القبطية في يوم عايشة واستكتمها وما روي من أنه (ص) كان يكثر ذكر خديجة (رض) حتى غارت عايشة عن ذلك أيضا إلى غير ذلك مما أنطق الله به لسان محدثي القوم وأما ما ذكره من أن إرادة الزبير للحجر على عايشة يدل على كثرة عطائها وبسط يدها في العطية فمن أعجب الأمور لأنه يسمى الاسراف المذموم الصادر عن عايشة بحيث ذمها ابن أختها عبد الله بن الزبير ووافقه في الناس ببسط اليد المستحب المحمود ويحكم على غسل الرجل الذي دل على نص القرآن على وجوبه في الوضوء بكونه إسرافا مذموما مع كون الرجل أكثر تعلقا بالوسخ من الأعضاء الآخر وأشد احتياجا إلى التنظيف بالماء كما لا يخفى وأما قوله إن النبي (ص) أشار في حديث طلوع الفتنة بقوله ههنا إلى ناحية الشرق وقد اتفق إن حجرة عايشة على سمت تلك الناحية فالتعسف فيه ظلما أولا فلأن الرواي روى أنه (ص) أشار إلى نحو مسكن عايشة ومن البين أنه لو كان مراده (ص) نحو المشرق لقال الراوي وأشار إلى نحو المشرق وأما ثانيا فلأنه لم يكن حجرة عايشة مستوعبة لجهة مشرق بيوت النبي (ص) كلها وبهذا يتضح أنه صلى الله عليه وآله أشار لي تلك الحجرة إشارة مخصوصة بها كما فهم الرواي وإلا لما خص الإشارة بذلك وأما ثالثا فلأن لفظ ههنا للإشارة إلى المكان القريب كما قال الفراهي في نصاب الصبيان ثم اتجاههنا؟ اينجا؟ فلو كان مراده (ص) ناحية المشرق الذي وقع فيها وقعة الجمل ووقعة صفين وظهور حجاج بن يوصف في أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق كما ذكره القسطلاني أيضا لكان استعمال لفظ ههنا فيه خلاف مقتضى استعمال أهل اللسان ويشعر اشعار الطيف بأن المراد حجرة عايشة الواقعة في ناحية المشرق قول القسطلاني بعد ذلك وكان أصل ذلك كله وسببه قتل عثمان ووجه الإشارة ما عرفت عن قريب من أن عايشة كانت سبب قتل عثمان وكانت تحرض الناس على قتله فتقول اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا فتذكروا فهم إن كنت من أهل فطانة ولو صح بعض ما روي في إظهار النبي (ص) لحبه عايشة فلعله من قبيل ما روى البخاري عن عايشة أنه استأذن رجل على رسول الله (ص) في الدخول عليه فقال ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو بئس العشيرة فلما دخل لان له الكلام قالت عايشة قلت يا رسول الله (ص) قلت الذي قلت في الرجل ثم ألنت له الكلام قال إن شر الناس من تركه الناس اتقاء فحشه الحديث وأما قوله كيف يقال إن قرن الشيطان يطلع من حجرة عايشة مع أن رسول الله (ص) كان يخرج منها فهو كلام مموه على طريقة جواب من سأل شافعيا قليل التحصيل بمحضر جمع ممن اعتقدوا فضله عن الثلث الحماري من أشكال الهندسة فلما عجز عن بيانه لجهله وانفعل عن الحضار أجاب مشنعا عليه بأنك تسئلني عن المثلث الذي أحله الخنع فهو في مذهب الشافعي أيضا القول بأن الشيطان يخرج من جانب الشرق لأن النبي (ص) كثيرا ما خرج في غزواته من الشرق إلى الغرب وبالعكس وبطلانه مما لا يخفى وأما ما نسبه إلى المصنف من جرأته على حرم رسول الله (ص) فهو برئ منه لأن ذلك الحديث المشتمل على سوء أخلاق عايشة وإيراثها الفتنة بين الخلق مما رواه أصحاب الناصب من ثقات أهل السنة وتلقوه بالقبول و ذكروه في كتب الأصول فهم الذين أساءوا