إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٣١٦
بذلك أليم العذاب وأما حديث مطلع قرن الشيطان فإنما ذكره المصنف سابق رواية عن أصحاب الناصب وإنما يدل على خروج فتنة أثارها عايشة بأعوان الشيطان من ذلك البيت ولا يلزم منه أن كل من خرج من ذلك البيت يكون شيطانا وإلا لزم من حمل ذلك على ناحية المشرق كما حمله عليه الناصب أن يكون كل نبي أو ولي أو غيرها خرج من الشرق إلى الغرب شيطانا أيضا فما هو جوابه عن هذا فهو جوابنا عن ذلك على أن الناصب منع سابقا كون البيت الذي سكنتها عايشة بنت رسول الله (ص) فكيف يشنع عليه ههنا بأنه قال لبيت رسول الله (ص) أنه مطلع قرن الشيطان ومن بدايع الاتفاقات التي لا تستهان ما اشتهر بين أهل أصفهان أن الدجال المشتهر الموعود اللعين المردود ثم حمده الله تعالى بما توسمه من تفضيحه للإمامية وإهراق دمائهم بسنان أقلامه وقطع رقبة المصنف بمقضاب كلامه يشبه بحد خليفته يزيد اللعين واستبشار غيره من الملاعين بقتل الحسين (ع) غير مميز عن غاية الجهل والعصبية بين موضع حمد العطية و مقام التعوذ لنزول البلية مع أن ذلك مما غالطه به الشيطان أو شبه عليه من جانب الرحمن فإن تفوق المصنف على أقرانه بين وجهده وجهاده في الدين المبين مبين ولا تظنن أن كلم قلمه الملساء هين لأنه كالحية الرقشا لمسها لين والموت من لسعتها معين بطشه شديد ومرماه بعيد قد شيد الله أعضاد فضله لإغراق القوس المعنوي وأهدى رواشق سهامه إلى قلب كل ناصب غوي فكيف يصل إليه سنان قلم الناصب القاصر المريد وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وكيف يتوقع النفوذ والثبوت من شوك منحوت بيد مبهوت مسبوت يذهب عنه مقاصده ويفوت وينج عليه أمور واهية كبيت العنكبوت أو كيف يترقب إقامة الحجة وإيضاح الحجة من صحفي يرسم صور أو نقوشا بلا بهجة نعم ربما يعزم القلم على إثارة الفتنة والقتال وإراقة دماء فرسان الجدال لكن في أيدي الأبطال لا في كف كل مدبر تولى الدبر في القتال ويتأسى بما فعل أسلافه في خيبر وحنين من فرارهم مسيرة رأي العين ورجوعهم بخفي حنين فأحمد الله الذي فضح الناصب وأصحابه بسقوط مقدماتهم ومباديهم وأهرق دمائهم بسنان أقلامهم وخرب بيوتهم بأيديهم حيث استدرج الناصب إلى التعصب لهم والتصدي لإصلاح كلامهم بما زاد به ظهور اختلال نظامهم وانحلال زمامهم وازداد بواعث طعنهم وملامهم وأشكره على أن جعلني مظهر هذا الظهور وأضاء بشوارق فواضب أقلامي غواسق أباطيل الجمهور ووفقني لتسويد سطور اعترف بها الرمح للقلم وتأليف زبور تبارى أنوار مغانيها النار في رأس العلم ناصبا فؤادا لناصته غرضا للنضال راشقا عليهم صوايب السهام والنبال مبينا أن ما ذكره الناصب من إهراقه دماء الشيعة بسنان أقلامه أو قطعه رقبة المصنف بمقضاب كلامه إنما هو من أضغاث أحلامه لكثرة توقعه ذلك في خارج منامه ولقد ظهر للناظر من صولتنا الحيدرية الموروثة من صاحب ذي الفقار وجولتنا الحسينية التي يداس بها ظهر الخصم والفقار بوميض يماني يخطف سنا برقه بالأبصار وحجج بيض إيماني تسود وجوه النواصب الفجار الذين صار قلوبهم من الآصار قاران سيف الناصب المحيل النخشي خشبي وسنان قلمه شوك عشبي يعجز عن خرق زق الماء بل يقصر عن النفوذ في أرق الهواء فكيف بسيفك به الدماء أو يضرب به رقاب الدهماء من يفر لغية جبنه