إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣١١
يضل الله من يشاء آه ففيه أن الاضلال يستعمل في معان قد فضلناها سابقا ومها الاهلاك والعذاب والتدمير وقد قلنا سابقا أيضا أن قوله تعالى يضل من يشاء مستعمل في هذا المعنى أي الله تعالى يهلك ويعذب بالكفر من يشاء من الذين ضلوا عن الثواب وطريق الجنة بسببه فيهلكوا وكل ما في القرآن من الاضلال المنسوب إلى الله تعالى فهو بمعنى ما ذكرناه من الوجوه ولا يجوز أن يضاف إلى الله تعالى الاضلال الذي أضافه إلى الشيطان وإلى فرعون والسامري بقوله ولقد أضل فرعون قومه وقوله وأضلهم السامري وهو أن يكون بمعنى التغليط والتلبيس والتشكيك والإيقاع في الفساد والضلال وغير ذلك مما يؤدي إلى الظلم والجور تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وبهذا ظهر أنه لا دلالة لصرايح ما ذكره الناصب وأما ذكره من أن قول الجبائي ومن شك في كفره فهو كافر يدل على غاية تعصبه وأنه لم يكفر لأجل الخطأ في الاعتقاد آه فغير مسلم ولم لا يجوز أن يكون معتقد البداهة ذلك على وجه لا يعذر القايل بذلك ولا السامع الشاك فيه وهل هذا الاجتهاد أدنى مرتبة في الصحة من اجتهاد طلحة وزبير وعايشة ومعاوية في بغيهم وخروجهم على إمام الزمان بشبهته الاحتساب عن قتلة عثمان كما صححه الناصب سابقا وحكم لهم بالخطأ الموجب للثواب دون الإثم والعقاب فكيف يكفر الجبائي بذلك مع عدم تفسيقه لهؤلاء بكفرهم الصريح لقوله (ع) يا علي حربك حربي وسلمك سلمي إلى غير ذلك من أدلة النقل والعقل وأما ما أنشده من البيتين فهما في محاذاة بيتين ذكرهما الزمخشري في الكشاف وقد أحرق بهما جاعرة الأشاعرة وجاعتهم الفاجرة المتلسمين؟ بأهل السنة والجماعة حيث قال شعر لجماعة سمو اهواهم سنة وجماعة حمر لعمري موكفه قد شبهوه بخلقه وتخوفوا شنع الورى فلستتروا بالبلكفة وقد أجاب عنه جماعة من أهل السنة والجماعة على ما نقل في تفسير القاضي البيضاوي وحاشية الكشاف للفاضل التفتازاني وقد تصديت الرد عليها قبل هذا بأبيات لطيفة فنذكرها مع ما سنح لي من الرد عليها ثم نذكر ما أنشده الناصب ونعارضه بما سنح لنا عند تحرير هذا المقام بديهة فالذي ذكره القاضي من أجوبة أصحابه هو ما قيل شعر عجبا لقوم ظالمين تلقبوا بالعدل ما فيهم لعمري معرفة قد جاءهم من حيث لا يدرون تعطيل ذات الله مع نفي الصفة فقلت في معارضته ورده شعر عجبا لجمع خربوا سنن النبي فتلقبوا بتسنن للمعرفة قد جاءهم من حيث لا يدرونه كفر المجوس بقولهم قدم الصفة قد لزم التعطيل إذ لم يفهموا نفي الصفات فما لهم من معرفة وأجاب كمال الدين مظفر من أهل السنة بقوله شعر لجماعة كفروا برؤية ربهم ولقائه حمر لعمري مؤكفه هم عطلوه عن الصفات وعطلوا عنه الفعال فيا لها من منكفه هم نازعوه الخلق حتى أشركوا بالله زمرة حاكة واساكفة هم غلقوا أبواب رحمته التي هي لا يزال على المعاصي موكفة لهم قواعد في العقايد رذلة ومذاهب مجهولة مستنكفة فالله أمطر من سحاب عذابه وعقابه أبدا عليهم أو كفه وقلت أيضا في معارضته ورده شعر لجماعة قالوا برؤية ربهم جهرا هم حمر لعمري مؤكفه؟ قد خيلوا في الصفات معطلا عنه الفاعل فما لهم من معرفة وتمجسوا في الدين بل صاروا أضل إذا ثبتوا قدماء تسعة في الصفة هم وصفوه بأفعال قبيحة قد يأباه زمرة حالكة واساكفه بالجبر قد فتحوا باب المعاصي إذ لولاه كان الخلق عنها موكفة لهم مسايل في العقول سخيفة ومذاهب مردودة مستقذفة يحشو كتاب الله من تأويلهم لعلى وجوههم ترابا موجفة وكذا تبكي الأحاديث التي استوضعوها نصرة نلفقة؟