الأدب بالنسبة إلى حرم رسول الله (ص) وإنما نقل المصنف ذلك وأمثاله تشنيعا عليهم بأنهم يروون في حق حرم رسول الله مثل ذلك فإن كانوا صادقين فيلزم القدح فيها وإن كانوا كاذبين يلزم القدح فيهم ويحرم الركون إليهم وإلى أحاديثهم وإلى ما انفردوا به من المذاهب وقد تقرر أن نقل الكفر ليس بكفر ولو كان فلا يليق تكفيره من الناصب بل هو بذلك أولى كما عرفت وأما ما نقله من قوله (ص) يوم الإفك فإنما كان غرضه (ص) نفي ما صان الله تعالى أزواج الأنبياء (ع) عنه من الفاحشة دون البغي والخروج لإثارة الفتن المتعلقة بالبلاد والعباد والحرث والنسل والأولاد والحمد لله الذي جزى ابن المهر خير الجزاء بأن جعل مكانه بعد وفاته في جوار أمير المؤمنين (ع) وسيحشره معه يوم الدين وأخزى الناصب بعد الطرد والشرد إلى بلا الشرق الموسوم بما وراء النهر وأماته فيه بعد قليل من الدهر ودفنه في جوار خوارج النهر المبغضين لعلي (ع) بالجهر فمن ذلك الشرق يطلع قرن الشيطان الناصب في اليوم الحاصب ويغرق في الدرك الأسفل من العذاب الواصب قال المصنف رفع الله درجته أفلا ينظر العاقل بعين الإنصاف ويجتنب التقليد واتباع الهوى الاستناد إلى اتباع الدنيا ويطلب الخلاص من الله تعالى ويعلم أنه يحاسب غدا على القليل والكثير والفتيل والنقير فكيف يترك اعتقاده ويتوهم أنه يترك سدى أو يعتقد بأن الله تعالى قد قدر على هذه المعصية وقضاها فلا أتمكن من دفعها عني فبرئ نفسه قولا لا فعلا فإنه لا ينكر صدور الفعل عن الإنسان إلا مكابر جاحد للحق أو مريض العقل بحيث لا يقدر على تحصيل شئ البتة ولو كان الأمر كما توهمه لكان الله تعالى قد أرسل الرسل إلى نفسه وأنزل الكتب على نفسه فكل وعدا ووعيد جاء به يكون متوجها إلى نفسه لأنه إذا لم يكن فاعل سوى الله تعالى من أرسل الأنبياء وعلى من أنزل الكتب ولمن تهدد ووعد دقوعد؟ ولمن أمر ونهى ومن أعجب الأشياء وأغربها أنهم يعجزون عن إدراك استناد أفعالهم إليهم مع أنه معلوم المضار والمجنين والبهائم ويقدرون على صديق الأنبياء والعلم بصحة نبوة كل مرسل مع استناد الفساد والضلال والتلبيس وتصديق الكذابين وإظهار المعجزات على يد المبطلين إلى الله تعالى ولا يبقى علم ولا ظن بشئ من الاعتقادات البتة ويرتفع الجزم بالشرايع والثواب والعقاب وهذا كفر محض قال الخوارزمي حكى قاضي القضاة عن أبي على الجيائي أن المجبر كافر ومن شك في كفره فهن كافر ومن شك في كفره فهو كافر وكيف لا يكون كذلك والحال عندهم ما تقدم وأنه يجوز أن يجمع الله تعالى الأنبياء والرسل وعباده الصالحين في أسفل درك الجحيم ليعذبهم دائما ويخلد الكفار والمنافقين وإبليس وجنوده في الجنة والنعيم الأبديين وقد كان لهم في ذم الله متسع وفيمن عداه ممتنع وهلا حكى الله تعالى اعتذار الكفار في الآخرة بأنك خلقت فينا الكفر والعصيان بل اعترفوا بصدور الذنب عنهم وقالوا ربنا أرجعنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ربنا إنا أطعنا ساداتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا وما أضلنا إلا المجرمون ثم إن الشطان اعترف بأنه استغواهم وشهد الله بذلك فحكى عن الشيطان إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم
(٣٠٩)