقع من الشارع فالحكم بغلط النسخة غلط كما لا يخفى قال المصنف رفع الله درجته البحث السابع في أن الكفار مخاطبون بالشرايع ذهبت الإمامية وجماعة من الجمهور إلى أن الكفار مخاطبون بالشرايع أصولها وفروعها كما أنهم مخاطبون بالإيمان وذهب أبو حنيفة إلى أنهم مخاطبون بالإيمان لا غير وأنهم غير مكلفين بشئ من الشرايع أصولها وفروعها وقد خالف في لك العقل والنقل أما العقل فلان المقتضي لوجوب التكليف وهو الزجر فعل القبايح والبحث على فعل الطاعات واشتماله على اللطف ثابت في حق الكافر كما هو ثابت في حق المسلم فيجب اشتراكهما في المعلول وأما النقل فقوله تعالى فويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة ذمهم على ترك الزكاة وقوله تعالى فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى وقوله تعالى ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين وقال الله تعالى ومن يفعل ذلك يلق أثاما وأشار إلى ما تقدم من الشرك وقتل النفس والزنا ولأنه لو كان حصول الشرط الشرعي شرطا في التكليف لم يجب الصلاة على المحدث ولا قبل النية ولا أكبر قبل الله ولا اللام قبل الهمزة وذلك معلوم البطلان بالإجماع ولزم أيضا أن لا يعصى أحد ولا يفسق لأن التكليف مشروط بالإرادة والفاسق والعاصي لا يريدان الطاعة فلا يكونان مكلفين بهما فينتفى الفسوق والعصيان والكفر وهو باطل بالإجماع انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول هذه مسألة اختلف فيه المجتهدون ولا بد من تحرير محل النزاع أو لا فنقول المراد من تكليف الكافر بالشرايع ماذا فإن أريد به أن الشارع يأمرهم ويدعوهم إلى الشرايع فلا شك أن هذا مخصوص بأصول الشرايع لا الفروع فإن الشارع لم يحكم على الكافر أن يصلي أو يصوم قبل قبول الإيمان والاعتقادات التي هي أصول الشرايع لأن تحقق الصلاة والصوم قبل الإيمان منهم محال فهم مكلفون بأصول الشرايع بهذا المعنى كما ذهب إليه أبو حنيفة وإن أريد به أنهم يعذبون في الآخرة بترك فروع الأعمال كما يعذبون بترك أصولها فهذا مذهب الشافعي وعلى هذا يحل الآيات كما سيأتي ولو كان مذهب الإمامية الكافر يقال له صل وصم قبل قبوله الإيمان فهذا مذهب باطل لأنه من باب التكليف بتحصيل المشروط بدن وجود الشرط لأن شرط صحة الصلاة هو الإيمان وأما ما ذكر أن أبا حنيفة خالف في ذلك العقل و النقل فهو باطل قوله أما الفعل فلأن المقتضي لوجوب التكليف وهو الزجر عن فعل القبايح والبعث على فعل الطاعات واشتماله على اللطف ثابت في حق الكافر قلنا هذا مبني على الحسن والقبح العقلي وهما باطلان عندنا وأيضا مبني على وجوب اللطف وهو أيضا باطل كما بينا في علم الكلام قوله وأما النقل فللآيات قلنا قد ذكرنا أن الآيات تعيد تعذيب الكفار في الآخرة بترك الفروع وهو مسلم ولا يدل على تكليفهم في الدنيا بالفروع قبل قبول الإيمان انتهى وأقول سخافة ما موه به من النقض والابرام ظاهر جدا أما قوله فإن الشارع لم يحكم على الكافر أن يصلي ويصوم قبل قبول الإيمان اه فلأنه تكذيب صريح لصرايح القرآن وصريح مذهب الشافعي أما الأول فلأن قوله تعالى ولله على الناس حج البيت ليس معناه إلا حجوا وقوله وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ليس معناه إلا صلوا وزكوا فهما عامتان شاملتان للكفار والتخصيص بالمؤمنين خلاف الأصل والظاهر ومن آيات الخصوص قوله تعالى فويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة أوعدهم على ترك الزكاة وهز من الفروع الشرعية وذلك دليل وجوبها عليهم لأنه لو لم يجب لم يرتب الوعيد على تركها وكذا الكلام في باقي ما ذكره المصنف من الآيات وأما الثاني فلتصريح القاضي البيضاوي في المنهاج بذلك حيث قال الكافر مكلف بالفروع خلافا للحنفية لنا أن الآيات الآمرة بالعبادة يتأولهم اه وهل معنى كون الآيات آمرة إلا أن يأمرهم ويقول لهم صلوا أو صوموا أو نحوهما وأصرح من ذلك عبادة الشارح العضد حيث قال لا يشترط في التكليف بالفعل حصول الشرط الشرعي لذلك بل يجوز التكليف بالفعل وإن لم يحصل شرطه شرعا خلافا لأصحاب الرأي وأبي حامد الأسفرايني والمسألة مفروضة في بعض جزئيات محل النزاع وهو تكليف الكفار بالفروع مع انتفاء شرطها وهو الإيمان حتى يعذب بالفروع كما يعذب بالإيمان انتهى وبهذا يظهر بطلان ما ذكره من أن معنى تكليف الكفار بالفروع أنهم يعذبون إلى
(٣٢٠)