فالله أمطر من سحاب عذابه وعقابه أبدا عليهم أو كفه وأجاب شمس أئمتهم الكروري بقوله أوليس يعلم ربنا بالبلكفة؟ لا بد من تسليمها في المعرفة أولا فتكذيب النصوص وعجزه لكن أبواب الهداية موجفة وقلت أيضا في رده شعر أولست تعليم أن علم الهنا قد تابع المعلوم عند المعرفة فالعجز والتكذيب ليس بلازم إلا لناقص عقلك يا كامل السفه وأجاب القاضي البيضاوي بقوله الجور والشرك عين الاعتزال فلا يغررك دعواهم عدلا وتوحيدا قد أشركوا الخلق بالخلاق حيث قضوا للعبدان يجعل المعدوم موجودا وقلت في رده أيضا شعر الجور والشرك شأن المجيرين فلا يعررك دعواهم الإسلام والدنيا قد أثبتوا التسع اربا بالهم فراؤ جواز تعذيب ذا الرب النبينا وقلت أيضا في رده بوجة آخر أمامك خال عن شهور وفطنته وإن كان يدعى شعير با مجهرة لقد ظن توحيدا وعدلا مؤديا بشرك وجور من قصور لفطرة ولو كان إشراك الخلايق مطلقا مع الرب شركا فهو عالم البينة وإلا فلا إشراك لو قال قايل بإيجادهم بعض الأمور بقدرة وقد أنشدت في رد الناصب مخاطبا له شعر يا من هويت جماعة قد صدقوا في النصب انصابا ثلثا بهة أثبت تسعا من قديم مضعفا ما للنصارى من ثلث آلهة هذا وما أشار إليه في شعره المذكور من أن الإمامية والمعتزلة أشركوا العباد مع الله تعالى قي قولهم بأن أفعال العباد مخلوقة لهم كلام ساقط قدموه به الفاضل التفتازاني في شرحه على العقايد حيث أورد على نفسه في بحث الكسب بقوله فإن قيل قد أثبتم بإثبات كسب العبد لفعله ما نسبتم إلى المعتزلة من إثبات الشرك ثم أجاب عنه بقوله قلنا الشركة أن يجتمع اثنان على شئ واحد وينفرد كل منهما بما هو له دون الآخر كشركاء القرية والمحلة وكما إذا جعل العبد خالقا لأفعاله والصانع خالقا لساير الأعراض والأجسام بخلاف ما إذا أضيف المرى شيئين بجهتين مختلفتين كالأرض يكون ملكا لله تعالى بجهة التخليق وللعباد بجهة ثبوت التصرف وكفعل العبد ينسب إلى الله تعالى بجهة الخلق وإلى العبد بجهة الكسب انتهى ويتوجه عليه أن الشركة بالمعنى الذي ذكره حاصل فيما نحن فيه أيضا على طريقتكم لأنه اجتمع الخالق والكاسب في الأفعال وانفرد الواجب بالخلق والكاسب بالكسب ولا يرد أن الكسب أمر اعتيادي لأن مسألة خلق الأعمال شامل للأمور الاعتبارية ولهذا جعلوا الكفر من أفراد هذه المسألة وأيضا نقول لا يخ أما أن يراد من الشركاء المفردين بكل المنفردين بكل المنفردون لوجوه حيث لا يحتاج أحدهم إلى الآخر بوجه من الوجوه حتى بالدرهم الذي اتفق كونه بسبب تمليك حضته مثلا والأعم من أن يحتاج بهذا الوجه أو لا يحتاج فإن كان الأول فالشركة غير منحصرة فيه لأن زيد الوتكدى من عمر وردها واشترى به قرية بمشاركته فهو شريك له بلا شبهة وإن كان الثاني فلا تم عدم شركة العبد مع الله تعالى إن كان الصرف والكسب من العبد ولا ينافي الشركة لما عرفت وأن يكن فالجبر المحض واقع لا محالة
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»