عن الإماء وقد وقع الفراغ بتوفيق الملك العلام في الكلام على قسم الكلام عن مجاهدة الدجال الناصب السفياني الذي أخذ العلم من حيال مخدرات الحجال ودمرنا على ما بسطه من الحبال وأسسه من المحال بحيث لم يبق لتصلفه فيه مجال والآن نشرع في هتك أستار تمحلاته في أصول الفقه وسيعلم الناظر على قياس ما علمه في قسم الكلام أن الإمامية في كثير من كليات أصول الفقه مخالفون للفقهاء الأربعة وأن مداد الناصب هناك أيضا على ارتكاب التمويه والكذب والمكابرة والتزام اللوازم الباطلة الفاجرة كما هو دأب أصحابه من الأشاعرة عند عجزهم عن المناظرة وأما ما ذكره الناصب من أن جميع المذاهب الأربعة في هذا الأمر واحد وإن كان لا يتعلق غرضنا بنفيه وإثباته لكنه باطل في نفسه لا يكاد يصح إلا على طريق ما ورد من أن الكفر ملة واحدة وإلا فافتراق كلمتهم وإنكار بعضهم بعضا مما لا يخفى على المتتبع لأحوالهم فإن الغزالي في المنحول وشيخه أبا المعالي في رسالة مغيث الخلق قد ذكروا في شان أبي حنيفة وآرائه السخيفة ما لا يقصر عن نسبته إلى الكفر والحنفية قد كفروا الأشعري كما ذكره إمامهم الزاهدي في تفسير قوله تعالى ولولا أن تصيبهم مصيبة الآية وذكر اليافعي وابن كثير الشامي وغيرهما في تواريخهم أن الحنفية قد ألزموا علما الشافعية في أيام دولة السلطان طغرل السلجوني الحنفي أن يلعنوا شيخهم أبا الحسن الأشعري على منابر الري والشام وربما ترى بعض الحنفية يستنكف عن إطلاق أهل السنة على الشافعية فيقول في تأليفه قال أهل السنة كذا وقال الشافعي كذا فعلى هذا كيف يصح قول الناصب أن الأمر بينهم واحد ولكنها مذهب أهل السنة اللهم إلا أن يكونوا قد تصالحوا وتعاضدوا في زمان الناصب لمقاومة الشيعة الإمامية لكنا نثق بلطف الله وكرمه أن يفرق كلمة أهل النفاق ولا يوفقهم للوصول إلى ساق الاتفاق ولو التفت الساق بالساق وإليه المرجع والمساق قال المصنف رفع الله درجته المسألة السابقة فيما يتعلق بأصول الفقه وفيه فصول الأول في التكليف وفيه مباحث الأول في الحكم مذهب الإمامية أن الحكم هو الوجوب أو الندب أو الإباحة أو الكراهية أو التحريم المستند إلى صفة تقع الفعل عليها يوجب أحدها وقالت الأشاعرة حكم الله تعالى خطابه المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير فلزمهم التناقش وقول المحال أما التناقض فلأن الحكم حادث لتعلقه بالمكلف الحادث ولأنه يصدق حلت المرأة والجارية بعد أن لم تكن وحرمت بعد أن لم تكن ولأنه معلل بأفعال المكلف كالطلاق والبيع وغيرهما ويتعلق بتجدد الأوقات فيق إذا زالت الشمس أو غربت وجبت الصلاة وقبلهما لم تكن واجبة والخطاب كلام الله تعالى وكلامه قديم فيكون قديما حادثا وهو تناقض وأما المحال فلأن الحكم أمر يرجع إلى الفعل وصفاته فيق هذا فعل واجب أو حرام أو مباح إلى غير ذلك وكلام الله صفة قائمة بذاته عندهم وعندنا أنه عبارة عن حروف و أصوات قائمة بالأجسام لا مدخل للأفعال في حلولها فيها انتهى وقال الناصب خفضه الله تعالى تحقيق تعريف الحكم أنه خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير لا الوجوب وأخواته لأن الله تعالى حاكم فلا بد أن يكون الحكم صفة والألم يكن حاكما والوجوب وأخواته ليست صفة لله تعالى بخلاف
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»